أحيت بيروت الذكرى الثانية والأربعين لمجزرة صبرا وشاتيلا، بمهرجان رسمي وشعبي، دعت إليه جمعية "لجنة كي لا ننسى"، وبلدية الغبيري، في المركز الثقافي لبلدية الغبيري "الرسالات".
تقدم المشاركين سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، ووزير العمل اللبناني مصطفى بيرم، ورئيس بلدية الغبيري معن الخليل، وحشد من الشخصيات السياسية والحزبية الفلسطينية واللبنانية وهيئات إجتماعية وممثلو مؤسسات وجماهير شعبنا. وكانت مشاركة لافتة لوفد المتضامنين الدوليين من مختلف الدول حول العالم.
استهلت الفعالية بالنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني، عزفتهما الفرقة الموسيقية لكشافة بيت أطفال الصمود. وألقى السفير دبور كلمة حيا فيها الحاضرين وثمن مشاركة المتضامنين الدوليين الذين دأبوا منذ أربعين عامًا على الاستمرار في الحضور واحياء المناسبة، تحت شعار كي لا ننسى وكيف ننسى. 
ولفت دبور إلى أن ذكرى المجزرة تأتي هذا العام في ظل ظروف صعبة تعيشها فلسطين ولبنان والمنطقة وفي ظل تحديات كبيرة، معتبرًا أن الإجرام الصهيوني ومجازره مستمرة منذ عام ألفٍ وتسعمائةٍ وثمانية وأربعين، على أبناء شعبنا وأرضنا.

وأشار دبور إلى أن هذه المجزرة التي امتزج فيها الدم الفلسطيني بالدم اللبناني، وتُعتبر واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني، مشددًا على أنه كان يهدف من خلال إرتكابها إلى كسر إرادة الشعبين الفلسطيني واللبناني، غير ان الشعب الفلسطيني واللبناني أكملا مسيرتهما ولم ترهبهم المجازر. وأوضح أن المرحلة الحالية هي من أصعب المراحل، إذ يسعى الاحتلال بكل وسائله إلى بث الرعب في نفوس أهلنا وشعبنا لتحقيق مشروعه. شهدنا المرحلة الأولى في العام ١٩٤٨ من خلال عصاباته الإجرامية والمذابح التي نفذها ان يهجر شعبنا من أرضه الا ان شعبنا ما زال باقيًا في أرضه.
وشدد دبور على أن العدوان الهمجي البربري لا يقيم وزنًا للقرارات والقوانين الدولية، ويعتبر نفسه فوق القوانين، ونحن نسمع كيف يقتل بالالاف يوميًا، لكن المشروع إلى زوال وسينتصر الحق الذي لا جدال فيه.

وتابع: "نحن نرى اليوم كيف ١٤٩ دولة تعترف بالشعب الفلسطيني ودولة فلسطين، وهي عددها أكبر من الدول الذين اعترفوا بالكيان فوق أرض فلسطين. هذا دليل على ان العالم اصبح يميز بين الحق والباطل، نحن الحق وهم الباطل نحن الحقيقة وهم المزيفون، نحن أصحاب الأرض وهم الطارئون".

وأكَّد ان "إرادة وعزيمة الشعب الفلسطيني ستقف في وجه الاحتلال مهما كان الثمن، وهو أثبت أمام الجميع خلال كل فترات صموده وبخاصة في الفترة الأخيرة من خلال محاولات إسرائيل بكل الإجراءات التي يقوم بها سواء بالعدوان المدمر على غزة الذي لم يشهد له مثيلًا أو بالعدوان على الضفة ولم يشهد التاريخ مثيلًا. ومن خلال ما يقوم به في المسجد الأقصى ومحاولاته ويتجرأ من خلال ما رأيناه من مشاهد بثها لتدمير المسجد الأقصى، وقد أصبحوا يفكرون ببناء هيكلهم المزعوم. هذا لن يحصل فالاقصى في عيوننا وفي قلوبنا وفي قلوب الأمة كلها لن تستطيع قوة أو كائن من كان ان يتجاوز الأقصى وهو خط أحمر، وهو أولى القبلتين وثالث الخرمين الشريفين. 
واعتبر دبور ان "هناك مؤامرة تحاك ضد المسجد الأقصى في ظل العدوان الذي يمارسه على الأرض مستغلًا حالات الانشغال بدماء الأطفال. مشيرًا انه لو ارتكب العدوان الإسرائيلي ما إرتكبه في بلد آخر لقامت الدنيا ولم تقعد". وأكَّد دبور في المقابل ان ما نراه في اروقة الأمم المتحدة والشوارع حول العالم يؤكد ان الحق الفلسطيني اقترب والذي سياتي حتمًا والاحتلال إلى زوال. 

