مصلحة من

يديعوت أحرونوت– البروفيسور يوسي شاين:4/10

كلما زاد تعلق اسرائيل بالولايات المتحدة وقويت عزلتها في مواجهة عالم معاد بل بين دول غربية، كثرت ايضا التساؤلات في العاصمة الامريكية عن اسهام اسرائيل في المصلحة القومية الامريكية.

هل اسرائيل ذخر أم عبء؟ هذا سؤال قديم في واشنطن، ميز مدد رئاسة بوش الأب والابن والرئيس كلينتون لكنه يزداد قوة في الفترة التي بدأ فيها ضعف يزداد لمكانة الولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمى، وصورتها ومكانتها في الشرق الاوسط في ازمة عميقة: "نحن في حضيض من جهة مكانتنا والثقة بنا في الشرق الاوسط لم نعرف له مثيلا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية"، قال لي في المدة الاخيرة السناتور الجمهوري السابق شاك هيغل الذي يعمل اليوم رئيسا مشتركا للجنة الاستشارية للرئيس الامريكي في الشأن الاستخباري.

في حين تؤكد جهات في القدس وبين المنظمات اليهودية في االولايات المتحدة طوال الوقت تلازم مصالح الدولتين في المستوى القيمي والاستراتيجي، تعلو الاصوات في الولايات المتحدة التي تقول انه يُحتاج الى فصل أوضح بين المصلحة الاسرائيلية والامريكية في هذا العصر. وقال لي عنصر رفيع المستوى في الاستخبارات الامريكية: "مصلحتكم لا تطابق مصلحتنا".

من الواضح ان للجمهور الامريكي في أكثره، وللجهاز السياسي الامريكي ايضا، التزاما عميقا لحفظ أمن دولة اسرائيل، بل انهما يشايعان وجودها الديمقراطي مشايعة كاسحة. لكنه كلما قوي التصور الدولي والامريكي ان السيطرة الاسرائيلية على الفلسطينيين تضر إضرارا شديدا بالصورة القيمية للولايات المتحدة، قد يتضرر ايضا نسيج العلاقات القريبة حتى مع المشايعين القدماء مثل الرئيس السابق كلينتون.

ان العبودية لفكرة ان قيم اليمين الاسرائيلي السياسي والديني – الثقافي تماثل القيم المحافظة للحزب الجمهوري تناقض قيم ناس الحزب الديمقراطي خطرة هي ايضا. فهذا الوضع قد يضر بالمبدأ المهم لأن اسرائيل تتمتع بدعم يتجاوز الحدود الحزبية في الولايات المتحدة، ويجعل الشأن الاسرائيلي عنصرا اشكاليا في الخصام العميق القائم بين الجمهوريين والديمقراطيين.

معادلة المنعة الاسرائيلية تحتاج اذا الى الحفاظ على مكانة امريكا ومنعتها. يجب علينا ان نسلك في حذر شديد بشأن توازن القيم الامريكية وأن نفصل أنفسنا عن وضع يُماثَل فيه بين اسرائيل وسياسة استيطان وسيطرة على شعب آخر، غير مقبولة. لا يجوز لاسرائيل ان تُحدث صدوعا عميقة جدا في مجموعات مؤيدة مهمة في المركز الليبرالي الامريكي. ينبغي أن نُذكِّر كل المبتهجين في اسرائيل لاخضاع اوباما بالثمن الباهظ المقرون بالازمة العميقة التي تمر بامريكا. ولا يجوز ان تُرى اسرائيل أنها تسهم في هذا الضعف.

 

 

   

بين فلاديمير وافيغدور

هآرتس - أدار بريمور:4/10

(المضمون: تسعى روسيا الى زيادة تدخلها ومشاركتها في الشرق الاوسط بعد الربيع العربي حفاظا على مصالحها وهذا هو سر الانقلاب الاخير في روسيا).

من المؤكد ان منتجي الدمى في روسيا مشغولون جدا في هذه الايام. فقد انقضى عهد "عصر كأنما". ولم يعد خط انتاجهم الاخير ذا صلة. من الواجب عليهم ان يعيدوا الدمى الى أحجامها الطبيعية. فبوتين الصغير سيكبر مرة اخرى، وسيضطر مديفديف الكبير الى أن ينكمش قربه.

ان الوسواس بسبب التبديلات المتوقعة في القيادة قد أصاب الليبراليين ايضا، فسارعوا الى طبع منشورات فلاديمير بوتين – الرئيس القديم – الجديد مرة اخرى قريبا – في صورة بريجنيف. وتم إلباسه بزة عسكرية وزُين بأوسمة سوفييتية بل انه نما له حاجبا بريجنيف.

"مبارك العائدون الى الاتحاد السوفييتي"، يريد المحللون تحذيرنا من "بوتين الثاني" – الذي سيعزز روح القومية، ويؤكد المشاعر المعادية للغرب ويهمل سياسة البدء من جديد التي قاربت في اطارها روسيا مديفديف الولايات المتحدة في مدة اوباما. ان بوتين يطمح الى ان يعيد لبلاده مكانة القوة العظمى التي فقدتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي؛ ولن يكون من الممكن عدم الشعور بهذا في الشرق الاوسط ايضا.

ان "ربيع الشعوب العربي" يسبب نماء بوتين، ومعركة حلف شمال الاطلسي في ليبيا تثير اشمئزازه؛ وهو يعارض بشدة تدخلا عسكريا في سوريا، بل انه أحبط مبادرة اوروبية الى فرض عقوبات على نظام الاسد القاتل. وهو يقمع بشدة كل محاولة شيشانية أو داغستانية أو انغوشتية أو غيرها للتعبير عن تقرير المصير في مناطق الاتحاد الروسي؛ وهو يناضل ايضا الاعتراف باستقلال كوسوفو. وفي مقابلة هذا عندما يكون الحديث عن الفلسطينيين فان "الربيع" يزهر بالذات: فالصوت الروسي في مجلس الامن مدسوس عميقا في جيب محمود عباس. وهو نفس الصوت الذي منع ذكر "الدولة اليهودية" في مخطط الرباعية الاخير.

كل ذلك مركز اختلاف في الموساد وجهاز الامن ووزارة الخارجية: فبحسب أحد المذاهب فان "الروس لا يكفون عن البصق في وجه اسرائيل". ويُذكر أصحاب هذا الرأي من جملة ما يُذكرون به تزويد سوريا بالسلاح المتطور والاتصالات التي تجريها روسيا بحماس، مخالفة موقف الرباعية. وبحسب مذهب آخر، طرأ تحسن دائم على العلاقات في العقد الاخير. ويزعم وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الذي رأى تطوير العلاقات مع روسيا هدفا مركزيا انها "اليوم أفضل مما كانت قط". وبحسب ما يرى يفغيني ستانوفسكي، رئيس معهد دراسات الشرق الاوسط في موسكو، فان بوتين محب للسامية، ولو ان اسرائيل كفت عن السلوك كأنها الولاية الـ 51 للولايات المتحدة لتمتعت بمعاملة روسية تفضيلية.

بين المراقبين من ينظرون الى بوتين ويرون ليبرمان، ويستمعون لافيغدور ويسمعون فلاديمير، وهذا التشخيص صحيح جزئيا بالطبع فقط لأن خطابة الكرملين تبدو على هذا النحو تقريبا:

"ان الاهتمام بالامن والاستقرار هو الذي يُملي نظرتنا الى الربيع العربي. فالاسد ابن زانية والقذافي مجنون، لكننا كنا في فيلم استبدال عناصر اسلامية وتأثير ايراني بنظام شمولي علماني، في العراق. قد يكون لعدم الاستقرار في الشرق الاوسط تأثيرات في القوقاز ووراءها. يجب على روسيا ان تهتم بنفسها ويجب على اسرائيل ان تكون في مقدمة القلقات: فالسلاح الليبي أخذ يتجه الى غزة".

يقول الروس ان "اننا ورثنا الاعتراف بالدولة الفلسطينية عن الاتحاد السوفييتي في 1988 كما ورثنا الاعتراف بالدولة اليهودية في سنة 1947. وقد أُزيل التطرق المباشر الى تجميد المستوطنات من خطة الرباعية، بموافقتنا، في اطار صفقة أُزيل فيها طلب الاعتراف باسرائيل باعتبارها دولة يهودية – وهذا تعريف مفهوم من تلقاء ذاته".

ويلخص الروس قائلين: "برهن اوباما في خطبته الصهيونية في الامم المتحدة على ان الولايات المتحدة غير قادرة على ان تكون وسيطة نزيهة. ولنا في المقابل علاقات قريبة بالطرفين ومنهما حماس – التي هي منتوج اسرائيلي أصلا – والتي لا يمكن لأسفنا الشديد تجاهلها".

في الواقع الاقليمي المتغير تُظهر الولايات المتحدة ضعفا في حين تسعى روسيا الى مشاركة مُلحة. وكلما انتفخت دمية فلاديمير سيعظم التحدي الروسي لافيغدور.

 

 

 

لمصلحة البدو

هآرتس - ليعاد أفيئيل:4/10

(المضمون: يرى الكاتب ان نقل البدو وتجميعهم في اماكن جديدة مع ربطهم بالبنى التحتية للماء والكهرباء والمجاري سيُحسن أحوال معيشتهم ويقلل البطالة بينهم).

وافقت حكومة اسرائيل قبل اسبوعين على بدء مسيرة مخترقة للطريق لتنظيم الاستيطان البدوي في النقب. كان التصور السائد حتى لجنة غولدبرغ ان الجاليات البدوية يجب ان تجتمع داخل البلدات الموجودة. واليوم انقلب الاتجاه مع خطة التنظيم: فسيظل ثلثا سكان الجاليات قرب اماكن سكنهم اليوم وينتقل ثلثهم فقط.

يوجد شكاكون بيننا يرون الانتقال اقتلاعا ويعتقدون ان الحديث عن سياسة بليدة الحس تضر بحقوق الانسان. لكن هل أجهد أحد منهم نفسه لاستيضاح من هم اولئك السكان الذين سينتقلون عن اماكنهم؟ ان فريقا من السكان الذين يفترض أن ينتقلوا، سينتقلون راغبين. ان أكثرهم يريدون الانتقال الى مكان جديد ويأملون الحصول على قطعة ارض مع ربط بالبنى التحتية للماء والكهرباء.

خذوا على سبيل المثال سكان وادي النعيم، الذين يسكنون قرب الشارع 40 ومصانع رمات حوفيف. يعيش اليوم في هذه الجالية أكثر من 10 آلاف ساكن معرضين لتلوث جو ثقيل ويعيشون بلا ماء جار وكهرباء وبنية تحتية للصرف الصحي. تعمل الدولة على إسكانهم من جديد خارج مناطق التأثير البيئي للمصانع. وممثلو سلطة تنظيم الاستيطان في صلة يومية بالسكان ويحاولون التوصل الى حل متفق عليه، ويمكن التقريب بين الفروق. ان البدو يتفهمون انه يجب عليهم الانتقال الى مكان أكثر أمنا.يأتي روعي تشيكي أراد بدعاوى لسكان من وادي النعيم ان "تقرير براور الذي كان يرمي الى حل مشكلة القرى غير المعترف بها في النقب ونقلها من مكانها لا يمنحهم امكانات منطقية. فهو يطلب اليهم ان ينتقلوا الى شقيب السلام وهي بلدة مدنية وهم ناس شياه"، ("هآرتس"، 20/9). لكن الخطة تتحدث بصراحة عن انشاء أحياء ذات صبغة قروية تشتمل على اراض لحظائر غنم وعلى مراعٍ، لا يريد أحد أن يُمدين بالقوة ولا يطلب أحد من البدوي أن يكف عن تربية ضأنه.حينما يحظى البدو جميعا في النقب ببنى تحتية للماء والكهرباء والمجاري والأرصفة والاضاءة كما هو مناسب لمواطنين في دولة اسرائيل، فأنا على ثقة بأن مستوى التربية في الوسط سيتحسن ويزيد مجال امكانات العمل وتنخفض البطالة. ان الثقة المتبادلة والتعاون وحدهما سيُمكّنان من تخليص الوسط البدوي من أزمته ونقل النقب وسكانه الى الأمام.

