لم يمر عام منذ الانقلاب الأسود على الشرعية اواسط العام 2007، إلا ورفضت حركة حماس احياء ذكرى رحيل الشهيد الرمز ياسر عرفات، خشية من محبة الجماهير الفلسطينية لقائدها، مع ان خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة قبل يومين، قال "إن عرفات يخص جميع القوى، ولا يخص فصيلا بعينه!؟".

إذا كان الأمر كذلك، لماذا ترفض قيادته المتنفذة في محافظات الجنوب إحياء ذكرى رحيله؟ ولماذا تضع العراقيل أمام حركة فتح وفصائل العمل الوطني ومؤسسة ياسر عرفات من استحضار ذكرى الزعيم الوطني؟ وأين هي المشكلة؟ أم ان حركة حماس ندمت كثيرا على منحها حركة فتح إحياء ذكرى الانطلاقة الـ 48 في الرابع من يناير 2013، وتخشى تكرار التجربة بما تحمله من دلالة على اضمحلال مكانتها في اوساط المواطنين؟ ولماذا الاصرار على صالة مغلقة؟ ألا يوجد خطر أمني في الصالة المغلقة؟ ام ان حركة حماس، ترغب بارتكاب جريمة تفجير جديدة في الصالة؟

في زمن الهبة الشعبية المستمرة منذ قرابة الشهر ونصف الشهر، حيث تعمقت الوحدة الميدانية بين ابناء الشعب في كل ميادين المواجهة مع قوات الاحتلال وقطعان مستعمريه، لماذا تُصر حركة حماس على تشويه الصورة الوطنية الجامعة؟ ولماذا تضع العصي في دواليب الوحدة الميدانية؟ وما هي مصلحتها في ذلك؟ ألا تَدعي قيادة الحركة، بأنها ترغب بـ "الوحدة الوطنية"، وتدعو القيادة لـ "المصالحة"؟ إذا لماذا لا تفتح الأفق لتجسير الهوة في مناسبة وطنية عامة، هي مناسبة رحيل رئيس الشعب ورمزه الأول؟ 

مؤكد أن حركة حماس، ليست معنية بأي تقدم لخيار المصالحة. لهذا تعمل ما بوسعها لتعطيل مسيرة حكومة التوافق الوطني، وضرب الوحدة الميدانية، وشل أية خطوة تدفع وحدة شعبنا للأمام. لذا لا أحد يستغرب تعطيلها لاحياء ذكرى رحيل أبو عمار، لأن فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، هاجسه الاساسي العمل على ترسيخ مشروع الامارة أو الدولة ذات الحدود المؤقتة، بغض النظر عن الثمن، الذي سيدفعه الشعب الفلسطيني.

مع ذلك على ابناء الشعب في قطاع غزة وفي كل اماكن التواجد الفلسطيني الاحتفاء كما يليق بالرمز الشهيد ابو عمار. ومن خلال احياء مناسبة رحيله لتذكر واستحضار كل الشهداء من قادة الشعب دون استثناء، ومن مختلف فصائل العمل الوطني، عرفانا بدوره ودورهم في مسيرة الثورة وبناء الدولة.

ذكرى رحيل أبرز مؤسسي الوطنية المعاصرة، الشهيد عرفات، هي ذكرى أليمة، لا سيما وان الرجل أغتيل اغتيالا من خلال السم خشية منه، ومن حكمته وشجاعته السياسية والكفاحية، ولتمسكه بالمشروع الوطني، ولرفضه التنازل أكثر مما تم التنازل عنه وطنيا. ولأنه كان نموذجا للقائد الاستثنائي. وبالتالي إحياء ذكراه، يعني التمسك بالأهداف والمصالح الوطنية العليا، وتأكيدا من القيادة عموما والرئيس أبو مازن خصوصا، على المضي قدما بشجاعة واقتدار سياسي متميز  لبناء الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق العودة للاجئين على أساس القرار الدولي 194.

رحل الرمز أبو عمار.. لكن الشعب باق، والمسيرة الكفاحية مستمرة يقودها ربان من ذات الرعيل الأول، ولن يتوقف النضال إلا بالنصر العظيم على دولة الاحتلال. وحماس ومشروعها التخريبي والتفكيكي إلى زوال.