وفي كلمة ألقاها وزير العمل اللبناني في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، أكَّد أن القضية تتعلق بالضمير الإنساني، مشيرًا إلى أن لبنان وقف دائمًا إلى جانب فلسطين وغزة رغم الثمن الذي دفعه وسيدفعه، انطلاقًا من مبدأ الأخوة والتضامن. وشدد على أن البشرية بحاجة إلى نموذج للأخوة والتضامن، وهذا ما يؤكد بقاء الضمير الإنساني حيا. واعتبر أن غياب هذا التضامن يعني بقاء الناس مجرد مشاهدين خلف الشاشات.
واستنكر بيرم جرائم الاحتلال التي تُرتكب أمام مرأى العالم، قائلاً: "كيف يمكن للمجرم أن يقتل الأطفال أمام مرأى العالم؟ ما يُرتكب في فلسطين ولبنان هو من أبشع الجرائم التي شهدتها الحروب، ليس بالضرورة في العدد أو الأسلوب، بل في خطورتها على الضمير الإنساني وماهية وجود الإنسان". وأضاف أن المجرم يعلن أمام الشاشات عن نواياه الإجرامية، في استهتار كبير بالمشاعر الإنسانية والضمير العالمي.
وأكد بيرم أن الكيان الصهيوني لا يهتم بالمحاكمات أو القرارات الدولية، قائلاً: "كيف له أن يهتم، ومندوبه يقف على منبر الأمم المتحدة ويمزق ميثاقها؟ إنه تحدٍّ واضح لكل ما هو إنساني وأخلاقي".

وفي كلمة لرئيس بلدية الغبيري معن خليل، أكَّد أن كل قطرة دمٍ سقطت في تلك الليلة السوداء، وكل روحٍ أزهقت بوحشية، ستظل شاهدة على الظلم الذي تعرض له عوائل الشهداء. وشدد على أن تضحيات الشهداء جزءٌ من قصة نضالنا، وستبقى دماؤهم منارة لتحقيق العدالة.

وأضاف خليل: "أن موقف لبنان ثابتٌ لا يتزعزع، وأنهم لن يصمتوا ولن يغفروا لدولة الاحتلال". وتابع قائلاً: "كل جريمةٍ ارتكبتها دولة الاحتلال ستظل في ذاكرتنا الجماعية، ومسؤوليتنا لا تقتصر على الحاضر فحسب، بل تمتد إلى الأجيال القادمة".

ودعا خليل إلى غرس الوعي عن تاريخ المجازر في أجيالنا القادمة، وبناء شعور بالمسؤولية الوطنية والإنسانية تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن السكوت عن الظلم هو قبول به، وأن تحرير الأرض والكرامة لا يأتي إلا بالنضال المستمر والتضحية.

وألقى أيضًا عدد من الشخصيات كلمات في المناسبة، من بينهم السيدة ميركا من جمعية كي لا ننسى، وهنادي الحاج باسم أسر شهداء المجزرة، أكدوا خلالها إسناد الشعب الفلسطيني والمطالبة بالعدالة له. وخُتمت الفعالية بتحية وجهتها الشاهدة على المجزرة الدكتورة سوي إنغ من بريطانيا.

وبعد الفعالية، خرج المشاركون في مسيرة تقدمتها فرقة الكشاف التابعة لمؤسسة بيت أطفال الصمود، واختتمت في مثوى شهداء المجزرة، حيث وضع سفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور أكليلاً باسم السيد الرئيس محمود عباس، كما وضعت أكاليل باسم المشاركين.