 

الاهانة

يديعوت أحرونوت-سيما كدمون:4/10

 

(المضمون: الواضح من عدم توفر الاغلبية في الحكومة لتقرير تريختنبرغ  هو ان نتنياهو يحتاج الى مراجعة داخلية على نحو يائس: في مكتبه، في حزبه، في حكومته وفي ائتلافه).

يحتمل جدال فيما اذا كانت لجنة تريختنبرغ قامت بعمل مهني، ولكن من المؤكد بانه في مكتبي رئيس الوزراء ووزير المالية يجلسون هواة واعتباطيون. والا كيف يمكن أن نشرح الحرج – عفوا، الاهانة – التي تلقاها أمس رئيس الوزراء حين اضطر الى أن يؤجل التصويت على التقرير.

مثلما هو الحال دوما، النوايا كانت طيبة. ولكن التنفيذ – الله يحفظنا اذا كانت هكذا تجري الامور على هذا النحو في محيط رئيس الوزراء. اول أمس أعلن نتنياهو بانه سيكون نقاش، ولكن بدون تصويت. صباح امس، عندما فهم بان هذا اختبار لقدرته القيادية أيضا – انقلب. احيانا يخيل ان نتنياهو يتخذ قراراته مثل الفتاة المراهقة التي تفحص اذا كانت محبوبة أم لا: يحبني، لا يحبني. اصوت، لا اصوت.

وزراء في الليكود يروون بانه جاء الى جلسة وزرائنا بعد أن قالت العناوين في الصحف انه لا يوجد تصويت لان شاس واسرائيل بيتنا تعارضان. من قال انه لا يوجد تصويت؟ تساءل بغرور على مسمع من وزراء الليكود.

خسارة. لو كان أنصت للعناوين في الصحف، لما كان وضعه فظيعا. ما كان هذا ليخجله لو أنه قرر اجراء نقاش جدي، معمق في الحكومة واجراء التصويت في موعد آخر. سلفان شالوم حذره: لا يجب طرح هذا على التصويت لا من ناحية جماهيرية ولا من ناحية سياسية. جماهيريا، لا يمكن اجراء نقاش قصير في تقرير على هذا القدر من الجدية. وسياسيا: نهضت في الصباح واكتشفت بان الليكود لا يزال مع 27 مقعدا فقط. اذا كان هكذا هو الحال، قال شالوم، فكيف ستقره في الكنيست؟

الوزير أردان ايد شالوم هو الاخر. ولكن نتنياهو امتشق من تحت الابط: نعم للتصويت، لا للتصويت، وهكذا تحول التصويت الى تحدٍ. غير أنه عندها بدأت تتضح الصورة، وتبين انه لا توجد أغلبية ليس فقط لان الاحزاب الائتلافية الثلاثة – اسرائيل بيتنا، شاس والاستقلال – تعارض فقط، كل واحد لاسبابه، بل ان الليكود نفسه يوجد فيه ثلاثة وزراء يعارضون: كحلون، شالوم وبيلد.

النتيجة: نتنياهو اضطر الى التراجع ولم يقر في حكومته ما كان بقدر كبير في بؤبؤ عينه، سفينة العلم لديه، شيئا ما يؤمن به وباهميته. لا تقولوا ان هذه اجراءات تشددية. ففي الاجمال يدور الحديث عن امور ايجابية، كان ينبغي للحكومة في النظرة الاجتماعية ان تقرها.

إذن ما هو معنى كل هذه الاهانة التي حصلت أمس؟ كيف حصل أنه لحق برئيس الوزراء مثل هذا الحرج؟ قبل كل شيء، هذا يعني أن احد لم يعد فروضه المنزلية، لا في مكتب رئيس الوزراء ولا في وزارة المالية. احد لم يجرِ فحصا للتأكد من أنه توجد أغلبية والذي يعد أوليا عند التوجه الى التصويت.

ولكن أكثر من أي شيء آخر هذا يشهد على أن الانتخابات تقترب. اذا كانت كل الاحزاب الائتلافية لا تؤيد خطوة مركزية بهذا القدر بل تستعرض العضلات، فهذا مؤشر اولي على انها تحس اهتزازات الارض. على أنها تشم رائحة الدم. ولكن على اهمية أكبر كان سلوك وزراء الليكود الثلاثة الذين يسمحون لانفسهم باهانة رئيس الوزراء. إذ كان يفترض بهذا أن يكون جواب الحكومة على الاحتجاج. هذا يبين ان الجبهة الليكودية الداخلية تسخن. يمكن فقط أن تخيل ماذا كان يحصل لو أقام نتنياهو لجنة من السياسيين، مثلما اراد في البداية. أي حروب كانت ستخاض على خلفية امكانية تقديم موعد الانتخابات. والان يتعين على نتنياهو ان يفكر كيف يقر هذا في الحكومة. من سيرضيه. لمن سيدفع. اذا كنا نعرف كيف تعمل الطريقة، فان الدفع للاحزاب سيكون أعلى من كل الامتيازات للطبقة الوسطى والتي يقترحها التقرير.وهذه فقط البداية. القصة الاكثر تعقيدا تنتظر نتنياهو في الكنيست. اذا حاكما الامور حسب ما حصل امس، فهذا سيكون طريقا شاقا. وبشكل عام قد يشعل هذا الاحتجاج من جديد: فاذا كانت لا توجد أغلبية حتى في الحكومة، فكيف يمكن اقناع الجمهور بان هذا تقرير جيد؟اذا وصل نتنياهو الى رأس السنة بمزاج طيب، فانه سيصل الى يوم الغفران بمزاج مختلف تماما. فقبل اقل من شهر من العودة الى الدورة الشتوية، فيما ينبغي له أن يقر التقرير في الكنيست، فتح ميزانية 2012 واجراء تغييرات بالمليارات فيها: مال لدعم رياض الاطفال، بناء حضانات نهارية للجيل الغض، مواضيع تتعلق بالسكن، المواصلات العامة، التنزيلات للطلاب. ولم نتحدث بعد عن تهديدات الاطباء المختصين مع أي اسناد ودعم يعتزم الوصول الى كل هذا.

الواضح هو ان نتنياهو يحتاج الى مراجعة داخلية على نحو يائس: في مكتبه، في حزبه، في حكومته وفي ائتلافه.

الربيع العربي: الثورة السعودية

اسرائيل اليوم - بوعز بسموت:4/10

(المضمون: التغيير التشريعي الذي حدث في السعودية وأباح للنساء هناك المشاركة في الانتخابات البلدية برهان على ان المجتمعات العربية ستتغير الى الصبغة الديمقراطية بعد الربيع العربي بعكس ما يرى المتشككون).

منذ شهر كانون الثاني يتمتع العالم العربي، على الورق على الأقل، بفصل واحد فقط هو الربيع. وفي اوسلو يزنون بجدية ان يمنحوا جائزة نوبل للسلام لمتصفحي الانترنت الشباب الذين ساعدوا على ركل ابن علي ومبارك والقذافي عن مقاعدهم، برغم ان كثيرين في العالم قد استدخلوا في أنفسهم ان الربيع في مصر وتونس وليبيا يوشك ان يصبح غائما بل ماطرا.

مهما يكن الامر فان المفارقة الساخرة هي ان الملك عبد الله السعودي خاصة، وهو كابح الربيع في الخليج وأحد معارضي كل انفتاح في العالم العربي، هو واحد من المسهمين الكبار (لا بالمال، من اجل التغيير) في المسار التاريخي. فعبد الله أعطى الربيع العربي الهدية المحسوسة الكبرى وهي حق النساء في التصويت.

لم تُحب السعودية، اذا لم نشأ المبالغة، الاضطرابات في الشارع العربي، فقد تابعت المملكة المحافظة جدا بقلق انهيار الانظمة العربية وأوجب تأثير الدومينو على الملك عبد الله ان يرد، وبيّن أهم حليف لواشنطن للامريكيين انه ينبغي عدم المس بساحته الخلفية. وهكذا نجح في أن يقمع ماديا (شاركت قوات سعودية في تفريق المظاهرات) التمرد الشيعي في البحرين وفي أن يمنح رئيس اليمن علي عبد الله صالح ملجأ وأن يقمع بالطبع من غير أن يعترض أحد تباشير التمرد الشيعي الذي نشب شرقي السعودية في شهر آذار، في حين كان يمنح المواطنين سلسلة إفضالات اقتصادية. حصرت امريكا ودول الغرب عنايتها أكثر فيما يحدث في شمال افريقيا – في مصر وتونس وليبيا – وتركت للسعوديين مجال عمل واسعا في منطقة تأثيرهم المباشرة. وسبب ذلك اذا استثنينا النفط السعودي والشراكة الناجحة مع عبد الله هو ان الغرب لم يشأ إضعاف العدو الأكبر لايران في العالم الاسلامي.

وهنا فان المفارقة هي أنه من بين كل الأحداث في العالم العربي منذ كانون الثاني فان الخبر عن الاصلاح في السعودية الذي يقضي بأن النساء يستطعن المشاركة في انتخابات السلطات المحلية وأن ينتخبن ويُنتخبن هو الخبر الأهم. ينبغي أن نذكر أن النساء في المملكة المحافظة لا يستطعن حتى أن يقُدن أو يعملن أو يغادرن الدولة دون أزواجهن، وها هو ذا الملك يُبشر فجأة بأنهن يستطعن منذ 2015 المشاركة في الانتخابات البلدية.

أوضح الملك انه لا يتعدى الشرع. ولما كانت الشريعة تمنع النساء في مؤسسات القيادة فقد استقر رأيه مع الفقهاء على إشراك النساء بصفة اعضاء على الأقل في السلطات البلدية. وهذه أول مرة في التاريخ بالفعل تدخل فيها النساء المجال السياسي في السعودية. وقد صفق البيت الابيض للقرار.

هذا الاجراء مهم ايضا في سياق الجدل الجوهري في شأن الربيع العربي. فاولئك الذين يتابعون بقلق التغييرات هناك يشكون في قدرة تلك المجتمعات على تغيير صبغتها والتحول الى ديمقراطيات في الأمد القصير – المتوسط. ان ما فعلته السعودية برهان على ان تغييرا اجتماعيا سيأتي حتى لو احتاج الى سنين كثيرة.

 

 

مجابهة ضغوط الادارة

اسرائيل اليوم -ايزي لبلار:4/10

(المضمون: يدعو الكاتب أصدقاء اسرائيل في الولايات المتحدة من المنظمات والأفراد على السواء الى زيادة الضغط على الادارة لاخراج الأحياء اليهودية في القدس من دائرة التفاوض ولعدم ملاشاة النهج الذي خطّه اوباما بخطبته في الامم المتحدة).

لا يجوز أن نقلل من قدر التأثير العظيم الذي كان لتنديد الادارة الامريكية القوي برخص البناء في حي غيلو المقدسي. ومن الضروري أن يُبين للامريكيين والجماعة الدولية ان غيلو ليست مستوطنة معزولة.

لم يتم تحدي طوال اربعين سنة قط حقيقة ان غيلو جزء من القدس اليهودية. وهي حي من الضاحية يسكنه مائة في المائة من اليهود ويقع جنوب غرب المدينة على مبعدة عدة دقائق من مركزها. في اثناء الانتفاضة الثانية عانى الحي من اطلاق نار قناصة من الارهابيين سكنوا الضاحية العربية المجاورة، بيت جالا. ان غيلو جزء من القدس بنفس قدر كون رحافيا أو القطمون جزءا منها. والكُفر بانتماء غيلو الى دولة اسرائيل يعادل كُفرا مشابها بانتماء تل ابيب الى الدولة.

