خاص- مجلة القدس- العدد السنوي 322
تواصل اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني عقد اجتماعاتها للتحضير لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، في وقت تتواصل فيه الهبة الجماهيرية الشعبية بالاستمرار والتوسُّع. وحول قراءته لهذه الهبّة الشعبية، وكل ما يتعلّق بانعقاد المجلس الوطني، إلى جانب المطلوب لتصليب أوضاع حركة "فتح" في ذكرى انطلاقتها الحادية والخمسين، كان لمجلة "القدس" هذا الحوار مع رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون.
برأيكم ما الذي ميّز حركة "فتح" حتى استمرت في موقعها القيادي والريادي؟
حركة "فتح" هي حركة الجماهير، انبثقت من بينهم في المخيمات والقرى والمدن في الداخل والخارج، وعبَّرت عمليّاً عمّا يطالب به الشعب الفلسطيني، سواء أكان في الوطن أو في الشتات، ورفعت الشعار وطبّقته، ومارست القتال وقدّمت التضحيات الجِسام، وروَت دماء قياداتها وعناصرها ثرى الوطن المقدس. لقد عرّفت العالم بقضية الشعب الفلسطيني، وحوّلت هذه القضية من قضيّة لاجئين يستحقون العطف والطعام والكساء، إلى قضية شعب يريد الاستقلال ويريد وطنه المحتل والعودة إليه بعد أن هُجّر قسراً من بيوته ومساكنه ومن أرضه وبيّاراته من قِبَل أُناس استُجلِبوا إلى أرضه من مختلَف بقاع العالم وبحجج تلمودية واهية، معتمدين على وعدٍ أطلقه المستعمرون البريطانيون الذين كانوا يحتلون وطننا فلسطين بلسان وزير خارجيتهم آنذاك "بلفور" الذي أعطى حقاً لليهود بإنشاء وطن لهم في فلسطين. وكأن فلسطين أرض بلا شعب، فأعطى من لا يملك لمن لا يستحق، لذلك كانت "فتح" لهم بالمرصاد، وأكّدت للعالم أن أرض فلسطين لشعب فلسطين الموجود فوقها منذ آلاف السنين وليس كما كان يدّعي وزير خارجية أمريكا في الخمسينيات جون فوستر دالاس الذي توهّم أن كبار السن من شعبنا سيموتون وصغارنا سينسون وتنتهي بذلك قضيتهم، فأطلقت "فتح" رصاصتها الأولى في 1/1/1965م معلنةً أن الكبار قبل أن يموتوا زرعوا الوطن الفلسطيني في عقول الصغار هؤلاء الذين فجرّوا الثورة ضد المحتلين الغاصبين، لذلك التّفت الجماهير الفلسطينية حول هذه الثورة الوليدة ورفدتها بكل ما تملك، فحركة "فتح" من هذه الجماهير ولها وعبّرت وما تزال تعبر عن تطلعات وأماني هذه الجماهير في الحرية والاستقلال والدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، لذلك تستمر "فتح" في موقعها القيادي والريادي منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
برأيكم ما هو المطلوب لتصليب أوضاع حركة "فتح" حتى تستمر في أخذ دورها؟
حركة "فتح" التي أطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة لم تنطلق من فراع، فشعبنا الفلسطيني شعبٌ حيٌّ مناضلٌ على مدار التاريخ. منذ الكنعانيين وحتى هذه اللحظة، تصدّى للفرنجة الذين غزوا ديارنا من أواسط أوروبا إلى أن اندحروا، وتصدى للمستعمر البريطاني الذي عمِل على جلب المستوطنين اليهود من أنحاء أوروبا، فكانت ثورة البراق في العشرينيات وثورة الـ1936، والاضراب العام الذي استمر ستة اشهر ضد المحتلين البريطانيين وضد المستوطنين الصهاينة المستجلَبين الذين ساعدهم البريطانيون والأمريكيون وغيرهم على إنشاء دولتهم فوق أرضنا وما زال هذا الشعب يقارع المحتلين الصهاينة حتى اللحظة، كل ذلك كان يتم بوحدة وصلابة شعبنا في مواجهة الغزاة، وهذا يتطلّب منا الآن أن نواصل هذه المسيرة، مسيرة الوحدة والتكاتف والتعاضد حتى ننال حقوقنا ونقيم دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس.
