تتواصلُ حملات الاحتجاج والاستنكار وشجب مواقف الإدارة الأمريكية المنحازة لكيان الاحتلال الصهيوني، وتنكُّرها لعدالة القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وَفْـَق قرارات الشرعية الدولية، والتي عبَّر عنها مؤخَّرًا إعلان الرئيس الأمريكي دونالـد ترامب "أنَّ القدس عاصمة الكيان الإسرائيلي"، وقراره بتخلّي أمريكا عن التزاماتها المالية تجاه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وعطفًا عليـه، وبدعوة من جمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني" و"اتحاد نقابات عمَّال فلسطين" واللجان الشعبية الفلسطينية في منطقة صيدا، نُظِّم اعتصامٌ حاشـدٌ أمام مستشفى الشهيد محمود الهمشري، في ضواحي مدينة صيدا جنوبي لبنان، اليوم الجمعة 2-2-2018.

وشارك في الاعتصام العشراتُ من ممثِّلي وكوادر الطاقم الطبي لمستشفى الهمشري وطلاب دورة التمريض، واللجان الشعبية في مخيَّمات صيدا، وممثِّلي وأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد نقابات عمال فلسطين، وحشدٌ من ممثِّلي القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، وإعلاميون وفعاليات.

واستُهِلَّ الاعتصامُ بكلمةٍ بِاسم اللجان الشعبية الفلسطينية ألقاها أمين سر اللجان الشعبية في منطقة صيدا د.عبد الرحمن أبو صلاح، فأكَّد عروبةَ القدس، ونوَّه بتاريخها وصمودها في روجه أعتى الغزُاة، وانتصارها بصمود ورباط أهلها وتضحياتهم، وأضاف: "رحلَ الغُزاة، وبقيت القدس عصيةً على الأعداء، ولن يُرهِبها أو ينال منها جبروت الاحتلال الإسرائيلي، ومهما اشتد أو طال أمـده فهو راحل لا محال".

ورأى بقرار ترامب بشأن القدس تجاوزًا للخطوط الحمراء، وعدم اهتمام ولامبالاة بالشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والقدس، وأشار إلى أنَّ القرار الأمريكي تجاه وكالة "الأونروا" قرار سياسي ظالم وجائر، وهدفـه التخلص من "الأونروا" كشاهدٍ قانونيٍّ ودوليٍّ حيٍّ على حالة اللجوء وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.

كلمة جمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني" ألقاها مدير مستشفى الهمشري د.رياض أبو العينين، إذ أدرج الاعتصام في سياق رفض قرار ترامب الجائر بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وإعلانها عاصمةً لـ"ما يُسمَّى دولة إسرائيل" من جهة، ودعمًا لاستمرارية وكالة "الأونروا" في تقديم خِدماتها كاملةً، ورفضِ أيِّ مشروعٍ مُستقبليٍّ لإنهاء هذه المؤسسة، الشاهد الحي على نكبة ومأساة الشعب الفلسطيني من جهة أخـرى.

وقال: "لقد اعتقدَ العدو الإسرائيلي أنَّ الأمر قـد انتهى، ولكنَّه واهـمٌ، فالقدسُ تعيش معنا يومًا بيوم، ولا يمكن لأحـد بمجـرد التوقيع على وثيقة في حفلٍ تهريجيٍّ، وكأنَّه ممثِّل ٌكوميديٌّ، أنَّ يعتقد بأنَّ القدس ستذهب مع الريح، وأنَّـه سيُجرِّدنا من حواسنا الخمس التي تنطق بالقدس".

وتابـع: "اليوم يقفُ العالم إلى جانب قضيّتنا الفلسطينية العادلة، في وقت يعيش الكيان الإسرائيلي الغاصب عزلةً سياسيةً، وفي وقت تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض أمـر وقـع في أرض لم تكـن يومًا تملك فيها حقًّا، وتسعى كذلك لفرض قيود جديدة تُجبر القيادة الفلسطينية على العودة إلى طاولة المفاوضات، بوقت ردّت القيادة بقرار وقف التواصل واللقاءات مع الجانب الأمريكي، باعتباره راعيًا غير نزيـه لعملية السلام".

ووصف د.أبو العينين وقفَ التمويل عن "الأونروا" بالمؤامرة الكبرى على القضية الفلسطينية، ورأى أنَّه يُمثِّل استهدافًا مقصودًا للنّيل منها كشاهد حيٍّ على مأساة ومعاناة شعبنا، ومقدِّمةً للتآمر على قضية حـق العودة.

من ناحية أخرى، نوَّه إلى أنَّ التعليم والتوظيف والطبابة من أبسط حقوق البشر، وقال: "إنَّ "الأونروا" منذ نشأتها تعمل على توفيرها لشعبنا اللاجئ، وعليه نؤكِّد نحن أبناء الشعب الفلسطيني في مخيّمات اللجوء وقوفَنا إلى جانب هذه المؤسسة العملاقة، ورفضَ كلِّ الأساليب الدنيئة والرخيصة للنيل منها والسعي لشطبها وإنهائها، وبالتالي إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة".

وختم د.أبو العينين مُذكِّرًا بالتاريخ العريق والعظيم للشعب الفلسطيني، وتساءل: "آمـا آنَ الأوان أن نُعلن عن وحدتنا الوطنية الفلسطينية الكاملة، وأن نرصَّ الصفوف، ونوحِّد الطاقات لإسقاط كافة المؤامرات المشبوهة، فشعبنا يستحق، وفلسطين تستحق منا جميعًا تقديم التنازلات لبعضنا البعض، وتستحق التضحيات، لنرى عَلَمَنا الفلسطيني يرفرف فـوق أسوار ومساجد القدس وكنائس القدس".