مرَّت منذ أيام ذكرى معركة الكرامة المجيدة 21/03/1968م مرور الكرام، كما نستقبل ذكرى يوم الأرض المجيد 30/03/1976م، إنها أيام وذكريات لا تنسى فقد مثل هذان اليومان محطتين هامتين في سياق الصراع العربي الإسرائيلي الدائر منذ سبعة عقود، والذي يبقى الصراع الأساس في المنطقة العربية رغم ما تشهده العديد من أقطار العرب من أزمات متفجرة وساخنة، يتطاير شررها عبر ظاهرة الإرهاب البغيض إلى أنحاء مختلفة من البلاد العربية والأوروبية وغيرها، والذي باتت أحداثه شبه يومية، لتتصدر مواجهته إهتمامات الدول والمؤسسات الدولية والوطنية على إختلافها، ولا شك في أن ظاهرة الإرهاب التي باتت بنداً رئيسياً على جدول أعمال اللقاءات الدولية المختلفة من الشرق إلى الغرب، ظاهرة مقلقة للمجتمع الدولي، وقد إكتوى بها العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيون، قبل غيرهم.
ولذا سيكون التحالف الإسلامي لصد الإرهاب ومواجهته والذي دعت إليه وتقوده المملكة العربية السعودية دور فعال في هذه المواجهة الشاملة، وقد عقد رؤساء أركان تسع وثلاثين دولة إسلامية وعربية ومنهم فلسطين، من الدول المشاركة في هذا الحلف إجتماعهم الأول في الرياض 27-26/03 والذي تمخض عنه وضع إستراتيجية للتحالف أمنية وعسكرية وفكرية وإعلامية لمواجهة هذا الإرهاب ونواتجه، والتي عبر عنها إعلان الرياض، من أجل التصدي الفعال والشامل للإرهاب والتطرف وتنسيق الجهود بين الدول لدراسة الفكر الإرهابي وإجتثاثه وترسيخ قيم التسامح والحوار ونبذ الكراهية والتحريض على العنف، مع إستمرار تأكيد الدور العسكري لمحاربته وهزيمته.
إن التصدي لظاهرة الإرهاب وإلحاق الهزيمة به، تقتضي تجفيف موائله ومصادره معنوية كانت أم مادية وإعادة النظر في الخطاب الثقافي على المستوى الوطني والإقليمي والدولي من أجل إرساء قواعد خطاب ثقافي إنساني جمعي يقوم على أساس نبذ الحقد والكراهية والتطرف، ويكرس ثقافة الأمن والسلم والمساواة والإحترام بين كافة الأمم، حتى تكون المواجهة شاملة وكونية لظاهرة الإرهاب، وفي هذا الإطار يأتي وضع الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية التي تمثل أكبر شاهد على إستمرار التطرف والإرهاب الصهيوني، الذي لم يحظى بعد بالمعالجة اللازمة لإنهاءه ووضع حدٍ له عبر إقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في وطنه والتي أقرتها الشرعية الدولية، وتمكين الشعب الفلسطيني من هذه الحقوق، حتى يتسنى إجتثاث جميع الذرائع والمبررات التي تستخدمها بعض المنظمات والحركات الإرهابية كغطاء لأفعالها الإرهابية وزعزعة إستقرار الدول، إن زعزعة إستقرار الدول والمجتمعات، يمثل صورة بشعة من صور الإرهاب، وإحتلال أراضي الغير وضمها بالقوة، والإستيطان فيها، والحيلولة دون تمكين شعب بأكمله من العودة إلى وطنه وحرمانه من حقه في تقرير المصير يبقى الصورة الأبشع لصور الإرهاب، التي لا بد من التصدي لها ووضع حدٍ ينهي مثل هذا الإحتلال ويعيد الحق لأصحابه ويقضي على كافة مبررات وذرائع الحركات الإرهابية التي تتوالد وتتنامى في المنطقة، وتأخذ من إستمرار العدوان والإرهاب الصهيوني مبررات لوجودها ولأفعالها.