نوبل – لحظة تسامي

 

هآرتس – أسرة التحرير:6/10

فوز البروفيسور دان شيختمان بجائزة نوبل للكيمياء – الاسرائيلي السادس في غضون عقد من الزمان الذي يحصل على جائزة نوبل على بحوث علمية – هو لحظة تسامي وطني. باحثان في مجال الاقتصاد فازا بالجائزة واربعة في مجال الكيمياء – مجالي بحث اكاديميين تتميز فيهما اسرائيل كقوة عظمى عالمية.

ومع ذلك الاحتفال يمتزج بالقلق، خشية أن تكون هذه الجوائز هي ثمار مجد ماضٍ، من السنوات التي كان فيها جهاز التعليم الاسرائيلي مميزا وأخرج منه تلاميذ أذكياء وعلماء عظام. في العقدين الاخيرين طرأ تدهور في جهاز التعليم؛ فاسرائيل توجد اليوم في المرتبة الـ 40 في العالم في انجازاتها في الاختبارات الدولية، وعلماء ألمعيون يهجرون الاكاديمية في صالح معاهد البحوث في خارج البلاد، ظاهرة "هرب الادمغة. ثمة مجال للافتراض بان التراجع في الانجازات كان أحد العوامل للاحتجاج في الصيف. ومع أن التعليم لا يزال بالمجان، ولكنه متردٍ في جودته، والجمهور لم يعد مستعدا لان يتلقى خدمة حكومية متردية بهذا القدر.

غير أن الترتيب المنخفض في اسرائيل في المقارنات الدولية أثار الحكومات الاسرائيلية ودفعها الى العمل منذ الان. فالسنوات الاربعة الاخيرة تتميز بظاهرة فعل هال في مجال التعليم – اصلاح "افق جديد" في المدارس الابتدائية، اصلاح "جثارة للمقابل" في المدارس الثانوية ومن السنة الاخيرة ايضا الاصلاح في التعليم العالي". وصرفت للتعليم العالي علاوة 7.5 مليار شيكل، توزع على خمس سنوات. وحتى العام 2016 ستزداد الميزانية السنوية للجامعات بـ 2 مليار شيكل، وستكون اضافة 2000 من اعضاء الطاقم، يوجد تغيير في نموذج صرف الميزانيات في الجامعات، بحيث أنها تتلقى حافزا لتشجيع البحوث المتميزة، وسيقام 40 مركز تميز تستهدف اعادة علماء ألمعيين تركوا البلاد.

ويفترض بالاصلاح في التعليم العالي ان يعود لتشجيع البحث الاكاديمي في اسرائيل، بعد سنوات من التآكل وهرب الادمغة. ومن السابق لاوانه أن نقرر اذا كانت جملة الاصلاحات هذه تكفي لاستعادة المجد، ولكن يوجد اليوم ما يدعو الى الامل في أن يكون الفوز بجائزة نوبل ليس من نصيب انجازات الماضي فقط.

 

 

سر وجودنا

يديعوت أحرونوت– سيفر بلوتسكر:6/10

في العقد الماضي فاز خمسة علماء اسرائيليون بجوائز نوبل. هذا انجاز لا يدرك بالتأكيد يمكن وصفه بانه "اللحظات العظمى لاسرائيل". وسائل الاعلام العالمية تكتب عنا بانفعال، وحتى صحيفة "الغارديان" البريطانية، التي ليست من العاطفين بشكل عام، عقبت على منح الجائزة للبروفيسور دان شيختمان بصفحة خاصة على الانترنت يتم تحديثها كل بضع دقائق.

هذه أيضا هي الفرصة لان نقول بالفم الملي: قوة العقل هي سر وجود دولة اسرائيل. اذا لم نكن دولة في قمة العلوم العالمية، فلن نكون دولة نقف على ساقين قويتين. قبل سنوات عديدة سُئل دافيد بن غوريون ما هو الجواب على كوننا قلة حيال كثرة فاجاب: "كل الشعب جيش". بن غوريون اخطأ. الجواب هو "كل الشعب علم".

بفضل العلم لدينا جيش ذو قدرات تكنولوجية تردع كل عدو وتصدير غني بتكنولوجيا المعلومات يدخل الى الدولة كل سنة 25 مليار دولار. بدونه كنا سنكون بلادا فقيرة. بفضل العلم يوجد لنا، لجميعنا، حتى لمن يبتعد انشغالهم جدا عن حياة الجامعات، مستوى معيشي عالٍ – المرتبة 20 في العالم. مئات الاف الاسرائيليين يمكنهم أن يسمحوا لانفسهم بالسفر الى الخارج لشراء سيارات وتحسين أماكن سكنهم بفضل البنية التحتية العلمية التي بنيت هنا قبل 20 – 30 سنة.

