نفذ جيش الموت الإسرائيلي أمس عملية عسكرية شرق محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، استهدف فيها نفقاً عسكرياً تابعاً لحركة الجهاد الإسلامي ذهب ضحيتها حتى كتابة هذه السطور ثمانية شهداء وأربعة عشر جريحاً جلهم من كتائب "سرايا القدس" بمن فيهم قائد لواء الوسطى عرفات أبو مرشد (أبو عبدالله)، ونائبه حسن أبو حسنين. هذا وقد استخدم الجيش الإسرائيلي الغازات السامة والأسلحة المحرمة دولياً مما ضاعف من عدد الشهداء والجرحى، وكشف عن أن إسرائيل لا تتورع عن استخدام أية أسلحة لتنفيذ جرائم حربها ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني.
شاءت حكومة الائتلاف اليميني المتطرف بقيادة نتنياهو تحقيق عدة أهداف سياسية وعسكرية وسيكولوجية في آن، منها: أولاً إعلان انتهاء زمن الهدنة، التي وقعتها إسرائيل مع حركة "حماس" عام 2014 في أعقاب حربها المسعورة آنذاك؛ ثانياً خلط الأوراق في الساحة وعلى المسار الفلسطيني الإسرائيلي، وإرباك المشهد برمته، وتغيير قواعد اللعبة؛ ثالثاً تعطيل تقدم المصالحة الوطنية، رغم أنها وافقت على طي صفحة الانقلاب الحمساوي، إلا إنها تؤكد رغبتها وخيارها في بقاء دوامة الانقسام والتمزق الفلسطيني قائم ومستمر، لان ذلك يخدم أهدافها الإستراتيجية؛ رابعاً دفع أذرع المقاومة في غزة للرد على الجريمة الإسرائيلية، لخلق الذرائع لشن حرب جديدة على القطاع؛ خامساً التأكيد لفصائل المقاومة في محافظات الجنوب أن يد جيش الحرب الإسرائيلي طويلة، وتستطيع الوصول إليهم في أنفاقهم؛ سادساً التأكيد أيضاً إن إسرائيل، هي التي تقرر مكان وزمان أي معركة؛ سابعاً إرسال رسالة لأذرع المقاومة أن أجهزة إسرائيل الأمنية صاحبة باع طويلة في الوصول إلى أدق المعلومات ومواقع عملها؛ ثامناً إضعاف الروح المعنوية في أوساط الشارع الفلسطيني عموماً والقطاع خصوصاً؛ تاسعاً خلق حالة من الإرباك في صفوف فصائل المقاومة نتيجة حجم ونوعية الخسائر البشرية واستهدافها للمواقع الحصينة؛ عاشراً التأكيد للشعب الفلسطيني وقيادته والعالم اجمع أن إسرائيل ليست معنية بعملية السلام، وأن خيارها الأساسي بقاء دوامة العنف والحرب والاستيطان الاستعماري.
هذه وغيرها من الأهداف ما أرادت حكومة نتنياهو إرسالها لفصائل المقاومة والعالم. الأمر الذي يتطلب من الكل الفلسطيني عدم التعاطي بردة فعل متسرعة مع العملية الإجرامية الإسرائيلية لقطع الطريق على مخططها الجهنمي، واستخلاص الدروس والعبر من العملية الإسرائيلية، ووضع خطة وطنية عامة لا تقتصر على حركة الجهاد الإسلامي وذراعها "سرايا القدس"، ليكون الرد مسؤولاً ويخدم المصالح الوطنية العليا. لإن أية ردود متسرعة وانفعالية تصيب الشعب الفلسطيني وقواه ونخبه السياسية وأذرعه الكفاحية في مقتل، وتقدم خدمة مجانية لدولة الاستعمار الإسرائيلية.
ويتمثل الرد الوطني السريع والشجاع في الآتي: أولاً التمسك بخيار المصالحة الوطنية، وعدم النكوص أو التراجع عن ذلك تحت أي أسباب آنية أو طارئة؛ ثانياً العمل على تعزيز دور حكومة الوفاق الوطني في تسلم مهامها على الأرض؛ ثالثاً رفع الروح المعنوية في أوساط الشعب، وحماية وحدته؛ ثالثاً بث روح التفاؤل والأمل بالوحدة الوطنية باعتبارها رافعة من روافع النضال الوطني؛ رابعاً مطالبة الدول العربية وخاصة الراعي المصري باتخاذ ما يلزم من الإجراءات لوقف جرائم إسرائيل؛ خامساً مطالبة العالم والأمم المتحدة بتحميل إسرائيل المارقة المسؤولية عما تحمله عمليتها الإجرامية من تداعيات قد لا تحمد عقباها على عملية السلام والأمن الإقليمي والعالمي في المستقبل المنظور.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها