أوقف سامر العيساوي إضرابه عن الطعام في سجون الاحتلال الاسرائيلي بعد 277 يوما مع وصوله لمساومة مشرفة مع سلطات السجون، اقرت فيها تلك السلطات بالافراج عن البطل سامر بعد ثمانية اشهر، والعودة الى بيته ومسقط رأسه واهله في القدس.
المناضل الاسطورة سامر، لم يحصل على حريته فورا، ولكنه رسخ نهجاً نضالياً شكل اضافة نوعية لكفاح الحركة الاسيرة، حيث واجه جلاديه بقوة وثبات وقناعات وطنية متأصلة في سلوكه ورؤيته، ورفض كل المساومات، التي حاول جلادو الاحتلال فرضها عليه، ومنها الابعاد الى محافظات الجنوب او الابعاد الى إحدى دول الاتحاد الاوروبي، لكنه أبى إلا ان يعود الى القدس عاصمة الدولة الفلسطينية الابدية، ومسقط رأسه.
معركة الامعاء الخاوية الخارقة، التي خاضها ابن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي تفوق حدود الوصف من حيث ان البطل العيساوي، لم يبق منه سوى هيكل عظمي مغطى بالجلد، ورأس به دماغ لم يفقد للحظة ذاكرته وهويته وانتماءه واهداف معركته، حتى انه فاجأ قضاة المحكمة امس الاول حينما كشف عن هيكله العظمي، وقال لهم: ان وضعي يشبه بالضبط ما فعله النازيون الالمان باليهود زمن المحرقة!! بمعنى: ألا تخجلون أيها الطغاة مما ما زلتم تتغنون به حتى الآن لاسترداد عطف العالم وابتزاز الالمان خصوصا والاوروبيين عموما لدفع مئات الملايين من الدولارات.
معركة الامعاء الخاوية، التي خاضها أسرى الحرية وخاصة سامر العيساوي، الذي شكل علامة فارقة في سجل البطولة الوطنية والانسانية وموسوعة غينس العالمية، مثلت أحد روافع الكفاح الوطني في اللحظة السياسية الراهنة، وتعتبر رافدا مهما للنضال التحرري، كونها فضحت وعرت وجه الاحتلال الاسرائيلي البشع والفاشي، الذي فاق حدود المحرقة الهتلرية النازية في اصقاع الدنيا كلها، وأحرجت معركة أسرى الحرب الفلسطينيين كل الاقطاب والدول الغربية، التي تدعي مناصرتها ووقوفها الى جانب حقوق الانسان وحق تقرير المصير للشعوب المناضلة من اجل انعتاقها من ربقة الاحتلال الاجنبي.
جنبا الى جانب كانت معركة سامر ومحمد التاج، الذي افرج عنه قبل ايام قليلة بعد ان وصلت سلطات السجون الاسرائيلية الى قناعة بعد اخذ قزعة من النخاع الشوكي بان حياة محمد في خطر حقيقي، وليس رحمة ولا شفاعة بالمناضل محمد، وانما خشية ردود الفعل الوطنية والعربية والدولية في حال حصل له شيء لا سمح الله، وهو داخل زنازين السجون الاسرائيلية، معركة سامر ومحمد وكل الذين خاضوا معركة الامعاء الخاوية، الى جانب معارك الكفاح الشعبي ضد الاستيطان الاستعماري وجدار الفصل العنصري والتهويد ومصادرة الاراضي في القدس الشرقية وعموم الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بالتوازي مع معارك الكفاح السياسي والديبلوماسي والاقتصادي والثقافي والاكاديمي والقانوني، تشكل جبهات متراصة لاعلاء صوت الحق والاهداف الوطنية، وتعمق حشر دولة الاحتلال والارهاب المنظم الاسرائيلية في الزاوية لتعميق عزلتها في اوساط الرأي العام العالمي، وتضاعف من قوة الضغط على كل الاقطاب والدول في الرباعية الدولية واصقاع العالم الاخرى وخاصة على الولايات المتحدة الاميركية، الحليف الاستراتيجي لدولة الابرتهايد الاسرائيلية.
سامر العيساوي، ابن العائلة المكافحة وابن الشعب العربي الفلسطيني، انتصر على جلاديه. وانتزع منهم رغما عنهم ما حصل عليه من انجاز ليس له فحسب، بل للحركة الاسيرة برمتها. ليدون بأحرف من نار ونور بأن الشعب إذا يوما أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر. وارادة سامر العيساوي، هي ارادة كل الشعب وقواه الحية، الامر الذي يفرض على القيادات السياسية برمتها، ان تتعلم من تجربة العيساوي ومحمد التاج وغيرهما من ابطال الحركة الاسيرة في مواجهة سياسات وجرائم وانتهاكات دولة التطهير العرقي الاسرائيلية