ما زلنا في انتظار ما سيقوله الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب الذي رجَّحت الأخبار أنَّه سيتحدَّث يوم الأربعاء القادم حول موضوع القدس، القدس الشَّرقية عاصمة فلسطين التَّاريخية والأبديَّة.
هل يذهب إلى الخُضوع للضُغوطات الثَّقيلة عليه من جهات متعدِّدة بخصوص وجوده في البيت الأبيض، أم يثبت أنه رغم كل شيء أنَّه الرَّئيس الأميركي القوي الذي يرى ما يراه كثير من النُخَب السِّياسية الأميركية؟ ولذلك وجدناه طوال الفترة الماضية مرتبكاً لا يصل بأيَّ خطوة إلى نهاياتها سواء على صعيد السِّياسات الداخلية والخارجية، أو بالنِّسبة للملف النَّووي الإيراني أو ملف كوريا الشَّمالية أو العلاقة مع الأطراف المتصارعة في سوريا، بل وصلت الأمور إلى ارتباك في سياساته تجاه داعش ومواقفه التي لا تقنع أحداً ضدَّ بعض القرارات والتوجيهات المتعلِّقة بالمجتمع الدولي.
نحن كفلسطينيين كنا موجودين على رقعة الصِّراع في الشَّرق الأوسط حتى قبل أيَّ علاقة مع أميركا التي نجحت في عهد جورج بوش الأب أن تتقدَّم إلى مستوى كبير نَتج عنه مؤتمر مدريد، ثمَّ تطوَّرت هذه العلاقة في عهد الرئيس بيل كلنتون إلى رعاية كاملة لعملية سلام مع الإسرائيليين عبر اتفاق شهير تمَّ التَّوقيع عليه والاحتفال به في حديقة البيت الأبيض في الثَّالث عشر من أيلول 1993 وتأسَّست بموجبه السُّلطة الوطنية. صحيح أنَّ من وقَّع على هذا الاتفاق، وهُما اسحاق رابين وياسر عرفات، قد وَقَعا ضحايا لقرار الإرهاب الإسرائيلي الذي أنتج نتنياهو، وأنتج سعار الاستيطان، وأنتج مجموعات الإرهاب اليهودي مثل تمرد وفتيان التلال وإشارة تدفيع الثَّمن، وأنتج العديد من قاد المستوطنين ووزراء الحكومة المتعصِّبين، والحاخامات المهووسين، لكنه لم يسقط الدور الأميركي، وهو دور يجعل من أميركا دولة لها مصداقية ولها دور عالمي، وقد قام وزير الخارجية الأميركي السَّابق جون كيري بزيارة رام الله أكثر من أربعين مرة ملتقياً مع الرَّئيس أبو مازن، دلالةً على حيوية الدور الأميركي، ولم يحدث طوال فترة هذه الإدارات وهذه العلاقات أي تغيير على وضع القدس بصفتها مدينة فلسطينية محتلة، ولا على وضع القدس الشَّرقية، ولا على الصفة الدولية للاستيطان، بأنَّه غير شرعي ولن يكون.
نعرف أنَّ الرَّئيس دونالد ترامب يتعرَّض إلى ضغط من إسرائيل، ضغط من اللُّوبيات اليهودية، ضغط من المؤسسات المسيحية المُتصهينة، ولكن كل ذلك حَدث مع رؤساء أميركيين سابقين، وهذا الضغط لم ينجح في نقل السَّفارة، ولم يمس مكتب منظمة التحرير بصفتها الجهة التي وقَّعت مع حكومة (إسرائيل) على اتفاق إعلان المبادئ (أوسلو) في حديقة البيت الأبيض. أمَّا في عهد إدارة ترامب الذي يوشك أن ينهي سنته الأولى فالإشارات السَّلبية تتراكم، ولقد وصلت الآن تسريبات حول القدس وهذه أكبر نقطة تفجير في المنطقة والعالم.
الضَّغط على الرَّئيس ترامب هو ضغط وجودي، خلاصته هل يبقى في البيت الأبيض أو يُغادر، فهل يكون الشَّعب الفلسطيني هو الثَّمن في هذه الصَّفقة العجيبة؟!
ما زلنا في انتظار الإجابة، وحينها، إذاً لكل حادثٍ حديث.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها