ان مجرد اعلان الحكومة عن التزامها باجراء الانتخابات البلدية، في الثامن من تشرين أول المقبل، باعتبار اجرائها استحقاقا قانونيا ووطنيا، ومطلبا شعبيا، انما يجب ان يتم التقاطه، وتشجيعه وتعزيزه، بما يدعم مبادئ النزاهة والشفافية، ويبقي الفرصة بشكل دائم، ممكنة لمشاركة الشباب والنساء، والكفاءات التي يحتاجها المجتمع المحلي لقيادته وادارة شؤونه.
غير ان اجراء الانتخابات لا يمكن التعامل معه بمعزل عن الحالة السياسية السائدة في المجتمع الفلسطيني، ولا سيما الانقسام البغيض، وتبعاته، التي يتوق الشارع الفلسطيني للخلاص منه، واستعادة وحدته، بما يؤدي الى تعزيز جبهته، وتصليب موقفه في مواجهة الاحتلال ومشاريعه الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية وقتل حلم الدولة. كما لا يمكن القبول بالمشاركة في الانتخابات، واختيارها كشكل للحكم، فقط عندما نتوقع ان نحرز منها نصرا، كما شهدته انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات، حيث ان الاصل ان الانتخابات استحقاق للمواطن وليست فقط مصلحة للاحزاب.
الانتخابات البلدية السابقة كانت جرت في الضفة في العام 2012، دون مشاركة حركة حماس فيها، التي ساقت حينها ذريعه ان تلك الانتخابات لن تكون نزيهة، وان كوادرها في حال مشاركتهم سيتعرضون لمضايقات من الاجهزة الامنية، فيما تغير موقفها اليوم بالرغم من ثبات الحالة في الضفة، في حين انها تحظر اجراءها في قطاع غزة منذ تسعة اعوام، وتقوم بادارة البلديات من خلال لجان تعينها سلطة حماس وتابعه لها.
اليوم، وبعد ثلاثة اسابيع من اعلان حكومة التوافق رسميا عن موعد الانتخابات البلدية، والتي ستجرى في الضفة الغربية وقطاع غزة في الوقت نفسه، تعلن حركة حماس عن قرارها بالمشاركة، وفق ما ورد في خطاب رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل المقيم في العاصمة القطرية الدوحة، والذي استخدم فيها لغة التحدي والتعهد بالفوز، ومن الواضح انها سترمي بكل ثقلها فيها، كونها ستلعب في معقل خصمها، يشير بوضوح الى تكتيك جديد سوف تنتهجه الحركة، واحد معالمه اختيار المرشحين لمواجهة خصومها السياسيين، تحت عنوان " الكفاءات"، الذين ليسو بالضرورة ان يكونوا من كوادر الحركة، اضافة الى دعوة مشعل لكوادر وهيئات الحركة للشراكة والانفتاح على كل مكونات المجتمع الفلسطيني، على حد وصفه.
ان السرور الذي يغمر الجميع بان الانتخابات البلدية القادمة ستكون بمشاركة الكل الفلسطيني، بما فيه حركة الجهاد الاسلامي، وبتوافق على الاحتكام لصندوق الاقتراع، وارادة الشعب، لا يجب ان يجعلنا نغفل عن اليوم التالي للنتائج، التي بالطبع سيكون فيها رابح وخاسر - وهذا قانون الديمقراطية – فيما يتعلق بقبول الخاسر بالنتيجة، وتسليمه مفاتيح المؤسسة انتظاما والنتائج، واحتراما لكلمة الناخب، وكذلك استكمال المسير لاجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، ما دام الجميع يتغنى بارادة الشعب وقدسية الاحتكام لها، بغض النظر عن نتائج الانتخابات، والا ستكون مضيعة للوقت، بل مسمارا اضافيا يدق في نعش المشروع الوطني، ويوسع الهوة نحو انقسام افقي يزيد الطين بلة، بدلا من استخدام الطين لترميم البيت.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها