نتفهم أن تلجأ داعش وأخواتها الى السبي ونكاح الجهاد طالما أنهم يفسرون الدين على هواهم وأمزجتهم وأن تقايض عائلات ليبية بناتها القاصرات مع جماعة متطرفة مقابل الحماية وكف الأذى, لكن ما لا نفهمه ان تلجأ عشائر في منطقة البصرة العراقية الى تقديم 50 امرأة بعضهن قاصرات كتعويض عن خلاف دموي بين عشيرتين في ظل حكومة رسمية تدعي أنها تقاتل الارهاب وتقاتل لفك أسر النساء الأزيديات والكرديات من أسر الجماعات الارهابية.
يبدو ان الاخلاق تبخرت في أتون ما يسمى بالربيع العربي, فلا محرمات فيه سواء من الأنظمة أو الجماعات المعارضة, ولم يحدث مثل هذا السبي القسري أو الطوعي عبر التاريخ عربيا الا في العصور المظلمة في غياب القانون وفي غياب الأخلاق ولا نقول الدين لان الدين أخلاق أولا وأخيرا.
والغريب أن الحكومة العراقية التي تدعي أنها تقاتل داعش وأخواتها تطلق دواعش الحشد الشعبي لتمارس الجرائم نفسها في ديالى وسامراء وتكريت وحاليا حول الرمادي وقراها, وقريبا سنشهد محارق ومذابح في الموصل..
فلا يمكن نسيان الجريمة بالجريمة ولا القتل بالقتل, فالأصل الحفاظ على الحد الأدنى من الأخلاق الانسانية حتى في أحلك الظروف.
لأن الانحطاط الأخلاقي الذي تشهده الصراعات العربية الحالية لا ينم الا عن وحوش بلا قيم أو دين أو أخلاق وينطبق عليها قول الشاعر بدر شاكر السياب في قصيدته المخبر, حيث قال:
أثقل ضميرك بالآثام فلا يحاسبك الضمير
وانس الجريمة بالجريمة والضحية بالضحايا
لا تمسح الدم عن يديك فلا تراه وتستطير
لفرط رعبك أو لفرط أساك واحتضن الخطايا
بأشدّ ما وسع احتضان تنج من وخز الخطايا