كيف تنظرون إلى الهّبة الشعبية "هبة القدس"؟ وهل هي برأيكم ماضية بنجاح لتكون انتفاضة عارمة؟
لقد تمادى المحتلون في غيّهم، فبالرغم من توقيع قيادتنا على اتفاق المبادئ في أوسلو والذي أعطانا حق إنشاء دولتنا بعد خمس سنوات من توقيع الاتفاق، أي في العام 1999م، إلا أن المحتل الغاصب، كعادته أخذَ يماطل ويتراجع عن المواعيد التي تمّ الاتفاق عليها، وأعلن أن لا مواعيدَ مقدّسة لديه، بل استمر في الاستيلاء على الأراضي المحتلة العام 1967، وتوسّع في بناء المستوطنات فوق أراضينا، وأعاد احتلال مدن الضفة التي انسحب منها، ووصل إلى رمزنا وقائدنا ياسر عرفات، وحاصره ثم عمدَ إلى تسميمه، وها هم قطعان المستوطنين وبحماية من جيش وشرطة الاحتلال يدنّسون المسجد الأقصى المبارك في محاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني على أولى القِبلتَين وثاني المسجدَين وثالث الحرمَين الشريفَين أمام أعين العالم من مسلمين ومسيحيين ومن عرب وعجم وما من رادع! لذلك هبّت جماهير القدس بصدورها العارية وشبابها وفتيانها ونسائها المرابطات في وجه المحتل لحماية مقدساتنا المسيحية والإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة في كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين في الضفة والقطاع والأراضي الـمُحتلَة العام 1948، فما كان من جيش الاحتلال إلا أن يقابلها بهمجية غير مسبوقة في تاريخ الاحتلالات، فيقتل الأطفال العُزَّل من السلاح ومن هم في سن الـ15 عاماً وما دون، وارتقى الكثيرون حتى الآن فرووا ثرى القدس وفلسطين بدمائهم الزكية ما بين شهيد وشهيدة وجريح وجريحة وأسير وأسيرة جاوز عددهم الآلاف. وإذا لم يلجم أحد هذا العدو الغاشم فلا بد أن تتوسّع هذه الهبة، وتستمر، وتشتد لتدحر المحتلين، وتحقّق هدفها في الحرية والاستقلال، وعلى العالم أن يستيقظَ من غفلته لحماية آخر شعب يرزح تحت نير الاحتلال فوق وجه البسيطة، وليعلَم هذا المجتمع الدولي أن السِّلم ينبع من فلسطين والحرب تندلع من فلسطين، ونحن طلاب سلام ولكن صبرنا بدأ ينفذ.
بتقديركم هل سيتم انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني؟ وعلى أي أساس؟ وما هو المتوقّع من قراراتٍ أو توجهاتٍ؟
هناك لجنة تحضيرية تعمل جاهدةً من أجل عقد دورة عادية جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني تُوالي عقد جلساتها، وكانت جلستها الأولى برئاسة الأخ الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، ثم واصلت اجتماعاتها فيما بعد برئاسة رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وفي 17/12/2015 تمّ عقد جلسة أخرى لهذه اللجنة التي تضم إلى جانب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الأمناء العامين لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وأعضاء اللجنة التنفيذية، وقد دعونا الفصائل التي هي خارج إطار منظمة التحرير كحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي إلى المشاركة في هذه اللجنة حتى نخرج بقرار وتصوُّر واحد لعقد هذه الدورة العادية، والتي ستكون آخر دورة للمجلس في تشكيلته الحالية، وذلك خلال الأشهر الثلاثة القادمة إن شاء الله، لتشكيل مجلس جديد فيما بعد حسبما تم الاتفاق عليه مع الجميع بلا استثناء لنخرج بلجنة تنفيذية جديدة وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة على طريق اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف بحول الله.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها