منذ طفولتها، لم تظهر المهندسة أماني أبو طير (25 عاما) من القدس، أي اهتمام في الدمى أو اللعب كغيرها من الأطفال. وعندما كانت في التاسعة من عمرها، رغبت ان تملك دراجة فقررت عمل واحدة خاصة بها من خشب وعجلتين قامت بجمعهما. هذا الاصرار لمعرفة كيفية عمل الأشياء استمر معها لمرحلة البلوغ.
وتقول أبو طير: "لم أهتم بلعبة الباربي...كنت أريد تفكيك الراديو والتلفاز...الجميع كانوا ينادوني بالمخترعة الصغيرة".
في العشرينات من عمرها، بدأت أماني بتصميم الألعاب والتطبيقات. ابتكرت تطبيق لتتبع مناوبات الأطباء في المستشفيات، وآخر لتعليم الأطفال عن التغذية. ابتكاراتها كانت رغبةً منها في إصلاح القصور الذي رأته في العالم من حولها. وتشير أماني الى أنها عندما ترى مشكلة من حولها، تريد فقط البحث عن حلول لها.
وفي إحدى المرات، كانت تجلس في حصة الميكانيكا تستمع للمعلم يشرح درسا صعبا. فكرت أماني: "يا إلهي، هذا صعب جدا. لا أستطيع أن أفهم ذلك على الرغم من أنني أستطيع أن أرى واسمع كل شيء". وتساءلت: "ماذا عن المكفوفين؟ كيف يمكنهم التعلم". ومنذ تلك اللحظة، اصاب أماني هاجس. فجابت المدارس الخاصة بالأطفال المكفوفين في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبدأت في دراسة كيفية تعلم الطلاب.
لاحظت مشكلة واحدة على الفور: الجهاز الذي يستخدمه معظم الأطفال لتعلم لغة بريل وكتابة لغة المكفوفين، جهاز صعب جدا للمتعلمين الصغار. الالة الكاتبة التي صنعت في العام 1950 والتي لا تزال تستخدم لتعليم لغة بريل على نطاق واسع في أجزاء كثيرة من العالم حتى يومنا هذا. وعلى الرغم من انه تم اختبارها، لاحظت أماني أن الآلة كانت كبيرة الحجم ليحملها الطلاب. وغالبا ما كان يجد الاطفال صعوبة بالتحكم بالمفاتيح بأيديهم الصغيرة.
وتقول أماني: "أدركت أيضا أن الجهاز لم يكن يساعد على التعليم الذاتي. يمكن للأطفال استخدامه فقط مع وجود مدرس يوجههم، وأنه مكلف جدا على الأهل لشرائه...انها مشكلة كبيرة حقا".
وتضيف: "عندما يذهب الأطفال للمنزل، لا يمكن أن يجدوا أي شخص من حولهم يستطيع تعليمهم...ولأنني مهندسة، أؤمن أن التعليم هو حق للجميع، قلت لنفسي: يجب عليّ أن أجد طريقة أفضل."
وقررت أماني اختراع البديل. قبل فترة طويلة، كان لديها نموذج لجهاز بريل FMZ -جهاز ميكانيكي صغير يعمل على استخدام التعليمات الصوتية والنقاط الميكانيكية التي ترتفع وتنخفض لتشكل أحرف بريل الأبجدية تحت أصابع الطفل.
وتوضح أماني: "استغرق الأمر مني أسبوعا لبرمجة الجهاز-للغات متعددة. لم أستطع النوم. كنت اعانق الجهاز في كل وقت. أتعامل معه على أنه طفلي الصغير".
احتاجت أماني لاختبار الجهاز الجديد، وهكذا بدأت بالعمل التطوعي في مركز السلام للمكفوفين في القدس. وتقول أماني: "عندما أعطيتهم جهازي رأيت أنه يمكنهم حمله، يمكنهم عمل اي شيء يرغبون عند استخدامه. وكأنك تحمل العالم كله"، وتضيف قائلة: "لا أستطيع أن أصف ما هو شعوري."
وتبحث أماني اليوم عن الدعم لتصنيع الجهاز على نطاق واسع. ومن المفترض ان درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة التخنيون في تل أبيب ستساعدها في ذلك.
وتشير أماني الى أنه "عندما يكون لديها فكرة لا تستطيع النوم، وتقوم بدراسة السوق، تتأكد من أن هنالك حاجة لهذا الجهاز، وأنه يساعد في حل مشكلة، وذو قيمة، وأنه يمكنها تصنيعه لوحدها."
اصرار أماني لم يتوقف بآخر ابتكاراتها. وتقول: "أريد أن أكون الريادية الأكثر نجاحا في العالم بأسره...وان كنت تريد ان تقدر حجم نجاحي، فنجاحي يقاس بعدد الناس الذين يمكنني ان اساعدهم من حولي."
أماني هي واحدة من 14 ألف من الشباب الذين دعمتهم الوكالة الامريكة للتنمية الدولية من خلال مشروع تنمية الشباب الرياديين، والذي يساعد الشباب الفلسطيني في ايجاد وظائف وتطوير مشاريعهم الخاصة. ان هذا المشروع يطور المراكز المهنية في الجامعات المحلية ويساعد الطلاب في توجيههم نحو التدريب المهني او التقني.
في العام 2012، قامت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بمنح أماني تدريب مكثف عن الريادية وخطط الأعمال التطويرية من خلال جامعة بوليتكنك فلسطين.
وفي العام التالي، كانت اماني واحدة من 30 طالباً فلسطينيا، الذين تلقوا دعماً من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، للمشاركة في برنامج ماجستير إدارة الأعمال المصغر من جامعة تل أبيب بالشراكة مع كلية كيلوغ للإدارة.
بالإضافة إلى ذلك، في حزيران 2016، اختيرت أماني ضمن 700 من الرياديين الدوليين للسفر إلى وادي السيليكون للحصول على دعم لابتكاراتهم في قمة ريادة الأعمال العالمية التي ترعاها الحكومة الأمريكية
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها