برغم ترحيب حركة فتح وفصائل منظمة التحرير بوثيقة حماس التي أعلنها خالد مشعل في مؤتمر صحفي في الدوحة، قبل أيام من تخليه عن رئاسة المكتب السياسي وحفاظه فقط على عضوية مجلس الشورى، وبرغم من ترحيب فتح وفصائل منظمة التحرير بنتائج الانتخابات داخل حماس، وصعود إسماعيل هنية الى رئاسة المكتب السياسي لحماس، إلا أن حماس، أو حماس الأخرى، كما أحب أن أسميها، لا تزال ترسل الكثير من الرسائل السلبية خصوصاً في موضوع المصالحة، وموضوع إلغاء ما اسمته اللجنة الإدارية لإدارة قطاع غزة، وموضوع حكومة الوحدة الوطنية، وموضوع الذهاب الى انتخابات رئاسية وتشريعية، ومعلنة أنها لم تتأهل بعد، وأنها ما تزال خارج المشهد بسبب حالة عدم التأهل، لأنه من المفروض ان تكون حماس بموافقتها على مشروع الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران والقدس الشرقية عاصمة لها، قد قبلت بمشروع منظمة التحرير، وهو مشروع الإجماع الوطني الذي يحظى بإجماع عربي وإسلامي ودولي، ولا يوجد مشروع سواه، ولكن حماس الأخرى، كما يظهر في بعض الأحداث، ما تزال موجودة، في الشقوق، في مناطق الظلال، في حيثيات المشاركة المعروفة، تقاوم حالة الانسجام، وتسد أذنيها عن كل ما يجري على مستوى الصعود الفلسطيني الذي يتجسد في محطات بارزة مثل إضراب الأسرى الذي يدخل شهره الثاني، وهو مؤهل لأن يكون عبر الإدارة الذكية لقيادة الإضراب أن يمتد أكثر، مع أن دخوله إلى الشهر الثاني يعتبر انتصارا بارزا وهزيمة نكراء لمنهج الاحتلال والقائمين عليه.
والصعود الفلسطيني الشامل يعبر محطات كثيرة ويتقدم بثقة عالية، مثل تجربة الانتخابات المحلية الناجحة، التي تمت في المحافظات الشمالية بنجاح وشفافية عالية وتنافس إيجابي، أما المحطة الأهم فهى زيارة الرئيس الأميركي إلى فلسطين، وتحضيراته عالية المستوى التي يقوم بها حتى تكون زيارته للسعودية تاريخية بحق، حيث يعقد فيها ثلاث قمم مع السعودية، ومع الخليج، ثم قمة ثالثة مع مستوى عربي وإسلامي يشارك فيها الرئيس ابو مازن، ولهذا يكرر أبو مازن الدعوة للقاء نتنياهو، فقد أثبت الرئيس أبو مازن أنه الشريك المؤهل لصنع السلام، والشريك المؤهل لمحاربة الإرهاب، والشريك المؤهل للمساهمة في استقرار المنطقة.
لكن رسائل حماس الأخرى السلبية تستمر، بما يخرجها أكثر من المشهد، قمع مسيرات التضامن مع الأسرى رغم بعدها الوطني الشامل، ومثلما جرى في مسجد المعتصم في الشجاعية يوم الجمعة الماضي، حين صعد أحدهم -لا أريد ذكر أسمه- إلى منبر الجامع، وبدأ بكيل الشتائم ضد فتح وضد الشرعية الوطنية الفلسطينية، فتصدى له جمهور المصلين، وأنزلوه عن المنبر الذي لا يستحق أن يصعد إليه وطردوه خارجاً، فتدخلت حماس الأخرى بمزيد من العنف، والاعتقالات، والاختطاف، لكن المشهد كان قد سبق، بأن الفرصة تتضاءل أمام حماس، بأن تسترد نفسها، وتصبح جزءاً من الشرعية الفلسطينية، حماس الأخرى ترفض، تكرر الخطأ والخطيئة، تعرض نفسها فقط كجزء من التشويش المعادي للصعود الفلسطيني، هذا سلوك لا يجدي شيئاً، جرب في الماضي وانكشف وسقط، وعلامات الغضب من الشعب تتزايد، فهل حماس مؤهلة لاستقبال الإشارات قبل وقوع الحريق الكبير؟؟؟
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها