مرّة أخرى ترفع جماهير غزة الهتاف ضد حركة "حماس"، الهتاف الطارد لها، والذي لا يريدها بين الناس، ولا يتعدَّى كلمة واحدة مكرّرة "برّة.. برّة" وهذا ما سمعناهُ يوم أمس الأول من جماهير القطاع المكلوم وهي تشيع جثمان شهيد الغربة د.تامر سلطان إلى مثواه الأخير.
عشرات الآلاف من المواطنين كانوا في مسيرة التشييع، وبصوت واحد قاموا بطرد عناصر "حماس" من هذه المسيرة بذلك الهتاف، العناصر الذين جاؤوا بمركبة إذاعة متنقلة لتصرخ بشعارات الفتنة والخديعة، فأسقطتها الجماهير المشيعة بالضربة القاضية لكلمة "برّة" لأنّها لا تريد للقاتل أن يمشي في جنازة قتيله.
بالطبع سياسات القمع والعسف التي لا تعرف سواها سلطة "حماس" في القطاع المكلوم، هي مَن يدفع بشباب غزّة إلى الهجرة نحو المجهول، والموت في الغربة، الهجرة التي يصفق لها محمود الزهار بعد أن سمع أنَّ (إسرائيل) على أتمِّ الاستعداد لتقديم كافة التسهيلات لمن يريد الهجرة من قطاع غزة!!!
الشهيد تامر سلطان كان واحدًا من أبرز نشطاء حراك "بدنا نعيش" الذي قمعته "حماس" بمنتهى العنف، ولأنَّ لسلطان عائلة من زوجة وثلاثة أطفال، ذهب ليبحث عن لقمة العيش الكريمة، والحياة الآمنة، بعيدًا عن سلطة القمع الحمساوية، وحتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.
ولا شكَّ أنَّها مشيئة العلي القدير أن يرحل تامر سلطان إلى السموات العلى، وهو في الغربة، ولا شك أن في ذلك رسالة ودلالة، أن الموت في الغربة بعد هجرة قسرية، هو موت المظلوم، جراء جريرة الظالم الذي يدفع لهذه الهجرة!!
وانظروا ماذا يحدث في قطاع غزّة منذ عام 2007 وحتى الآن، الاحتلال الإسرائيلي أوّلاً بحصاره وحروبه العدوانية التي أسفرت عن آلاف الضحايا شهداء وجرحى، ودمّرت الآلاف من المنازل والبنايات، وخطاب "حماس" يتحدَّث عن نصر تلو نصر لنكتشف مع مسلسل التصعيد والتهدئة، أنه نصر الصراف الآلي لا غير!!!
وثانيًا وثالثًا وعاشرًا الانقسام البغيض في رداء الإمارة، مع فتاوى التحريم والقمع والقتل التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومليشيات وأنفاق خلفت أثرياء حرب، وأمراء بإقطاعيات حصرية، و"مجهولون" كثر للتخريب والتدمير، وأحدث ما ارتكبوا يوم أمس الأول اقتحامهم مقر دائرة شؤون اللاجئين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية وعاثوا بها تدميرًا وتخريبًا، وكل تحقيق لأمن "حماس" في هذا الإطار يظل المجهول مجهولاً، وهو الذي تعرفه الناس جميعًا!!!
لهذا لا صوت الآن في غزة سوى صوت الناس بهتافه الشجاع الذي يطالب "حماس" بالخروج من سلطة الانقسام البغيض، والذهاب إلى سلطة الوحدة، تحت راية الشرعية، بقانونها الواحد، وسلاحها الواحد وحكومتها الواحدة.