على مدى عقود طويلة تخاذل وتواطأ حكام عرب كثر على قضية الشعب العربي الفلسطيني، حتى تمكنت قيادة الثورة الفلسطينية المعاصرة من الامساك بزمام القرار السياسي الفلسطيني المستقل، ومع ذلك لم تَّسلم القضية والثورة ولا السلطة الحالية تماما من المنغصات والتدخلات العربية بين الفينة والاخرى، لاعتبارات وحسابات ضيقة وخشية من تحرر الشعب واقامة دولته المستقلة وعودة لاجئيه إلى ديارهم. بالمقابل وقف زعماء عرب كثر بصدق إلى جانب قضيتهم المركزية، ودافعوا عنها في المنابر المختلفة، وسعوا بكل ما ملكت ايمانهم من قوة عسكرية وخبرة وثقل سياسي واقتصادي مالي لدعم شعبهم الشقيق والمنكوب باسرائيل ومن يقف خلفها ويسير في ركبها.

من بين الحكام العرب، الذين كانت لهم اياد بيضاء لصالح الشعب الفلسطيني وقيادته التاريخية الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس وحاكم دولة الامارات العربية المتحدة. الذي لم يتوانَ عن تقديم الدعم وفق قدرات الدولة، رغم الظروف الصعبة المحيطة بالامارات. غير ان بعض ابناء الدولة الشقيقة، تجاهلوا وتجاوزوا مواقف الشيخ المؤسس، ليس هذا فحسب، بل تبرعوا ب"التنازل" المجاني عن الحقوق والمصالح الفلسطينية وخاصة إقامة الدولة المستقلة، ومبررهم الوهمي، ان نتنياهو واليهود "ابناء عمومتهم"! وأكدوا على بقاء دولة التطهير العرقي الاسرائيلية"؟؟! لماذا هذا التبرع المجاني؟ وعلى اي اساس سياسي او قانوني او ديني؟ وهل المعايير العشائرية تسمح لضاحي خلفان شطب حقوق الاشقاء لصالح "ابناء العمومة"؟ ووفق اي مبادئ؟ وماذا فعل "ابناء العمومة" في حقوق الاشقاء الفلسطينيين؟ ومن اين جاؤوا "ابناء العمومة" حتى يكونوا "ابناء عمومة" ضاحي خلفان؟ولماذا تتنازل لهم عن حقوق ليست حقوقك، ولا تملك اي حق بالتصرف بها، ولا حتى قادة الشعب الفلسطيني يملكون حق التنازل عن اي من تلك الحقوق؟ وما هي الحكمة من وراء هذا "الكرم" غير المشروع؟ وما علاقة هذا التفريط بمحاربة الاخوان المسلمين وتشظي شعوب الامة؟ ألايعلم الفريق ضاحي أن إسرائيل، هي واحدة من الدول، التي انتجت الدواعش ومثيلاتها من الجماعات التكفيرية؟ واين مصالح الامة في ضياع حقوق الاشقاء الفلسطينيين؟ وإذا كان المسؤول يؤيد خيار الدولة الواحدة فليقل ذلك دون لف او دوران، فهذا اجتهاد مفهوم ومقبول ومتداول، ولكن ان يسبغ عليه البعد العشائري فهذا مرفوض جملة وتفصيلا، لان القضية الفلسطينية، قضية سياسية.

قائد الشرطة السابق في إمارة دبي الاماراتية حظي ببعض المصداقية، عندما فضح مرامي جماعة الاخوان المسلمين، وقدم العديد من المعطيات الدالة على دورهم التخريبي في اوساط شعوب الامة. إلا انه بتصريحه الاخير، الذي ابدى فيه الاستعداد بالتخلي المجاني عن حق لا يملكه، وعدم ربط الموضوع ببعده السياسي، ودون وجود موقف فلسطيني رسمي وتوافق عربي بشأن خيار الدولة الواحدة، وقصره على البعد القبلي، يكشف عن خواء الفكرة، وأماطة اللثام عن إفلاس فكري وسياسي واخلاقي، وعن سقوط في متاهة تبديد مصالح الامة العربية برمتها مع التفريط بقضية العرب المركزبة. ضاحي اظهر بما لا يدع مجالا للشك، انه الوجه الاخر للاخوان المسلمين، وتواطأ مع الاسرائيليين شاء ام ابى، الذين ما زالوا يواصلون التدمير المنهجي لخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.

فلسطين وشعبها يا فريق خلفان، ليست للبيع ولا للمبادلة، ومن غير المسموح لك تحت اي صفة او مسمى مدني او عسكري سابق او لاحق ولا لغيرك من العرب اي كان موقعه وقدرته وتأثيره التصرف بحقوق الشعب الفلسطيني. وما كان جائزا في العقود الاولى من القرن العشرين، لم يعد مسموحا في القرن الحادي والعشرين اي كانت التعقيدات والصعوبات، التي تواجه قيادة منظمة التحرير. ويا حبذا لو تستحضر مقولات شيخ وحكيم العرب الراحل الشيخ زايد لتتعظ ولعلك تراجع نفسك وخيارك التفريطي. فهل تفعل وترحم نفسك والشعوب: الفلسطيني والاماراتي والعرب عموما؟