لقد ثبت بالدليل بل بالأدلة القاطعة أن الدعم الأميركي استطاع تمكين الكيان الاستعماري الإسرائيلي من الإفلات من المساءلة والعقاب على جرائمه التي لم تتوقف على مدار عقود وعلى رفضه بعنجهية إنهاء احتلاله لدولة فلسطين، خلافًا لقرار الجمعية العامة رقم 181 ولقرار الجمعية العامة رقم 19/ 67/ 2012 ولقرارات مجلس الأمن تنفيذًا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وكذلك لقرارات محكمة العدل الدولية في انتهاك صارخ لمبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة إلا تعبير عن المخطط الأميركي التوسعي العدواني للهيمنة والسيطرة عبر أداته "إسرائيل" الذي نشهد فصوله حاليًا في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وغيرها من الدول المستهدفة العربية والإسلامية الكبيرة.

- استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية تعني تهاوي النظام العالمي الحالي:

عجزت الأمم المتحدة بمؤسساتها إلزام سلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي تنفيذ أي قرار صادر عنها منذ عام 1948 متعلق بحقوق الشعب الفلسطيني بالعودة لوطنه التاريخي وبحقه الاساس بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة بشكل عام وبوقف جرائم حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها منذ السابع من أكتوبر 2023 في قطاع غزة ولسنوات قبل ذلك وإن بوتيرة اقل بالضفة الغربية يعني:

- فشل النظام العالمي بقيادة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن عن تحقيق مبادئ وأهداف ومقاصد الأمم المتحدة بترسيخ الأمن والسلم الدوليين.

- تغييب وإقصاء مبادئ العدالة والمساواة بين الدول الأعضاء بحكم صلاحيات مجحفة أنيطت بالدول الخمس دائمة العضوية وتهميش فعلي للجمعية العامة.

- إعلاء حق القوة وتغييب مبدأ قوة الحق وسيادة القانون والإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية.

كل ذلك يعني ويؤدي لتهاوي النظام العالمي القائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وأهمية العمل على إنشاء نظام عالمي جديد ليس متعدد الأقطاب فقط وإنما يكفل مصالح الدول كافة وشعوبها على قاعدة العدل والمساواة وما يتطلبه ذلك من إصدار ميثاق جديد يخلوا من الفيتو وإناطة كافة الصلاحيات التنفيذية المناطة حصرًا بموافقة أو إمتناع الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن للجمعية العامة وبضمان متابعة تنفيذ القرارات الدولية دون إزدواجية أو انتقائية وكفالة حق الشعوب بالحرية وتقرير المصير ولفرض عقوبات ملزمة على من ينتهك هذه المبادئ الأساس للتنمية المستدامه وللأمن والسلم الدوليين واحترام حقوق الإنسان.

- وقف الجرائم الإسرائيلية وإنهاء الإحتلال الاستعماري لفلسطين التحدي والعنوان:

الفيتو والإنحياز الأميركي للكيان الاستعماري الإسرائيلي وقف ويقف بتحدٍّ للإرادة الدولية المعبر عنها بالعديد من قرارات الجمعية العامة وبالأغلبية الساحقة من أعضاء مجلس الأمن مانعًا أمام حصول دولة فلسطين على حقها الطبيعي الاعتراف بها دولة بكامل الحقوق والواجبات بالأمم المتحدة وعلى إستصدار قرار بوقف العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة وعلى إلزام إسرائيل رفع حصارها الشامل المفروض على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة الذي يندرج وفقًا لإتفاقية منع الإبادة المعاقبة عليها كجريمة إبادة وتطهير عرقي وعلى إلزام سلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي تنفيذ قرار الجمعية العامة بدورتها العادية 79 القاضي بإنهاء احتلالها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا خلال 12 شهرًا وتنفيذًا لقرار محكمة العدل الدولية بعدم شرعية وقانونية الاحتلال ودعوة مجلس الأمن والجمعية العامة لاتخاذ الإجراءات والتدابير لتنفيذ القرار بإنهاء الاحتلال غير القانوني وما نجم عنه من ممارسات وإجراءات على الأرض المحتلة.

ما تقدم يؤكد على الدور الأميركي بتقويض الأمن والسلم الدوليين بإنحيازها ودعمها السياسي والاقتصادي والعسكري والتكنولوجي للعدوان والجرائم الإسرائيلية وبدلاً من الاضطلاع بمسؤولياتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن لحفظ الأمن والسلم الإقليمي والدولي وجدنا أنها تنبري لإرسال طيرانها وبوارجها للدفاع عن "إسرائيل" تحت ذريعة حق الدفاع عن النفس خلافًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي منحت الحق للشعب الذي يتعرض لعدوان أو احتلال خارجي الحق بالدفاع عن نفسه وعن حريته واستقلال وطنه وذلك بهدف تمكينها المضي قدمًا بعدوانها وإرتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب وضد الإنسانية على الشعب الفلسطيني وعلى لبنان واليمن وغيرها بهدف إدامة إخضاع المنطقة العربية ودول الشرق الأوسط بأكملها للمظلة الأميركية وتسييد وكيلها الإسرائيلي إستباقًا لولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

- لماذا فلسطين خط الدفاع الأول:

لن يكتب النجاح للمخطط الأميركي لمنع ولادة نظام عالمي جديد ولضمان هيمنتها على الوطن العربي في حال فشل أميركا بمنع وعرقلة إقامته إلا بنجاح وكيلها الإسرائيلي الإرهابي بإخضاع الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي إما للإستسلام والقبول بالتخلي عن برنامجه الوطني بالحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس لصالح تحسين وضعه المعيشي وإما اللجوء للخيار الثاني بتهجير قسري للشعب الفلسطيني خارج وطنه "مع استمرار وتوسيع حرب الإبادة والتطهير العرقي" إلى مصر والأردن بمساس للأمن القومي المصري والأردني تمهيدًا لتنفيذ المخطط الأميركي بتوسيع مساحة الكيان الإسرائيلي المصطنع لتعزيز دوره الوظيفي العدواني وهذا ما أفصحت عنه بكل وقاحة التصريحات الصادرة التي ينبغي إتخاذها على محمل الجد وعدم اعتبارها لتحقيق اهداف إنتخابية، فالمرشح الرئيس الأميركي السابق ترامب والمرشح لنائب الرئيس الديمقراطي تيم ويلز الذي يعني بالتأكيد شمول كامل فلسطين التاريخية أي بالتهجير القسري وتقويض إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أرض فلسطين واحتلال أجزاء من الدول المحيطة بفلسطين المحتلة "مصر والأردن وسوريا ولبنان" كمقدمة للإنتقال إلى مرحلة أخرى على المديين المتوسط والطويل من إستهداف لأمن ووحدة واستقرار أراضي دول عربية عبر التقسيم وزعزعة الاستقرار واستهداف إقتصاداتها وتعميق الخلافات البينية لضمان الهيمنة الأميركية لعقود قادمة على الوطن العربي الكبير بأقطاره.

ما تقدم يتطلب من جميع قادة الدول العربية تقييم طبيعة المرحلة القادمة التي تتطلب التضامن ووحدة الموقف الفعلي للتصدي للمخطط الإسروأميركي وإجهاضه وفرض مصالحها وأمنها كقطب مستقل فاعل وما نتائج الحرب العالميتين ببعيدة.
إجهاض المؤامرة الأميركية ومحورها يبدأ بدعم نضال وصمود الشعب الفلسطيني وتمكينه لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وما يعنيه ذلك من لجم المخطط الإسروأميركي بالتوسع الجغرافي المتدرج بتهديد خطير للأمن القومي العربي بمفهومه الشامل.
فلسطين حريتها واستقلالها كانت وستبقى العنوان والبوصلة والهدف.