كذلك الاشارة الى ان صيغة اوباما المتعلقة بحدود 1967 تشتمل على غيلو غير مفهومة. لانه اذا كان الامر كذلك فماذا عن الـ 300 ألف ساكن في الأحياء اليهودية المبنية وراء الخط الاخضر ومنها رمات اشكول وبسغات زئيف ورموت والتلة الفرنسية؟ سيرفض كل حزب سياسي صهيوني من التيار المركزي، بلا اعتراض المفاوضة في هذه المناطق.

ان التنديد الامريكي يثير الغضب لانه جاء في أعقاب الخطبة التشهيرية التي خطبها رئيس السلطة الفلسطينية غير المهادن محمود عباس في الجمعية العامة للامم المتحدة. رفض عباس المصالحة وأكد تصميمه على عدم الاعتراف أبدا بدولة يهودية بل انه رفض الصلة التاريخية بين الشعب اليهودي والارض المقدسة. واتهم اسرائيل بـ "التطهير العرقي" باستعماله مصطلحات مثل "عنصري" بل "فصل عنصري". وذلك من غير ان يرجع عن تصريحاته السابقة التي قالت انه لن يُسمح حتى ليهودي واحد وحيد ان يعيش في الدولة الفلسطينية الجديدة.

ان التاريخ حول البناء في غيلو يجاري مسارات دبلوماسية دقيقة في مجلس الامن ثارت في أعقاب نقض الفلسطينيين لاتفاقات اوسلو. نحن محتاجون الى تأييد الولايات المتحدة لمجابهتها. فعلى سبيل المثال يتوقع ان يوقفنا عدد من الدول الاوروبية مرة اخرى على منصة المتهمين حينما نرفض قبول ان نستبدل بقرار الامم المتحدة 242 صيغة مؤداها ان تصبح خطوط الهدنة في 1949 (مع تبادل اراض يتعلق بموافقة الفلسطينيين) نقطة بدء التفاوض الجديد. سيفضي هذا الامر الى ان تصبح حدود 1967 غير القابلة للدفاع عنها الحدود الجديدة بالفعل التي ستُفرض علينا في حين ستُخرج من يد اسرائيل أجزاء مهمة من القدس اليهودية، وجبل الهيكل ايضا. برغم سياسة نتنياهو في مراودته اوباما، فانه أحسن الصنع حينما أجاب بأن عاصمة اسرائيل وبخاصة ضواحيها اليهودية، لم تتعرض حتى الآن لتدخل خارجي وأن حكومته لن تغير سياستها. يؤمن الفلسطينيون بأنهم سيستطيعون بمقابل معارضة الولايات المتحدة لاجراءاتهم في الامم المتحدة، أن يُخضعوا ادارة اوباما لفرض تنازلات من جهة واحدة اخرى على اسرائيل. لهذا توجد أهمية حاسمة لرفع القادة اليهود الامريكيين وأصدقاء اسرائيل أصواتهم معارضين جهود جعل القدس اليهودية موضوعا يخضع للتفاوض.

كان إييف فوكسمان من رابطة مقاومة التشهير واحدا من القادة اليهود القليلين الذين كان عندهم شجاعة الاعتراض على الضربات التي وجهها اوباما الى اسرائيل في المراحل السابقة. وقد اتهمني في المدة الاخيرة خطأ بأنني غير مستعد للثناء على مبادرات اوباما الايجابية نحو اسرائيل برغم أنني فعلت ذلك في عدة فرص. ومع ذلك ذكرت ان رابطة مقاومة التشهير ومنظمات مؤسسية يهودية اخرى بقيت صامتة خلال الاشهر الستة الاخيرة في مواجهة هجوم اوباما الدبلوماسي على اسرائيل.

اذا لم يُسمع رد يهودي حازم فسيُسهم ذلك في تعزيز المصممين في الادارة على إرضاء الفلسطينيين على حسابنا، ويتبخر الضغط على الادارة للاستمرار في النهج الذي خطّه اوباما في الامم المتحدة، ويتقلص ليصبح حيل انتخابات لاجتذاب الاصوات اليهودية والمناصرة لاسرائيل الى المعسكر الديمقراطي.