بعد انجاز وتحقيق العديد من ملفات المصالحة الوطنية برعاية الشقيقة الكبرى مصر، وعلى رأسها قيادة المخابرات المصرية ممثلة بالوزير خالد فوزي، ووصول حكومة التوافق الوطني برئاسة رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمد الله، لقطاع غزة واستلام الوزراء مهامهم، والاتفاق على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وبعد تمكين الحكومة من القيام بمهامها في قطاع غزة، والاتفاق على استمرار الحوار في القاهرة منتصف الأسبوع القادم  كل تلك الارهاصات والمؤشرات تؤكد أننا على أعتاب مرحلة جديدة من تجديد الشرعيات الانتخابية في فلسطين، فهل حركة فتح ومناصريها جاهزون لها أتم الجهوزية؟، كحركة تحرر وطني قائدة ورائدة للمشروع الوطني الفلسطيني، لأن فتح هي رُبان وقائد السفينة الوطنية. إن تجارب الماضي تتطلب منا مراجعة فكرية تأملية فاحصة وناقدة وعميقة وشاملة، في أسباب خسارة حركة فتح في الانتخابات التشريعية لعام 2006م، والتي فازت فيها حركة حماس واكتسحت الأصوات وحصلت وقتها على أكثر من 76 مقعدا من أصل مقاعد المجلس التشريعي البالغة (132) مقعدًا، لذلك علينا أن نبحث الأن ونستقرأ ونكتشف ما بين السطور محلياً في الشارع الفلسطيني عموماً والفتحاوي خصوصاً، وعربياً وإقليمياً ودولياً، لأن حركة حماس تقول أننا جاهزون لاستحقاق إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، حيث أن النجاح في هذه الانتخابات القادمة ليست كسابقاتها، لأنها ستشكل محطة وحلقة هامة وانعطافة كبيرة فيما يتعلق بأن المجلس التشريعي القادم ممكن أن يكون ضمن المجلس الوطني ويشكلان معاً مجلساً وبرلماناً عاماً للدولة الفلسطينية في حال تم تحقيق حل دولي للقضية الفلسطينية، وأعتقد أن حركة فتح حتى هذا الوقت الذي نقترب فيه جميعاً من الوصول لاستحقاق الانتخابات الرئاسية والتشريعية لم تتجهز وتستعد جيداً وبالشكل الصحيح والمطلوب لمواجهة هذا الحدث والاستحقاق الوطني الانتخابي الكبير والذي تعطل بفعل الانقسام الذي استمر ما يقارب إحدى عشر عاماً؛ مما جعل الشعب الفلسطيني متعطش جداً لاستحقاق العرس الديمقراطي الفلسطيني وإجراء (الانتخابات)، في ظل تسارع الأحداث من حولنا ووجود أحلاف وأحزاب وتحالفات كثيرة وجديدة، ونحن في حركة فتح البعض منا يغُني ويغرد على ليلاه!!؛ وإن الوقت يمضي بنا ومن حولنا وفي أرضنا الاحتلال اليميني المتطرف يتغول بالاستيطان والتهويد بغطاءٍ أمريكي، ووضعنا لا نحسد عليه، وخاصة أن فتح بها ما بها مؤخراً من بعض الخلافات في البيت الفتحاوي والتي باتت لا تخفي على أحد، مع أن مواجهة الانتخابات القادمة يتطلب وحدة البيت الفتحاوي والاستعداد الجيد لها، لأن أي خلل أو خسارة لا سمح الله في الانتخابات التشريعية القادمة تتعرض لهُ الحركة ستكون له نتائج قاتلة وتعني تدمير وتشتيت واضعاف كبير لحركة فتح، بل بمثابة زلزال سيصيب مشروع التحرر الوطني برُمتهِ! فهل لفتح كحركة وطنية عملاقة كبيرة تحمل هّمْ الوطن فلسطين، وقدمت ألاف مؤلفة من الشهداء والأسرى والجرحى، وصاحبة القرار الوطني الفلسطيني المستقل وبوصلتها تحرير القدس الشريف وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، أن تستعد وتُّحضر وتُعد جيداً لتلك الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، وأن تلملم جراحها الداخلية، وتتعالى عليها، والبدء في وضع الخطط والأليات بشكل علمي وتنظيمي واضح ومدروس، مع العمل الدؤوب في كل المناطق والأقاليم والمحافظات الشمالية والجنوبية، لإعادة ترتيب صفوفها، مع العمل على أن تكون هناك وحدة فتحاوية فتحاوية داخلية من أجل مواجهة استحقاق الانتخابات التشريعية والرئاسية، وللعلم أن حركة حماس كمُعارضة مستفيدة وتستفيد من استمرار الخلاف الفتحاوي، في حال جرت الانتخابات؛ ثم إنها تعتمد في الانتخابات التشريعية على ترشيح أعضاء مستقلين، كشخصيات وطنية وأكاديمية علمية وازنة لها تقديرها واحترامها بين عموم الشعب الفلسطيني، حتى لو كانوا لا يتبعون تنظيماً وفكرياً لحركة حماس، مما يمكنهم للفوز من خلال دعم حماس لهم بشكل علني أو مخفي، ومن الواضح من استطلاعات الرأي العام أن هناك بعض السخط على أداء السلطة الوطنية بالمحافظات الشمالية؛ وللأسف تدفع ثمنهُ حركة فتح دائماً، ولا تتحمل عواقبه حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني، والتي ليس لحركة فتح أي وزير فيها!!.

لذا فإن المشروع الوطني الفلسطيني والقضية الفلسطينية برمتهُا تمُر في أخطر مراحلها وقد بدأ واضحاً بعض التطبيع العربي مع دولة الاحتلال دون إيجاد حل للقضية الفلسطينية وهذا يتطلب استنفاراً، واستنهاضاً ويقظةً للحركة من رأس الهرم رئيس الحركة إلى اللجنة المركزية حتى أصغر عنصر، وعضو أو مناصر للحركة، وعلى كافة الصعد والمستويات للاستعداد لمواجهة الانتخابات القادمة بقوة من خلال أن يشارك كل أبناء الحركة في صنع القرار واختيار من يمُثلهم، لأننا بأمس الحاجة لاختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، لا للمحسوبية أو الواسطة، ولنا في ذكريات انتخابات 2006م الأليمة ذكرى وعظة وعبرة وموعظة لأولى الألباب لقومٍ يتفكرون؛ فحينما وضع جُل المرشحين لحركة فتح لانتخابات المجلس التشريعي من قادة الأجهزة الأمنية والذين كانت شعبيتهم متدنية أصلاً، مع وجود بعض الفساد واضح المعالم، والذي اتسع وزاد أنداك مما تسبب بخسارة تلك الانتخابات، السؤال الذي يطرح نفسهُ الأن هل تعلمنا من أخطاء وتجارب الماضي؟، وهل ستكون فتح موحدة في الانتخابات أم لا؟، وهل ستستغل حماس الاختلاف في بيت فتح الداخلي إن استمر لا سمح الله، وتعقد تحالفات واتفاقيات مع طرف على حساب الطرف الآخر وفق مصالحها الحزبية؟ وهل فتح جاهزة لو جرت انتخابات بلدية في قطاع غزة كما ألمح لذلك رئيس الوزراء الحمد الله أثناء وجودهِ في قطاع غزة هذا الأسبوع؛ لذا فإن فتح بحاجة ماسة وعاجلة لرأب الصدع، والى إعادة ترميم بيتها وشعبيتها، مع العمل على تجنب أخطاء الانتخابات الماضية، وخاصة مع ازدياد وتنامي صعود بعض المستقلين والأحزاب والتيارات الشبابية، وتجمع لبعض العشائر والعائلات، كل هذا يتطلب اليقظة والاستعداد والعمل بروح الفريق الواحد خلف قيادة رئيس الحركة السيد الرئيس أبو مازن وعدم تهميش أحد ومنح دور لكوادر الحركة، على مستوى المناطق والأقاليم والمواقع، وبناء تحالفات تدعم من يخدم الناس ويشرف على مصالحهم وهمومهم مع الخوف من تغليب العشائرية والعائلية على قوائم حركة فتح، مع اختيار مرشحي الحركة بدقة وعناية فائقة ليكونوا من خيرة أبناء فتح وكوادرها المناضلين والمتعلمين من حملة المؤهلات العلمية العليا؛ وأن لا يكونوا من المنتفعين والمتسلقين أصحاب رأس المال والمصالح الشخصية الضيقة، فنحن أمامنا مرحلة نضالية خطيرة وصعبة ومعقدة، فإما نكون أو لا نكون وعلى قيادة حركة فتح والمركزية أن تعمل من الأن كل جهدها للتجهيز للانتخابات التشريعية والرئاسية، لأنه من جدّ وجد، ومن زرع حصد، ومن طلب العلا سهر الليالي ومن طلب الكسل نام الضحى العالي، وإن غداً لناضرهِ لقريب.