لن يكف أمراء الجماعة عن خوض الحروب لصالح الآخرين بأبناء شعبنا الفلسطيني، في غزة وفي كل مكان يمكنهم الوصول إليه، وسيبقى معنى الاستراتيجية والمحاور التي يتحدثون عنها مجرد عناوين مثيرة لإخفاء ارتباطاتهم بأجندات ستجلب الويلات لشعبنا صاحب التجربة العظيمة في المقاومة الشعبية، فمن اتخذ الحق الفلسطيني مصدرًا للاسترزاق، فيعرضه بأبخس الأثمان في بورصة القوى الإقليمية!! ليس معنيًا بالتحرير والعودة، إلا إذا كانوا يقصدون تحرير الضفة الفلسطينية من سلطة منظمة التحرير الفلسطينية كما فعلوا مع غزة، والعودة بعد ذلك إلى تفسير: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها"!!! ثم يوزعون أوهاما جديدة على الشعب الفلسطيني تمكنهم من التسلط على رقاب الحركة الوطنية الفلسطينية، وتقديم رأسها على طبق من ذهب للولايات المتحدة ووكيلها الاستعماري إسرائيل، فهم يعلمون جيدًا أن المطلوب هو إلغاء التمثيل الشرعي النضالي التحرري الوحيد للشعب الفلسطيني، لكنهم لا يعلمون أن رؤوسهم ستسقط بعد تقديمهم هذه الخدمة المجانية؛ لأن المشروع الصهيوني سيبرر حملته الأفظع على الشعب الفلسطيني تحت عنوان (الصراع الديني) حيث سيجدون في منبت حماس (الإخوان المسلمين) ضالتهم لتبريرها.
تخلى رؤوس حماس عما كانوا يصنفونها كمبادئ وأهداف لجماعتهم مرة بخصوص التحرير "فلسطين من النهر إلى البحر"، ومرة تنكرهم لأصلهم (جماعة الإخوان المسلمين) فإذا نحن أمام جماعة مسلحة، رؤوسها لا يتوانون عن توجيه رصاص بنادقهم إلى صدور وأدمغة إخوانهم الفلسطينيين وتحديدًا الوطنيين! وللتفرغ لهذه المهمة وضعوا (الجهاد والمقاومة) في ثلاجة الموتى، وراحوا يتحدثون عن "التكتيك" والواقعية السياسية؟! ويستخدمون المصطلحات الكبيرة جدًا، كالاستراتيجية التي باتت حاضرة في خطابات إسماعيل هنية والسنوار ما بين كل كلمتين في خطابات عرمرمية ثبت أنها مجرد زوابع دخانية في فنجان.. فبينما أفتى بعض مشايخهم في تبرير الحنث بوعد يحيى السنوار بإطلاق (1111) صاروخًا حتى لا يتكرر مشهد جريمة المحتلين والمستوطنين المجرمين في الأقصى، جاء هنية ليكحلها فعماها كما يقال في المثل الشعبي، فيوزع الوهم مجانًا على اللاجئين الفلسطينيين في صيدا بجنوب لبنان بأن يوم (العودة) بات قريبًا جدًا، وأن التحرير بات قاب قوسين أو أدنى، يتحدث حتى كادت عروقه تنقطع من شدة التمثيل بالحماس، وكأن اللاجئين لا يعرفون أنه قد (خلع) من أرض فلسطين واختار عواصم التمويل مقرًا، فكيف لرأس جماعة هارب من الوطن بلا سبب أن يتحدث عن التحرير والعودة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ثم يعود أدراجه بعيدًا ألف ميل عن فلسطين؟!
تراهم يشتهون "الواقعية السياسية" برغبة جامحة، لكنهم كانوا قد حرموها وضجوا الدنيا بتفسيراتهم وتأويلاتهم المجبولة بمصطلحات دينية لتصبح مسلمات عند الجمهور لا تقبل النقد أو التفكير.. فيحاولون إقناع أنفسهم والتابعين والخاتمين بأصابعهم العشرة حتى على ضلالهم، بأنهم تجاوزوا تجربة (المراهقة السياسية)، فأتى خطاب إسماعيل هنية، ليثبت للقاصي والداني أنهم ما زالوا في (مرحلة الولدنة) غير البريئة، مرحلة يصبح الكذب على الناس فيها أسهل من شربة ماء (يحيى السنوار) إذا مرت دون حساب، وإذا افترضنا الشيب علامة عمرية على التجربة، فالمصيبة أن يعيش هؤلاء (جهلة وجهالة الكهول) التي يعتبرها علماء النفس أشد خطرًا على الذات والمجتمع من المراهقة وسلوكيات ما دونها (الولدنة).
وظف رؤوس حماس كل طاقاتهم البشرية والمادية لتكفير وتخوين حركة التحرر الوطنية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وركزوا ضرباتهم المتتالية والمسنودة من قوى إقليمية على حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" لاتخاذها الواقعية السياسية سبيلاً لاختراق جبهة المجتمع الدولي والشرعية الدولية، والعمل على تثبيت فلسطين في القانون الدولي، ووضعوا سيادة الرئيس محمود عباس، كهدف في حقل رمي وميدان لإطلاق نار ولم يوفروا سبيلاً للنيل من حياته إلا وسلكوه، وابتدعوا أوصافًا ومصطلحات وأطلقوها عليه يعجز الشيطان الرجيم عن تأليف مثلها!!
نحن على يقين بأن مشايخ فرع فلسطين لجماعة الإخوان المسلمين (حماس) في حالة استعصاء ولا يدرون كيفية إخراج التفسيرات المناسبة لتبرير دخولهم سبيلاً كانت تعتبر كل من يسلكه خائنًا وعميلاً وكافرًا!
*المصدر: الحياة الجديدة*
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها