كشف الفلسطينيون المسيحيون عورة دولة الاحتلال، وادعاءات رئيس حكومة المستوطنين المتطرفين بنيامين نتنياهو وكلامه المزيف عن التسامح الديني.
إغلاق أبواب كنيسة القيامة في القدس سابقة تاريخية، ستدفع المؤمنين المسيحيين الذين يأتونها من جهات الأرض وأقاصيها حجاجا وزوارا، ويؤدون فيها مناسكهم، للتساؤل عن السبب!!.
يعلم المؤمنون المسيحيون الفلسطينيون والعرب ومن كل أجناس الشعوب وعروقها أن دولة الاحتلال إسرائيل تحتل المدينة المقدسة منذ خمسين عاما، وأن مخطط تهويدها، وإحداث التغيير الديموغرافي بالتوازي مع طمس طابعها العربي الفلسطيني والديني، وها هم الآن يعلمون أن سلطات الاحتلال لم تستهدف الرموز والأماكن المقدسة لدى المسلمين وحسب، بل الرموز والأماكن المقدسة لدى المسيحيين، وهم يعلمون أنهم يستهدفون الغالبية العظمى من سكان المعمورة بقرار فرض الضرائب على دور العبادة المسيحية والإسلامية في القدس.
قبل شهور رفض الفلسطينيون المسلمون الصلاة في المسجد الأقصى، وقرروا الصلاة في محيطه - أي بمعنى إغلاق المسجد الأقصى - ردا على قرار سلطات الاحتلال نصب كاميرات مراقبة على مداخل الحرم القدسي، وبقي المؤمنون صامدين وثابتين على موقفهم حتى لحظة التأكد من انصياع سلطات الاحتلال وخضوعها لمطالبهم ونزع أجهزة التجسس، الخارقة لحقوق الإنسان وحريته في التنقل والعبادة، فكانت صفحة عظيمة في السجل الوطني للشعب الفلسطيني .. واليوم يبدأ الفلسطينيون المسيحيون كتابة صفحة عظيمة أيضا في هذا السجل، وليؤكدوا للعالم أن الفلسطينيين المسيحيين على قدر الأمانة والمسؤولية التاريخية في حماية وصون المقدسات المسيحية، كما اثبتوا جدارتهم في حفظ الأمانة والمسؤولية التاريخية في حماية وصون المقدسات الإسلامية.
لا تقدر قوة في العالم على فصل انتماء الإنسان الديني عن انتمائه الوطني، ذلك إنهما وجه العقيدة، ولا يكتمل كيان الإنسان إلا بكمال وتوازن الانتماءين، وهذا مالا يعرفه المستوطنون، المحتلون، المستعمرون الغزاة، الغرباء عن هذه الأرض وثقافة أصحابها أهلها الأصليين، وهذا ما جسده شعب هذه الأرض المقدسة، حيث برهن على سمو الانتماء الوطني وعلوه، فهنا في فلسطين يتحد كتف المواطن الفلسطيني المسيحي مع كتف المواطن الفلسطيني المسلم في ملحمة الدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية، ويتحد كتف المواطن الفلسطيني المسلم مع كتف المواطن الفلسطيني المسيحي في ملحمة الدفاع عن كنيسة القيامة.
قرار سلطات الاحتلال بفرض الضرائب على الكنائس والمساجد، عدوان جديد على القدس بأسلوب آخر، ومقدمة لقرارات وقوانين ستفرضها سلطات الاحتلال، التي اتخذت وستتخذ من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس أساسا، ما يجعلنا نذهب إلى إعطاء تفسير بعيد المدى لقرار ترامب، وهو تهيئة المناخ لمواجهة شاملة بين مفاهيم ترامب الدينية المصبوبة في قوالب الصهيونية مع الكنائس المسيحية في العالم، وليس مع المسلمين ومذاهبهم وحسب.
من المناسب في هذا المقام إشهار رفض مسمى "المسيحية الصهيونية" أو "الإنجيليين"، ذلك إن المسيحية، والإنجيل ككتاب مقدس أسمى واطهر من ربطهما بالصهيونية كمشروع استعماري استيطاني احلالي عنصري، وبحركة لم يتوان قادتها عن زج اليهود في المحارق والمجازر لتمرير مشروعهم، أما جرائم حروبهم بحق شعبنا وجرائمهم ضد الإنسانية، فإنها تقضي بعزلهم عن قواميس لغات الأمم والشعوب في الدنيا، وقد وجب التعريف بأن هذا الاسم (الصهيونية المسيحية يطلق عادة على أصوليين منتسبين لكنائس بروتستانتية يعتقدون أن إنشاء إسرائيل عام 1948 كان ضروريا لإتمام نبوءات مزيفة). ويعتقد هؤلاء بوجوب الدفاع عن اليهود ولا يقبلون معارضة إسرائيل في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا أمر طبيعي باعتبارهم محور رئيس في اللوبي الصهيوني المؤيد لدولة الاحتلال. ولا ننسى أن الحزب الجمهوري الذي أوصل ترامب إلى سدة الحكم في واشنطن، يؤيد إسرائيل كاعتقاد ديني ثابت، وليس لاعتبارات سياسية.
مهم جدا البناء على قرار إغلاق كنيسة القيامة، فهذا من شأنه تعزيز الانتماء الوطني والدفع نحو استقلال وطني وقيام دولة فلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية، ومفاتيح كنيسة القيامة، والمسجد الأقصى، والقدس ستبقى بأيدي الفلسطينيين ما دامت الشمس تشرق على الدنيا من المشرق.