بينما تضاف حقائق جديدة وإدانات جديدة للملفات الأربعة بالفساد وبما هو أخطر من الفساد وتحاصر بنيامين نتنياهو وعائلته وأقرباءه وأصدقاءه وموظفيه الأقربين، وبينما يتواصل الارتباك الشديد داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب، خاصة في القضايا الأكثر تعقيدًا وأولها القضية الفلسطينية، والملف النووي الإيراني، والعلاقات الفاشلة مع كوريا الشمالية، وفي نسق العلاقات الدولية التي أصبحت حذرة جدًا من نزوات ترامب المفاجئة، وتغريداته التي تعكس عدم استقراره النفسي، وعدم إمكانية الركون إليه، فإنَّ القدس عاصمتنا الأبدية، المكون الرئيسي من مكونات هويتنا، وصاحبة الموقع المتميز في عقيدتنا الإسلامية، بصفتها مكان المعجزة المحمدية الذي أسرى به إليها، وعرج منها إلى سدرة المنتهى حتى صار قاب قوسين أو أدنى، وتسلم فيها عمادة السلك النبوي حين صلى أمامًا بكافة الأنبياء من آدم عليه السّلام إلى آخر الأنبياء، القدس بأهلها المقدسيين التي تختار حكومة نتنياهو كيف تذيبهم فلا تجد لذلك سبيلاً رغم إجرام الاحتلال اللاحدود له، هذه القدس بمقدسييها هي عنوان المعركة، هي روح المعركة، هي حافز المعركة التي موضوعها وجوهرها تجسيد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران والقدس عاصمتها ودرتها وعطاء أجيالها.
القدس تواصل التقدم، وتواصل الانتصارات بينما الأفاعيل الاحتلالية تهزم، والتحالف الأميركي الصهيوني يتكشف وينفضح، وتبادل الهدايا السامة بين ترامب ونتنياهو لا يحقق لأحد منها النجاة، بل أنَّ العناد الفارغ، والادعاءات الوهمية تجعل من الرجلين نموذجين صالحين للغرق في الأزمة.
مع الأسف الشديد، فإنَّ بعض العرب، وبعض الفلسطيينين مثل حماس، يستمرون في الغرق في اللعبة المعادية، ويستمرون في طلب النجاة من بوابة العدو، ويستمرون في الاعتقاد الغبي، بأنَّ أولويات أميركا التي هي نفسها أولويات إسرائيل هي الخيار الأمثل، وهم يلوذون بأوهامهم، وبإنسحاقهم بدل أن يلوذوا بالأمل، ويتخذوا القدس عنوانًا لعودتهم إلى أصولهم ومصالحهم التاريخية، وهم في هذا الاندياح المخجل إلى جانب العدو يذهبون سدى إلى طريق الوداود، حين الخوف المجاني يقود إلى التسليم، ويدفعهم كما ترى حينما يقتربون من حاجز الخيانة إلى البحث عن محلل، ويفضل أن يكون هذا المحلل فلسطيني يختارونه من المتساقطين على الطريق.
لك المجد يا قدس، ولكم التحية أيُّها المقدسيون الذين فرضتم على نتنياهو هزيمة ساحقة عقب أحداث شهر تموز في العام الماضي بخصوص البوابات الالكترونية والكاميرات الذكيَّة، وفرضتم عليه هزيمة كبرى بخصوص كنيسة القيامة قبل أيام، من قال أنّ القدس والمقدسين لا يصلحون لأن يكونوا عنوان المعركة؟ لك المجد يا قدس ولكم العزة يا مقدسيين، دائمًا حاضرون في المعركة، ودائمًا تعرفون كيف تكون البطولة، وبأيديكم القوية سنصنع معًا انتصار فلسطين.