يوم الثلاثاء الثامن من تشرين الثاني الجاري سيتم انتخاب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة في أكثر الإنتخابات جدلا، وتنافسا، وشراسة تجاوزت فيها كل القيم الأخلاقية والديموقراطية التي يمثلها النظام السياسي الأمريكي. والهدف هو كسب الجائزة الكبرى التي يسعى للحصول عليها المرشحان الديمقراطي هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب، ولقد صاحب السباق الرئاسي حتى الآن سباق من الإحراج والفضائح، بالتسريبات التي نشرتها وثائق ويكيليكس التي وضعت كلينتون في موضع المخادعة وترامب وحياته غير المألوفة. وسباق بين صحة كلينتون التي تعاني من وعكات صحية والبالغة من العمر الثامنة والستين، وترامب الذي يبدو اكثر قوة رغم عمره البالغ السبعين عاما.
وسباق الحرب الإعلامية، ورسائل كلينتون الألكترونية. والذهاب للتشكيك مسبقا في نتائج الإنتخابات، والتخوفات من خروج أنصار ترامب والدفع في مواجهات وصدامات داخلية رافضة نتائج الإنتخابات، وسباق من شكل آخر هو سباق المال. وكل هذا يؤكد اننا امام إنتخابات رئاسية غير مسبوقة. ورغم ذلك تشير كل إستطلاعات الرأي الى تقدم كلينتون واقترابها للفوز لأكثر من سبب: ومنها الثقافة والمزاج الأمريكي العام الذي يريد ان يرى وللمرة الأولى إمرأة رئيسا للولايات المتحدة بعد أن جاء ولأول مرة برئيس من أصول سوداء وهو اوباما تأكيدا للديموقراطية والحق في الوصول للرئاسة امام المرأة، وإذا لم تفز كلينتون فلن نرى رئيسة للولايات المتحدة لعقود طويلة، وقد نجحت في إنتزاع ترشيح حزبها الديموقراطي، وقد تكون وهذا توقع كبير أول رئيسة للولايات المتحدة بعد 250 عاما على تأسيس الولايات المتحدة. وحظوظها أن منافسها الجمهوري وهو عديم الخبرة سياسيا ، وتعامل مع السياسة بلغة الصفقات المالية، مما اثار الكثير من الخلافات والشكوك حول شخصيته لدرجة تخلى بعض قادة حزبه عنه، ومواقفه من المرأة والأقليات والهجرة ، ومواقفه الدينية المتعصبة وعلاقاته بروسيا ودعمها له.
هذا الخوف والقلق من صعود ترامب المثير للجدل سيدفع في إتجاه إختيار كلينتون من الجمهوريين أنفسهم ليس حبا فيها ولكن خوفا من ترامب وخياراته وسياساته المندفعة. وهو ما دفع بعض أعضاء الحزب الجمهوري التقليديين والمحافظين على رفض برنامجه الذي قد يسيء لمصالح الولايات المتحدة حيث رأى جيمس بيكر وزير الخارجية الأسبق أن خيار ترامب يعني عالما أقل إستقرارا.
ومن العوامل التي تدفع في إتجاه فوز كلينتون زوجها الرئيس بيل كلينتون الذي يحظى بشعبية كبيرة، وحققت الولايات المتحدة في عهده إنجازات إقتصادية كبيرة، فهذا قد يبعث على الإطمئنان لدى الناخب الأمريكي. إلى جانب خبرتها السياسية كوزيرة خارجية لأربع سنوات في عهد الرئيس اوباما، وخبرتها الواسعة في الشؤون الخارجية، وشبكة علاقاتها الواسعة التي تربطها بالعديد من قادة العالم وخصوصا في المنطقة العربية، اضف لذلك علاقاتها المتميزة مع إسرائيل واللوبى الصهيوني، فهي الأقرب لإسرائيل. وعلى مستوى الجاليات العربية والإسلامية فحسب إستطلاعات الرأي ليس أقل من واحد وستين في المائة منهم يؤيدون كلينتون.
وتوصف هيلاري كلينتون بالمرشحة الرهيبة .وحازت على تأييد حزبها بسهولة ، وهزمت منافسها في ثلاث مناظرات متتالية . ولذلك يقول المتشككون فى هيلارى كلينتون انها محظوظة بمنافسها ترامب الذي أثار تأييد قاعدته الإنتخابية بشعاراته وتصريحاته العنصرية،ومن العوامل التي تزيد من فرص هيلارى كلينتون قدرتها على التماسك في تحقيقات لمدة 11 ساعة فيما يتعلق بالتحقيقات معها حول ملف البريد الالكتروني الخاص بها حول موضوع بنغازي. فعلى الرغم من عدم وصفها بنمط الزعيم البطل، او الخطيب المفوه، او الشخص العادي الودود، لكنها تملك صفات قيادية يرى فيها المواطن الأمريكي العادي ما يؤهلها للرئاسة.
والتصور العام الذي خرج منه المواطن الأمريكي العادي من المناظرات الثلاث هو انها،بدت رابطة الجأش ، والهدوء، والقدرة على معالجة القضايا الحساسة التي تحتاج قدرا من الهدوء والإتزان في التفكير، وقدرتها في السيطرة على الموضوعات المطروحة.
كل هذه المؤهلات تدفع في إتجاه ان هيلاري كلينتون هي المرأة الأولى الرئيس للولايات المتحدة.
ويبقى السؤال الذي يعنينا في منطقتنا العربية كيف ستتعامل كلينتون مع قضايا المنطقة في سوريا واليمن وفلسطين؟ وهل ستسير على نفس إرث الرئيس اوباما؟ اعتقد ان شخصية هيلاري كلينتون أقرب الى نموذج الرئيس الإيجابي، وهي قد تكون أقرب إلى شخصية زوجها، لذلك اتوقع أن يكون هناك تغيير واضح في سياسة الولايات المتحدة اتجاه قضايا المنطقة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها