يأتي اعتقال الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية , في أوج حملة يهودية متطرفة ومسعورة تستهدف الحرم القدسي الشريف, فمنذ سنة كثف المستوطنون بدعم علني من الشرطة والحكومة الاسرائيلية من اعتداءاتهم على المسجد الاقصى لخلق وقائع جديدة من حيث هيمنة الاحتلال عليه ومنع المصلين من دخوله , وفتحه امام المستوطنين بعد ان استكمل الاحتلال بناء الكنس والسيطرة على محيط المسجد الاقصى وهي الخطوات الشبيهة بما قام به الاحتلال في الحرم الابراهيمي في الخليل حيث بدأ بالسماح للمستوطنين بالدخول اليه ثم منع المسلمين من دخوله ثم تقسيم الحرم لاحقا فالسيطرة عليه كليا, ومنذ فترة يحاول الاحتلال تكرار السيناريو نفسه في المسجد الاقصى,من حيث تكثيف الجماعات الاستيطانية من اقتحاماتها لساحاته, ومحاولة بناء كنيس قرب القبة المشرفة,ناهيك عن الرغبة الاحتلالية الكامنة في نفوس المتطرفين بهدم المسجد وقبة الصخرة لبناء الهيكل كما ظهر في الفيلم الترويجي للخارجية الاسرائيلية عن القدس. فاسرائيل عمليا لم تعد تخشى اي ردود على ممارسات المستوطنين ولا على انتهاكاتها الرسمية, فهي راضية ومطمئنة من ان رياح الربيع العربي تنعش استيطانها وتحجب ممارساتها بحق الارض والمقدسات , وان هناك من يفتي بتحريم زيارة المقدسات وكأنه يساهم في ذلك، فالوضع الفلسطيني بانقسامه وهزاله ايضا يوفر المناخ الملائم للاحتلال لكي يواصل مشاريعه في القدس الشريف ضد المقدسات وضد اهلها الصامدين، فالتنكيل بالمقدسيين بات امراً يوميا من حيث هدم المنازل والتشريد ومصادرة الارض والبيوت واعتقال الاطفال والفتية, وقد بات ضروريا ان تكون هناك وقفة ضد السياسة الاسرائيلية, ولعل قرار مجلس النواب الاردني بطرد السفير هوالبداية لاعادة الوعي الى الشارع العربي وتوجيه البوصلة الى المقدسات بعد ان حولها مقاولو التثوير والتحالفات المشبوهة نحو اهداف انتقامية تدميرية داخلية بحيث صارت اسرائيل المندوب السامي في المنطقة تؤدب انظمة وتتحالف مع غيرها وتستوطن وتقتل وتعتقل وتستبيح المقدسات ولسان حالها يقول انها ليست اقل من اي نظام بائد او نظام انابيب اميركي ربيعي سائد. في أسوأ الاوقات السابقة كان الرد على اي عدوان على المسجد الاقصى كما حدث في انتفاضة النفق وانتفاضة الاقصى بعد زيارة شارون هو الاقسى والان لا يجد الاقصى سوى مجموعات من المصلين تحاول الدفاع عنه وكأن الامة اصيبت بما ألمّ بها ايام المغول فلم تعد ترهب الا نفسها.