في آذار من العام الماضي، كتب يغئال سيرنا مقالة في صحيفة "يديعوت احرنوت" العبرية، عنوانها "خمسون سببا لنقول لـ"نتنياهو "لا"، مدرجا المبررات الخمسين، والتي اشتملت على تصرفات نتنياهو في شتى المجالات، في السياسة والامن، كما في الاقتصاد وملبسه وصبغة شعره، ومرورا بعنجهيته وغروره، وانتهاء بكذبه.
الـ "لا" الاسرائيلية التي طالب الكاتب ان يصرخ بها المجتمع الاسرائيلي، كانت قبل ما يقارب العام، اي قبل اندلاع الهبة الفلسطينية، وقبل ان يصبح الموت حديث الشارعين، الفلسطيني والاسرائيلي، وقبل ان يصرخ العالم في وجه حكومة نتنياهو، مطالباً اياه بوقف هذه العنجهية، والتراجع عن السياسة التي ينتهجها، والتي ثبت فشلها في ضمان الامن لابناء دولته، كما يدعي.
"لانه يرفض الدولتين، ونحن ننجر لواحدة دامية"، هذا واحد من المبررات الخمسين التي ساقها الكاتب في مقالته آنذاك، وقد تكون الاكثر مناسبة وحاجة للمجتمع الاسرائيلي ان يتفكر بها، وهو يستمع لنتنياهو متفاخرا بما حقق لشعبه ولدولته، ليواجهه بعدم صدقية ادعائه، وكان عليه بدلا من التمدد في أراضي الفلسطينيين (الضفة الغربية والقدس وغزة) التي حددتها الشرعية الدولية بقرارات مجلسها، انها اراض محتلة، ومن حق اصحابها ان يقيموا عليها دولتهم، وكذلك استكمال تنفيذ ذات القرار الذي نشأت بموجبة دولة اسرائيل.
اليوم، ومن المفترض ان الاوان قد آن ليتعرف المجتمع الاسرائيلي على مخاطر القادم، في ظل هذا الجنون الذي حفر بحيرة للدم، بدل ان تكون بحيرة للاستجمام، بفضل استمرار حكومة الاحتلال بالسير على هذا النحو، الذي لن يؤدي الى انهاء الصراع، فحسب، بل الى تأجيجه، وبدل أن يحيا كل من الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي في سلام، يجدد نتنياهو النبوءة المجنونة التي يعد بها شعبه، "على حد السيف سنعيش الى الأبد"، تيمناً بتشرشل، بدلاً من التعقل والعودة الى رشد السلام، والأخذ بنصيحة اهل الحكمة، ورسل السلام، وكان آخرهم بان كي مون عندما خاطب حكومته، "لا تقتلي الرسول يا اسرائيل ".
ان عدم الاكتراث الدولي، كما يجب ان يكون، لانهاء الصراع، واحلال الاستقرار بدلا من فزع الموت الذي لا يتوقف، لا يعطي الحق لرئيس حكومة حصل على اقل من سدس اصوات الناخبين، ان يدخل المنطقة في اتون صراع، لا يستطيع احد منا ان يتوقع كيف ستكون نهايته او متى. لكن الاكيد ان صوت العقل في المجتمع الاسرائيلي يستطيع ان يحدد النهاية لهذا التغول لمنطق من وعد شعبه بالامل بعد مئة سنة، في وقت يريدونه الان، كما كتب يغئال سيرنا، كما نريده نحن، من يعيش تحت الاحتلال.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها