بجرة قلم أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إعتراف بلاده بمدينة القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ضارباً بكل التحذيرات العربية والغربية عرض الحائط.
ترامب "المتهوّر" قرر أخيراً نقل العاصمة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ليقضي بذلك على أحلام ملايين الفلسطينيين الذي يتمسكون بالمدينة المقدسة عاصمة لدولتهم التي يأملون بإقامتها على حدود 1967م.
يعتبر القانون الدولي المعاصر القدس الشّرقية أرضاً واقعة تحت سيطرة وسلطة الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعية وتبعاً لذلك تنطبق عليها القواعد القانونية الواردة في إتفاقية لاهاي لسنة 1907، وإتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 اللّتان تحرمان وتجرمان كل الأعمال المنافية لطبيعة الاحتلال الحربي المؤقت بدءاً من مصادرة الأراضي مروراً بتهويد مدينة القدس والطرد ألقسري، وهدم المنازل، وسحب الهويات، والامتناع عن تسجل المواليد، وإنتهاء بالإستيطان وتغيير التركيبية السكانية والديمغرافية للمواطنين الفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية.
ومما يؤكد على بطلان الإجراءات الإسرائيلية الأنفة الذكر صدور قرارين عن مجلس الأمن الدولي:
1- الأول 242 لسنة 1967.
2- الثاني 338 لسنة 1973.
اللذان يضعان الأساس القانوني في تحديد أنّ إسرائيل قوةّ محتلّة للضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة ويطالبانها بالانسحاب حتى حدود الرابع من حزيران لسنة 1967.
إضافة إلى ذلك فهناك عشرات القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي تطالب فيها إسرائيل وجوب احترام القدس على سبيل المثال "للذكر لا الحصر" 252 لسنة 1968، 267 لسنة 1969، 271 لسنة 1969، 453 لسنة 1979، 465 لسنة 1980، 476 لسنة 1980، 478 لسنة 1980، 1073 لسنة 1996، 2334 لسنة 2016 وكلها تؤكد أن مدينة القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة عام 1967 ويطبق عليها ما يطبق على بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة من عدم جواز القيام بأي أجراء يكون من شانه تغيير الوضع الجغرافي و السكاني أو القانوني لمدينة القدس المحتلة، علما بأن بعض القرارات المذكورة أعلاه مثل 452 لسنة 1979، 476 لسنة 1980، 478 لسنة 1980 أكدت على بطلان إجراءات تهويد مدينة القدس بالكامل،كما نصت بقية القرارات الأخرى مثل 446 لسنة 1979، 465 لسنة 1980، 497 لسنة 1981، 592 لسنة 1986و2334 لسنة 2016 على تحريم الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة بشكل لا ليس فيه، وتبعاً لذلك فإن جميع الأعمال غير المشروعة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي كتهويد القدس والاستيطان باطلة من وجهة نظر القانون الدولي وتعد جريمة حرب دولية يعاقب عليها القانون الدولي بحسب ما ورد في اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998م.
وعلى ضوء ما ذكر أعلاه فإن قواعد القانون الدولي بشأن الاحتلال العسكري لا تخول دولة الاحتلال الإسرائيلي إلا سلطات محدودة من أجل تمكينها من إدارة الإقليم الخاضع لسيطرتها، وهذا يعني بأن جميع الإجراءات الإدارية و التشريعية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتغيير الأمر الواقع في الإقليم المحتل باطلة وهو ما ينطق بطبيعة الحال على الوضع القانوني لمدينة القدس المحتلة.
لذا يتوجب علينا حشد الجهود الدولية لإلزام إسرائيل كدولة احتلال على إحترام الوضع القائم في مدينة القدس إبان احتلالها من خلال تحمل الدول كافة لمسؤولياتهم الدولية الملقاة على عاتقهم بموجب القانون الدولي بغية الحفاظ على مدينة القدس من التهويد والاستيطان وتحويل ذلك إلى أمر واقع. حيث أن بقاء الوضع كما عليه الآن يشكل انتهاكاً يومياً ومستمراً للحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية ويشكل خرقاً للقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، ولأن الاحتلال الحربي الإسرائيلي لمدينة القدس لا يؤدي إلى نقل السيادة للقوات المعتدية, لأن الاحتلال مؤقت ومحدود الأجل ويجب أن ينتهي إما بعودة القدس المحتلة إلى سيادتها الفلسطينية الأصلية أو بتسوية النزاع بالطرق السلمية التي حددها ميثاق الأمم المتحدة. ودعوة الأمم المتحدة لإتخاذ التدابير اللازمة الفورية لحمل إسرائيل على الوقف الفوري لمصادرتها الأراضي وإقامتها المستوطنات، وعلى عدم إجراء تغيير جغرافي أو سكاني في مدينة القدس والامتناع عن أي عمل أو أجراء قد يكون من شانه المساس بنتيجة مفاوضات الوضع النهائي لمدينة القدس،كون إسرائيل تعتمد على سياسة الأمر الواقع الذي رفضها المجتمع الدولي في الكثير من القرارات الدولية.
د. حنا عيسى
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها