بقلم: ميساء عمر

مع تواصل حرب الإبادة على شعبنا ومع حلول موسم قطف الزيتون، صعّد الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرون، إجراءاتهم بحق المزارعين.

ففي محافظة قلقيلية، يُعتبر قاطفو الزيتون في بلدة كفر ثلث جنوب شرق مدينة قلقيلية، أكثر المزارعين تضررًا. وحسب مدير البلدية زكي عمر، يعتمد مواطنو البلدة على الزراعة في معيشتهم بنسبة 70%، وموسم قطف الزيتون يُعتبر المورد الرئيسي للمواطنين، إذ تحتوي البلدة على 24 ألف دونم زراعي، منها 13000 دونم مزروعة بالزيتون.

وأوضح عمر أن الاحتلال منع بإجراءاته الوصول إلى نحو 8000 دونم مزروعة بالزيتون، منها 3000 دونم تقع خلف جدار الفصل والتوسع العنصري، و4800 دونم محاطة بالمستعمرات، وبالتالي منع نحو 500 مزارع من الوصول إلى أرضهم، أي نحو 200 عائلة، علمًا أن الموسم كان يستفيد منه نحو 2000 مواطن كل عام.

ومع استمرار إجراءات الاحتلال، يتوقع عمر انخفاض كميات الزيتون المقطوفة لهذا العام، لتصل إلى 7000 طن بدلاً من 10000 سنويًا، لأن أكثر الأراضي محصورة خلف الجدار، والأخرى محاطة بالبؤر الاستعمارية، خاصة "آل متان" الجاثمة على أراضي المواطنين.

ويؤكد قاطفو الزيتون تضرر محاصيلهم وعدم قدرتهم على الوصول إليها لقطفها والعناية بها، فالحاج المزارع نضال الحاج حسن في العقد السادس من العمر، لم يتمكن منذ عام من الوصول إلى أرضه المزروعة بالزيتون ذات الدونمات الخمسة في المنطقة الشرقية من البلدة، بحجة قربها من البؤرة الاستعمارية "آل متان".

ويقول الحاج حسن: "أنا لا أنام الليل وأنا أفكر كيف سأصل إلى أرضي، وأقطف ثمار الزيتون، فالاحتلال لم يمنعنا كمزارعين من الوصول إلى أراضينا فقط، بل تعدى إلى تأمين اعتداء المستعمرين علينا، بالرشق بالحجارة كما حدث الشهر الماضي عندما حاولنا الاقتراب من أراضينا".

أما المزارع الخمسيني نضال غرابة، فيعاني عدم الوصول إلى أرضه بفعل إيقاف استصدار التصاريح الزراعية لأيام معدودة في مواسم الحرث والقطاف والحصاد سنويًا.

فقد استولى الاحتلال عام 2000، على نحو ثلاثة آلاف دونم من أرضه التي ورثها عن والده، لصالح البؤرة الاستعمارية "آل متان"، وبقي لديه دونم ونصف الدونم محصورًا خلف جدار الفصل التوسع العنصري.

ويقول غرابة: "إن أكبر تحديات قاطفي ثمار الزيتون بالبلدة، هو عدم استصدار التصاريح، فيوميًا نجتمع نحن المزارعين المتضررين، ونتوجه إلى الجهات المختصة لإيجاد حل، لكن لا جدوى من ذلك".

ورغم أن الطريق محفوف بالمخاطر، يحاول المزارع الخمسيني عبد الغني شواهنة، تحدي إجراءات الاحتلال وقطف زيتون أرضه البالغة خمسة دونمات داخل الجدار. ويقول: "كنت أنا والعائلة سنويًا نقطف ثمار الزيتون في جو عائلي، لكن اليوم أقطفها وحدي، بشكل خفي، خوفًا من منع جنود الاحتلال، وصحيح أنني لن أتمكن من الوصول إلى كل أرضي، لكن أقطف ما يمكن قطفه، والله يفرجها علينا".

وبحسب رئيس قسم الزيتون بمديرية زراعة قلقيلية نزيه اشتية، فإن المساحة المزروعة بالزيتون في محافظة قلقيلية تبلغ 55 ألف دونم، و40% من المزارعين يعتمدون على الموسم كدخل اقتصادي موسمي لهم، مضيفًا: أن التقديرات المتوقعة لموسم الزيتون هذا العام مبشرة، لكن ما يهددها إجراءات الاحتلال وهجمات المستعمرين، وإذا ما استمر الحال كما هو، فستنخفض كمية الإنتاج في المحافظة إلى 25%، وبالتالي فإن كمية الزيت السنوية المنتجة ستنخفض إلى الربع.

ويشير اشتية إلى أن تحديات الموسم لا تقتصر على عدم وصول المزارعين فقط إلى أراضيهم، وإنما حتى الأراضي التي يصل إليها المزارعون، فإنها تتعرض لتعديات متعددة، منها سرقة المستعمرين للمحصول أو حرقه، أو تكسير الأشجار وخلعها وتجريفها لخدمة المشاريع الاستعمارية، وكل ذلك يأتي بحجة أنها تقع في المناطق المصنفة "ج".

وتابع اشتية: "أن الاحتلال يخوض حربًا ضد المواطنين والقطاعات المختلفة، وأهمها الزراعة، بهدف تجويع الناس لثنيهم عن مواصلة ثباتهم في الأرض وإجبارهم على هجرها، لتكون لقمة سائغة للمستعمرين في السيطرة عليها".

وإلى جانب بلدة كفر ثلث، فإن هناك بلدات أخرى متضررة بفعل إجراءات الاحتلال ومنها المناطق الشرقية من قلقيلية كـ"جيت، وفرعتا، واماتين، والفندق، وجينصافوط، وكفر قدوم، وكفر لاقف، وجيوس، وفلامية، وعزون".