كون العلم – علوم الحياة، علوم الروح، العلوم الدقيقة والعلوم الاجتماعية – هي الذخر الاهم والاكثر حيوية لاسرائيل، يمكن أن نقول انها من الجريمة الوطنية التقليص في ميزانيات التعليم العالي في سنوات 2003 – 2010. ينبغي لاحد ما ان يدفع الحساب على ذلك. هذه السنة فقط، لاول مرة بعد عقد من الزمان، تحظى جامعات البحث بعلاوات ميزانية ما لتنقذ نفسها قليلا من الميزانيات الناقصة، انعدام الملاكات، انعدام المكتبات والمختبرات للعلماء الشباب الذين يهربون.

ولكن العلاوة لا تزال صغيرة للغاية. هزيلة للغاية. ليس فيها ما يكفر عن سنوات الجفاف ويعيد بناء ما هدم. يوجد فيها فقط ما يوقف المزيد من الهدم. نعم، هذا ايضا شيء ما، على هذا ينبغي ان نشكر رئيس لجنة التخطيط والميزانية، البروفيسور مانويل تريختنبرغ ووزير المالية يوفال شتاينتس. ولكن هذا بالتأكيد ليس كافيا. ليس كافيا للحفاظ على خط انتاج الحائزات والحائزين على جائزة نوبل وليس كافيا لاستعادة المجد في الاكاديمية الاسرائيلية. مؤخرا ترأس البروفيسور تريختنبرغ لجنة للتغيير الاجتماعي. واوصت اللجنة بأخذ 3 مليار شيكل في السنة من ميزانية الدفاع ومن الاحتياطات الخاصة في الميزانية المدنية الجارية وتخصيصها للعائلات الشابة ذات الاطفال الصغيرة في سن صفر حتى تسعة. أقترح على وزير المالية أن يضع يوم الاحد امام الحكومة اقتراحا معدلا، لا بد أن تريختنبرغ نفسه سيؤيده ايضا: تخصيص نصف مليار شيكل آخر في السنة للجامعات البحثية منذ السنة الدراسية القريبة القادمة. هذا هو الجواب الصهيوني المناسب لجائزة نوبل. من أين يؤخذ المال؟ من كل مصدر، حتى من زيادة العجز في الميزانية. النسبة بين العجز والانتاج المحلي سترتفع عندها بـ 0.15 في المائة في السنة. احد لن ينتقدنا على هذا الاستثمار.

يبدو أن الاصلاحات في التعليم الابتدائي والتي قادها وزيرا التعليم، البروفيسورة يولي تمير وجدعون ساعر، أدت خلافا لكل الاحتمالات وخلافا لجبال الانتقاد الى أن تعطي ثمارا. وأنا واثق بان الاصلاح في التعليم الثانوي هو ايضا سيتكلل بالنجاح. سياقات التغيير والتحسين هناك تدريجية، ملموسة وواعدة. اما الجامعات، بالمقابل، فلم تجتز تحولا بعد. فهي لم تخرج بعد من نطاق الخطر ولا تزال تعنى باشفاء الجروح. هذا سيء جدا لدولة اسرائيل.

رئيس الدولة ورئيس الوزراء هنآ أمس الفائزة بالجائزة البروفيسور شيختمان. كلماتهما جميلة، ولكن بدون دفع اضافي للاموال العامة نحو الجامعات البحثية – فان التهاني هي بادرة طيبة فارغة من المضمون.

 

  

صباح الخير يا عالم

يديعوت أحرونوت - غي بخور:6/10

(المضمون: لقد صحا العالم الان ليتبين أن اسرائيل هي نموذج الثقافة والديمقراطية ولم يعد أحد يتجرأ على نزع الشرعية منها).

كنا نحن الاسرائيليين بالذات الذين طرحنا لاول مرة حجة نزع الشرعية ضد اسرائيل: اسرائيل ستصبح جنوب افريقيا جديدة كنتيجة لعزلتها في العالم العربي. وقد ضخموا هذه الحجة حتى كادت تصبح نبوءة تجسد ذاتها. غير أنه لم يكن ابدا شيء حقيقي في هذه الحجة، وحتى لو كان، ففي السنة الماضية توقف.

رأس حرب نزع الشرعية، القاضي غولدستون تراجع عمليا عن التقرير الفظيع الذي كتبه. وفهم بانهم ضللوه. وكاد لتغيير رأيه تأثير على مؤسسات دولية. كما أن اسرائيل انتصرت في لجنة بالمر على قانونية الحصار على غزة. قبل سنة اعتبر الاسطول التركي الى غزة في العالم كموضوع حقوق انسان. اما هذه السنة فقد بات يستقبل في الغرب كغزو غير قانوني، كاستفزاز عنيف. وكذا توجه الفلسطينيين الى مجلس الامن والجمعية العمومية توقف حاليا. فليس الفيتو الامريكي وحده هو الذي تأمن، بل ليس هناك الاغلبية اللازمة في المجلس للموافقة على الطلب الفلسطيني. قبل بضعة اشهر كانت هذه الانجازات مثابة الخيال.

لماذا حصل هذا؟ لانه لا يدور الحديث عن اقامة دولة فلسطينية. فاسرائيل وافقت على ذلك. يدور الحديث عن الشروط لاقامتها، وهنا عاد الفلسطينيون ليكونوا هم الرافضون. في العالم الذي يقوم على الحوار والحديث، لا يبدي الناس استعدادا لقبول املاء فلسطيني احادي الجانب ليس فيه لا سلام ولا اعتراف ولا أمن. كما الغي مؤخرا القانون الذي يسمح بتقديم مسؤولين اسرائيليين كبار الى المحاكمة في بريطانيا. وذلك بعد أن الغي قانون مشابه في بلجيكيا، بات واضحا اليوم بانه اسيء استخدام القانون ضد اسرائيل. وفي الشهر الماضي احتفل في الامم المتحدة بمرور عقد من الزمان على مؤتمر ديربن اللاسامي. كل الدول المتطورة قاطعت الحدث الحالي ونددت به بشدة. من جاء ليعرض اسرائيل كعنصرية، يعرض بذاته كلاسامي وكعنصري. وهكذا ايضا بالنسبة للزعيمين الثرثاريين ضد اسرائيل، احمدي نجاد واردوغان. بكفاءة عالية يدهور اردوغان تركيا الى مكانة دولة عالم ثالث، لا يمكن الاعتماد عليها. من يحاول عزل اسرائيل – يعزل نفسه.

استراليا تقف على رأس الدول التي قررت وضع حد للاحتفال العنصري. بعد نقاش عاصف في البرلمان تقرر اعتبار المظاهرات والمقاطعات ضد المتاجر الاسرائيلية مخالفة جنائية. وزير الاستهلاك الاسترالي، مايكل اوبرين، قال انه "التفكير في أنكم ستؤثرون على سياسة حكومة اسرائيل من خلال مهاجمة أعمال تجارية تجري في هذه الدولة (استراليا) هو ببساطة أمر مقلق".

واضافة الى ذلك: فان بعض المتظاهرين العرب الذين بدأوا يهتفون في كونسرت الفرقة الموسيقية الاسرائيلية في لندن، قبل نحو شهر، طردوا من القاعة فيما كان الجمهور يهتف: "الى الخارج!". مثل هذه الخدمة من أجل اسرائيل – الديمقراطية، الغربية، محبة الثقافة – لم يقدمها الفلسطينيون منذ سنوات عديدة. والرأي العام في الغرب بدأ يملهم. وها هو تصنيف جديد في الوعي: اسرائيل هي الثقافة، والمعارضون لها هم المناهضون للثقافة.

في الحرم الجامعي في أرجاء العالم بات التغيير ملموسا. عشرات المجموعات من الاسرائيليين واليهود تقام. وهي تمثل القضية الاسرائيلية وتحظى باصداء ايجابية. الجامعات ليست سائبة، مثلما كانت في الماضي رغم أن بعضها لا يزال يسيطر عليه حوار ليبرالي مشوش. ونموذج على التغيير: جامعة كولمبيا، التي استقبلت في المرة السابقة احمدي نجاد باحترام الملوك، حظرت هذه المرة دخوله الى نطاقها. هذه سابقة ستؤثر على مؤسسات اكاديمية اخرى في العالم. دعاوى قضائية ترفع هذه الايام ضد مؤسسات دولية أو اجنبية، اقتربت من الارهاب العربي مثل التهديد برفع الدعوى ضد جامعة كولمبيا نفسها. وعندما يدور الحديث عن المال، فان هذه المؤسسات ترتدع.

الاحساس الذي كان قائما حتى بضع سنوات، في أن كل شيء مسموح ضد اسرائيل – لم يعد سائدا الان.   

 

أشواق للشرق الاوسط القديم

معاريف - أفيعاد هوروليس:6/10

(المضمون: ثلاثين سنة مرت على اغتيال السادات واكتشافات الحاصل على جائزة نوبل البروفيسور شختمان. ما الصلة بين الأمرين؟ لم يعد وجود لتلك الروح الخلاقة تقريبا).

خط واحد  يربط بين اغتيال أنور السادات، اليوم قبل ثلاثين سنة، وفوز أمس البروفيسور دان شختمان بجائزة نوبل للكيمياء. السادات أنهى فصل حربه مع اسرائيل بخطاب تأسيسي في البرلمان المصري أعرب فيه عن استعداده للسير حتى نهاية العالم، وان لزم الامر "حتى القدس ايضا"، كي يصنع السلام مع الاسرائيليين. اكتشاف البروفيسور شختمان شق الطريق في العام 1982، السنة التي أعادت فيها اسرائيل لمصر شبه جزيرة سيناء في أعقاب اتفاق كامب ديفيد الذي عمل عليه السادات ورئيس الوزراء مناحيم بيغن.

السادات لم يحظ بأن يرى سيناء معادة الى مصر كونه قُتل قبل نصف سنة من ذلك. الرئيس المصري، الذي اعتبر مهرجا قبل ولايته وبالتأكيد ليس من يمكنه ان يرث ناصر، اجتاز الروبيكون ودفع بحياته على قراره الجريء بتغيير قواعد اللعب القديمة في الشرق الاوسط. بقراره هذا قدر بأنه سيسمح لعشرات الملايين من مواطنيه الجوعى بأن يحظوا بحياة طيبة وأكثر تقدما.

الجسارة التي لا تُدرك للسادات، والتي جعلته بين ليلة وضحاها خائنا في العواصم العربية الاخرى وبطلا في بلاده، سُحقت برصاص المغتالين الذين جاءوا من دوائر الاخوان المسلمين. بعد سنة من اغتيال السادات كان البروفيسور شختمان لا يزال يعمل على اكتشافه في التخنيون في حيفا، الذي مثل معاهد بحث اخرى هنا، يعتبر جزيرة منعزلة للتميز في قلب الشرق الاوسط الجاهل، الفقير، المتدين الاصولي. لم يسبق لي أبدا أن سمعت عن أحد ما من خريجي الجامعات في القاهرة، في دمشق وفي بيروت، بأنه شق الطريق الى ستوكهولم بعد أن أثبت بأنه عمل في صالح الانسانية. حسنا، د. جورج حبش تعلم طب الاطفال في الجامعة الامريكية في بيروت. أنا لو كنت مكانهم لما لوحت به.

ولكن وردة وفيها شوكة. الاسرائيليون الذين نالوا في السنوات الاخيرة جائزة نوبل – أومان، هرشكو، شخنوبر، كهنمان، يونيت وشختمان – اقتطفوا مجدهم على بحوثهم التي قاموا بها قبل ثلاثين واربعين سنة عندما كانت اسرائيل دولة أفقر مما هي اليوم من ناحية مقدراتها الاقتصادية، ولكنها كانت مصممة بأضعاف في مساعيها لايجاد جهاز تعليم ذي نسبة متعلمين عالية للرياضيات، الفيزياء والكيمياء، بمستوى خمس وحدات. هذا حصل حتى قبل موجة هجرة التسعينيات من دول رابطة الشعوب، والتي جلبت معها عشرات آلاف المثقفين، ممن وجد بعضهم مكانه، فيما ان معظمهم وجهوا نحو اعمال عابرة مهينة.

حسني مبارك الذي ورث السادات، لم يتمكن من استخدام رؤيا سلفه بل عزز فقط وجود الأمة بأموال الدعم السخية من العم سام. في اسرائيل اليوم ايضا يفضلون صيانة الائتلافات السياسية الصهيونية والتسليم بحقيقة ان نصف تلاميذ المدارس في اسرائيل تخلوا عن دراسة المواضيع الأساسية، ومآلهم الجهل، التفاهة والاعتماد الدائم على كتف السكان الكادحين.

كلنا نعرف انه يمكن ان نبعث الى الديار ببضعة تلاميذ ضعفاء في كل صف كي نقدم تحسنا في الامتحانات، ولكن في اسرائيل اليوم الخطوات الاولى للثورة في التعليم ليست ملموسة بعد، ومن الصعب الاقتناع بأن الأجواء العامة تشجع الاستثمار العميق في التعليم. ايران تستثمر منذ عشرات السنين مالا طائلا في المواضيع الحقيقية في المدارس وفي الجامعات، والاطفال في طهران يحققون في امتحانات الرياضيات والفيزياء علامات عالية أكثر من اطفالنا في هرتسليا، في حولون وفي بيتح تكفا. جوائز نوبل في العقد الاخير هي الشهادة على ما كنا عليه. البروفيسور أومان سيساعدنا على ان نُصلي بأن نكون هناك ايضا بعد ثلاثين سنة.