ابتكرت معلمة من مدينة غزة أداة هندسية تساعد الأطفال على رسم الكسور الهندسية بطريقة صحيحة ودقيقة، لتكون الأولى من نوعها في السوق المحلي والعالمي.

وتأخذ الأداة الهندسية شكل "المسطرة" وبداخلها مستطيلات هندسية تبدأ من النصف ثم الثُلث وحتى العُشر، وتمكّن الطفل من رسم المستطيلات الخاصة بالكسور لإجراء مقارنات بينها والتعلم بصورة أكثر سهولة وتفاعلية.

وتقول المعلمة ألفت السعايدة إن الفكرة بدأت لديها عند تعليم طفلتها (7أعوام) مادة الرياضيات؛ لكنها لم تستطع رسم الكسور الهندسية بطريقة صحيحة.

وتضيف السعايدة، التي تعمل في التدريس منذ 19 عامًا،"شعرت بالعجز أمام طفلتي؛ لأنها كانت متفوقة في جميع دروسها ولم أرغب أن تقف عند مسألة رياضيات صغيرة".

وتشير إلى أن عجز طفلتها عن رسم الكسور الهندسية؛ دفعها للبحث عن طريقة لتعليمها وتيسير المسألة الرياضية لها.

وتتابع "اهتديت إلى شباك معدنية تستخدم في صناعة أقفاص الطيور، وأعطيتا شكل الكسر مما سهّل على طفلتي الحل وأعطاني نتائج إيجابية؛ وهذا ما شجّعني لابتكار أداة هندسية لرسم الكسور".

انطلاق المشروع

وانطلقت فكرة المعلمة السعايدة إلى النور بعد أن تواصلت مع مؤسسات لتطوير الأداة وتنفيذها على أرض الواقع؛ حتى فازت بتمويل من مشروع "مبادرون 3" بالجامعة الإسلامية من بين 20 فكرة على مستوى قطاع غزة.

ويقدّم مشروع مبادرون، الذي انطلق منتصف العام الماضي بالجامعة الإسلامية، تمويل 4 آلاف دولار لأصحاب الأفكار الريادية لمساعدتهم في تطبيق أفكارهم وتحويلها إلى الواقع.

وتوضّح سعايدة أنها عرضت فكرتها على لجنة تقييم من وزارة التربية والتعليم، ولاقت تشجيعًا وتحفيزًا؛ بحكم أن أداتها الأكثر تفاعلية ونوعيةً، وستسهم بحل مشكلة يعاني منها الأطفال.

الأداة الهندسية

وترسم الأداة الهندسية "المسطرة" الكسر الهندسي بطريقة صحيحة من خلال تمرير الطالب القلم على نتوء داخل الأداة، ويعود ويتابع تحريك القلم حتى يعود لمكان البداية، ثم يرفع الأداة؛ فيحصل على مستطيل فيه نقاط متقابلة، مما يعطي رسم كسر دقيقًا.

ويوجد بالأداة الهندسية 8 كسور تبدأ من النصف لغاية العُشر، وتخدم الاطفال حتى الصف الرابع، بعد ذلك تصبح متطلبًا أساسيًا للصف الخامس والسادس.

ويرجع فضل تصميم الأداة الهندسية إلى زوج المعلمة (زياد السعايدة)، الذي ساعدها بصورة أساسية لتحويل فكرتها إلى نموذج عملي يمكن الاستفادة منه وتطويره لاحقا.

وتلفت السعايدة إلى أن مشروع الأداة الهندسية لم يأخذ شكله النهائي، وأنها تسعى لتطوير الأداة إلى شكل الدائرة بجانب (المستطيل) الشكل الأولي منها.

معوقات وحقوق ملكية

وعن المعوقات التي واجهتها، تقول المعلمة إنها تمثلت في عدم وجود قالب خاص لـ "المسطرة" الهندسية، بالإضافة لعدم توفر مواد البلاستيك الخام جراء الحصار الإسرائيلي للقطاع.

وتشير السعايدة إلى أن تكلفة القالب الحديدي الخاص بإنتاج "مسطرة بلاستيكية" وصل إلى 3 آلاف دولار، وينتج 30 ألف قطعة فقط، في حين تُنتج القوالب الحديدية بالخارج من نصف مليون إلى مليون قطعة.

 وفي الوقت الحالي تصل تكلفة المسطرة البلاستيكية إلى 5 شواكل؛ بسبب منع الاحتلال إدخال المواد الخام البلاستيكية، وفي حال توفره، فإن تكلفة الأداة تصل إلى شيكل واحد فقط، وفق السعايدة

وتسعى المعلمة السعيد إلى تسجيل ابتكارها الهندسي في الدوائر الحكومية للحصول على براءة اختراع، بالإضافة إلى تسجيله بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية "الويبو".

وتعتبر منظمة الـ (WIPO)، منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة، تعمل من أجل حماية الحقوق الملكية الفردية للأفراد.

وتطمح بألاّ يقتصر مشروع الأداة الهندسية على طلبة غزة فقط؛ بل لتصل لكل معلم وطالب في جميع أرجاء العالم.

فكرة ريادية

ويرى مدير عام التطوير في وزارة التربية والتعليم عبدالرحمن جبر أن مشروع الأداة الهندسية للأطفال فكرة ريادية، لم يسبق أن تعاطى معها التعليم في فلسطين بالصورة التي تقدمها.

ويلفت جبر، في حديثه، إلى أن الأداة من الناحية التربوية تقدم مساهمة إضافية للأطفال في تعلم الكسور؛ لكن الناحية الاقتصادية تكلف أموالاً كبيرة لإنتاجها بالسوق المحلي.

وقال: "من أجل نجاح الأداة بالسوق المحلي تحتاج لعملية تسويق كبيرة، وتثقيف للطلبة والمعلمين بأهمية هذه الأداة، وما توفره من مزايا متاحة لجميع الأطفال".