بقلم: إسراء غوراني
في جريمة جديدة تضاف إلى سجل طويل من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه المتواصل على شعبنا، شهد مخيم الفارعة جنوب طوباس، فجر يوم الخميس، حادثة استشهاد الفتى ماجد فداء أبو زينة "16 عامًا"، والذي تعرض لإصابة بالرصاص، ثم إعدام ميداني، ولاحقًا تم التنكيل بجثمانه.
يروي مدير الإسعاف في محافظة طوباس نضال عودة، أن جنود الاحتلال أصابوا الفتى في البداية بثلاث رصاصات في الأطراف السفلية من جسده، قبيل الساعة الثانية فجرًا، مؤكدًا أن المكان الذي أصيب فيه الفتى لا يبعد سوى أمتار معدودة عن نقطة الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني داخل المخيم، حيث توجهت طواقم الإسعاف إلى المكان على الفور، لكن قوات الاحتلال منعتهم من الاقتراب من المصاب لتقديم الإسعاف له.
ويشير إلى أن الطفل كان على مرأى من المسعفين، وظل يستجدي الجنود بعد إصابته السماح للإسعاف بعلاجه، حيث كان ملقى على الأرض ويصرخ نتيجة إصابته بالرصاص في أطرافه.
ويضيف عودة: أن "جنود الاحتلال نكلوا بالفتى وهو مصاب وأجبروه على رفع ثيابه، ثم قاموا بإطلاق رصاصة على رقبته، وفي حينها توقف عن الحركة نهائيًا وظل ملقى على الأرض، وكان ظاهرًا للمسعفين القريبين بقعة كبيرة من الدماء نزفت منه، ما يعني أن جنود الاحتلال أعدموه بعد أن كان مصابًا".
واستمرت قوات الاحتلال بالحيلولة دون وصول طواقم الإسعاف للطفل أبو زينة حتى بعد استشهاده، فيما تقدمت جرافة عسكرية للمنطقة بعد حوالي ساعة وقامت بسحب جثمان الشهيد ورفعه والتوجه به إلى خارج المخيم.
على مدار أربع ساعات لاحقة ظلت هوية الشهيد مجهولة، لحين تمكنت طواقم الإسعاف من الوصول إليه ونقله حوالي الساعة السابعة صباحًا بعد انسحاب قوات الاحتلال، حيث ألقت جرافة الاحتلال جثمان الشهيد خارج المخيم على الشارع الرئيس.
مع وصول طواقم الإسعاف إلى الشهيد والتعرف على هويته، يروي أول من وصل من المسعفين أنهم عاينوا الشهيد، وكانت آثار التنكيل ظاهرة على جسده، جراء حمله وسحبه بالجرافة بعد استشهاده، حيث كان جسده قد تعرض لتشوهات كبيرة نتيجة ذلك، بالإضافة إلى خروج جزء من أحشائه من جسده.
ويعتبر المسعف أن ما حدث مع الطفل الشهيد أبو زينة من أصعب وأقسى ما مر عليه خلال عمله في الآونة الأخيرة، حيث تعامل جنود الاحتلال مع الشهيد بوحشية كبيرة منذ لحظة إصابته حتى إعدامه وكذلك بعد استشهاده، منوهًا إلى أنهم خلال الاقتحامات المتتالية على مدار أشهر في مخيم الفارعة خاصة، وفي محافظة طوباس والأغوار الشمالية عامة، يواجهون صعوبات كبيرة في الوصول للمصابين والشهداء، حيث تعمل قوات الاحتلال على عرقلة عملهم، كما يتعرضون لمخاطر كبيرة على حياتهم جراء الاعتداء عليهم واستهدافهم واستهداف مركبات الإسعاف، وهذه المخاطر تشمل المسعفين والمصابين على حد سواء.
وكان مخيم الفارعة قد شهد فجر الخميس واحدًا من الاقتحامات الصعبة والدموية والتي باتت تحدث بكثرة خلال الأشهر الأخيرة، حيث استشهد داخل المخيم الفتى ماجد أبو زينة، وتزامنًا مع ذلك شهدت مدينة طوباس غارة جوية من مسيّرات الاحتلال، أدت إلى استشهاد خمسة شبان آخرين وهم: أحمد فواز أبو دواس، وقصي مجدي عبد الرازق من طوباس، ومحمد عوض العايدي من مخيم الفارعة، ومحمد نظمي أبو زاغة، ومحمد زكريا الزبيدي من جنين.
وبذلك، ترتفع حصيلة شهداء مخيم الفارعة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى 21 شهيدًا، فيما يرتفع عدد شهداء محافظة طوباس إلى 50 شهيدًا، بالإضافة إلى ارتفاع حصيلة الشهداء في محافظات الضفة إلى 691 شهيدًا، بينهم 158 طفلاً، و12 امرأة، بالإضافة إلى نحو 5700 جريح، وفقًا لمعطيات وزارة الصحة.
وصعّدت قوات الاحتلال في الآونة الأخيرة من استخدام سياسة الإعدامات الميدانية خلال اقتحاماتها لمحافظات الضفة الغربية، حيث استنكرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في تقرير صادر عنها خلال شهر آب/أغسطس الماضي "إمعان إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" في ممارساتها التعسفية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وتصعيدها لجرائم القتل والإعدامات الميدانية خارج نطاق القانون للفلسطينيين، سواء من خلال إطلاق النار عليهم بشكل مباشر أو بتنفيذها عن بعد باستخدام الطائرات المسيرة دون طيار لتفادي تعريض قواتها للخطر".
وتوضح الهيئة أن عمليات الاغتيال تعكس توجهات السياسة الإسرائيلية الرسمية والعقلية العنصرية وتعليمات المستوى السياسي والأمني في دولة الاحتلال وتحريضه، ما يسهل استباحة حياة الفلسطينيين تكريسًا لمنطق القوة العسكرية".
وتؤكد الهيئة في تقريرها: "بأن الضفة الغربية المحتلة تشهد تدهورًا أمنيًا غير مسبوق بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، فقد كثفت قوات الاحتلال عمليات الاعتقالات والقتل العمد للشبان الفلسطينيين، ومداهمات المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية. وقتل منذ ذلك التاريخ أكثر من 600 فلسطيني برصاص قوات الاحتلال والمستوطنين، ومنهم العشرات الذين تم إعدامهم ميدانيًا".
ووفقًا للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، فإنه "لا يمكن صون أي حقّ من حقوق الإنسان من دون احترام الحق في الحياة. وتعدُ عمليات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا، أيّ قتل الأفراد عمدًا خارج أي إطار قانوني، انتهاكًا لهذا الحق الأساسي"، حيث تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف حياة الفلسطينيين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، متجاهلة كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وقواعد القانون الدولي الإنساني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها