في الذكرى السابعة والستين لنكبة فلسطين، تتجمع آلاف التقاطعات نحو الهدف الذي يستبيح شعباً بأكمله، وآلاف المفارقات.. والفروقات غير المحتملة.
وتبقى الذكرى متهدجةً في حياة اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا قسراً، بكيفية احتلال فلسطين، وكيف أثر حينها عليهم فحولوا سلبيات تداعيات اللجوء إلى إيجاب ٍ من الناحية الاجتماعية والثقافية والوطنية والسياسية والاقتصادية؛ ويقارنون بينها وبين نكبتهم الجديدة ويـُقـِرُّون بأنها الأشد لأسباب عديدة.
قبل الأزمة السورية عام 2011 وقبل ما سمي بالربيع العربي، كان عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا قد بلغ560 الف لاجئاً حسب إحصائيات الأونروا، حيث تزايد عددهم بعد استقرارهم إبان تهجيرهم قسراً من فلسطين عام 1948 حيث شهدوا ارتكاب مجازر بشعة بحقهم على يد عصابات الاحتلال الصهيونية.
وفي نكبتهم الاستثنائية غير المتوقعة  بلغ عدد من هاجروا قسراً خارج سوريا قرابة 100 ألف  لاجئ فلسطيني، أما داخل سوريا وخارج مخيماتهم فقد بلغوا 280 ألف لاجئ، كما تذكر مصادر التوثيق لحركة اللجوء الفلسطيني من سوريا إلى أوروبا أن 27933 لاجئاً فلسطينيا ً أصبحوا هناك، منذ بداية أزمة المخيمات المرتبطة بالأزمة السورية حتى الآن، بالإضافة إلى 10687 لاجئاً فلسطينياً إلى الأردن، يتعرضون إلى الطرد حينما تكتشف الجهات الرسمية بأنهم فلسطينيون وليسوا سوريي الأصل.
أما إلى لبنان فإن ما تبقى من اللاجئين الفلسطينيين بعد هجرتهم إلى أوروبا ولم شمل عائلاتهم ما يقارب 40000 لاجئ  رغم أن المسجلين في ملفات الأونروا  حتى كانون ثاني 2015 قد بلغوا أكثر من 45043 لاجئاً فلسطينياً من سوريا، وإلى مصر 6000 لاجئ حسب إحصائيات الأونروا.
وفي مقارنة أليمة نجد أن الدول العربية المجاورة قد استطاعت عام 1948 استقبال لاجئي فلسطين على أراضيها واحتوائهم وتكوين ما سمي مخيمات الشتات بعد تشكيل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين.
بينما أغلقت ذات الدول حدودها في وجه اللاجئين الفلسطينيين الجدد الذين هجروا قسراً من سوريا عام 2012.
كما تمت هجرة الفلسطيني في 1948 بشكل جماعات وعائلات مما أتاح إعادة تشكيل كينونات عشائرية في أحياء كاملة ضمن البلد المضيف، مما أمـَّن لهم نوعاً هاماً من الاستقرار الاجتماعي، على عكس ما تعرَّض له اللاجئون في عام 2013، حيث تشتـَّـتت العائلات وكأن قنبلة انفجرت وحوَّلت تكتلاتهم إلى أشلاء في كل بقاع العالم، مما أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي الذي بـُني عبر 64 عاماً منذ نكبة فلسطين.
 أما في المجال الاقتصادي فقد عمل اللاجئون الفلسطينيون في البلدان العربية المضيفة ، بعد النكبة وكأنهم أصحاب البلد، فلم تقيد الدول العربية المضيقة حركة اللاجئ الفلسطيني حينها، بل كان لها مصدراً للأمان الاقتصادي الوطني السوري، كما حدث في سوق العمل، أيضاً كان الفلسطيني أحد مقومات تطور التعليم هناك كما حدث في سلك التعليم، حيث اقتصر تعليم اللغة الانكليزية على يد المعلمين الفلسطينيين في سوريا بعد النكبة، بينما وضعت الدول المحيطة بسوريا كل العراقيل والقيود أمامه بحجة الحفاظ على أمن البلد، ومشكلة القلق الطائفي التي جيـَّش لها الكثيرون دون داع ٍ، كما حصل في لبنان ؛ ومنعته من العمل ، وإن سمح له بالعمل في القطاع الخاص ، فكل ممارسات الاستغلال الرأسمالية تعود لهذا الزمن ومن أوسع أبوابه، حيث وصل الحد بأصحاب رؤوس الأموال، أن يستعبدوا اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، واستنفاذ كل طاقاتهم ووقتهم تحت ضغط حاجتهم الماسة للعمل ولو كان بأجرٍ زهيد، ومعاملة لا يقبل بها  بشر، ولا تراعي المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بهذا الشأن.
ونتيجةً للتقدم والعمران والمناخ أصبحت هناك ضرورات ضمن مقومات الحياة ، يحتاجها اللاجئ الفلسطيني  بينما لاجئي 1948 قد تم تأمين خيام وبراكسات لهم قبل استقرارهم في مخيمات وبناء بيوت خاصة بهم امتلكوها في تغريبتهم الأولى فكان الإيواء مؤمنا بإنشاء المخيمات.
أما التغريبة الثانية فقد تميزت بمحاولة تدمير تلك المخيمات واقتلاع اللاجئين الفلسطينيين من مخيماتهم في  الدول المضيفة قبل حل قضيتهم ، وهو أحد القضايا التي استثمرها أعداء الشعب الفلسطيني وحوَّلها لأحد  أهداف هذه الحرب اللعينة.
وفور تشريد الشعب الفلسطيني إثر نكبة فلسطين، تم تأمين التعليم للاجئين الفلسطينيين منذ تشييد أول خيمة في دول الطوق حتى قبل بناء المخيمات عن طريق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بينما في عام 2012  تـُظهر الأونروا عجزها عن تأمين سبل التعليم في أدنى مراحله بدءاً من أجرة المواصلات للطلاب حيث تم حرمان 75 % منهم الجلوس على مقاعد الدراسة بسبب ذلك العجز، هذا بالإضافة إلى حرمان  95 % من طلاب الجامعة بسبب العراقيل البيروقراطية، وإلى عدم الاعتراف بطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية كما حصل في لبنان ،وإن استطاعت نسبة قليلة الالتحاق بمقاعد الدراسة لدى مدارس الأونروا هناك.
لقد استطاعت الدول العربية بعد احتلال فلسطين وتشريد شعبها، الوصول لدرجة عالية من الإنسانية وتطبيق حقوق الإنسان، خاصةً في ظل المد القومي آنذاك ووضع قضية فلسطين ضمن أولويات الحكومات العربية والأحزاب العربية التحررية على طول رقعة الوطن العربي، واعتبارها القضية المركزية .
ولقد ساهم الحصار المالي المفروض على منظمة التحرير الفلسطينية، وتجفيف الموارد والمساعدات عن الجمعيات الإغاثية  في التضييق على اللاجئ الفلسطيني من سوريا، ومحاولة وضعه في خانة العجز عن الصمود، أمام استمراره في الحفاظ على هويته الوطنية، وكذلك توقف الدول المانحة عن دعم الأونروا المفترض زيادته في هذه الظروف العصيبة.
ويلاحظ أن مسار ذلك التجفيف يتلازم بشدة مع مسار الدعوات للهجرة الجماعية إلى دول أوروبا، والبدء باستقبال تلك الدول للاجئين الفلسطينيين من سوريا بشكل رسمي، وضمن اجتماعات حكومية لها في بلدانها ضمن ما يسمونه إيجاد حلول للهجرة غير الشرعية.
لكن كاريزما اللاجئ الفلسطيني تبقى ملازمة ً له أينما ذهب ومهما حل به، فاللاجئ الفلسطيني المحاصر في مخيم اليرموك لا يرده جوعه وموته عن تأكيده بأنه لن يتنازل عن حقه في العودة لوطنه فلسطين مهما حاولوا النيل من عزيمته، وكذلك اللاجئ الفلسطيني الذي استطاع امتطاء موجات البحر الغاضبة نحو برٍّ لأمانٍ ما هناك، يؤكد أنه متمسك بحقه في أرضه الفلسطينية، مما يزيد في فعاليته الوطنية في تلك المجتمعات البعيدة ليخبر العالم أنه لا زال على العهد، ولا زال حاملاً وحارساً للقضية.