كان اليوم العالمي للطفل الاول من حزيران، يوما لاطلاق فضاء فصل مهم من الرواية الفلسطينية. يوما لانبعاث الجزء الاخصب من الحكاية، واستحضار الزمان والمكان وصاحب التاريخ المتجذر في الجليل والمثلث والنقب، الذي حاكى ويحاكي قصة البقاء الابدية في ارض الآباء والاجداد، وحامل معول الدفاع عن الهوية الوطنية والقومية في مواجهة العنصرية الاسرائيلية وقوانينها الجائرة، التي دأبت على مدار ما يقرب من سبعة عقود لسلخ الارض عن تاريخها وهويتها وحكايتها الاصلية وإنسانها الاول، باعث الروح في فضائها وعلى بساط تربتها، وناسج ملامح شخصيتها وحضارتها.
ارض فلسطين التاريخية وحكايا دائمي الانبعاث فيها، ورد الاعتبار لهم ولدورهم، ووفاء لانغراسهم في تربتها وعلى امتداد جغرافيتها، ولعطائهم اللامحدود في حماية مخزونها وموروثها الحضاري والثقافي الفلسطيني العربي، بحاجة لاستنطاق آمالهم وآلامهم، احزانهم وافراحهم، همومهم ومعاناتهم، كفاحهم السياسي والاجتماعي والثقافي عبر فضائية تنقل على مدار الساعة قصص ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم.
تبقى الحكاية الفلسطينية غير مكتملة، إن اغفلت دور ومكانة المرابطين الصامدين، الذين تماهوا مع الارض في احلك لحظات الظلام الصهيونية، ودفعوا الغالي والثمين من التضحيات لحماية وجودهم شوكة في حلق الدولة الاسرائيلية، وخطوا بلغة الضاد روايتهم، ونظموا باشعارهم قصائد ومراثي الوطن والانسان المتكئ على صارية التاريخ، وكتبوا في صحفهم ومنابرهم قصة نضالهم، ودونوا اهدافهم ومطالبهم دون مواربة، وحاججوا رواية الجلاد الزائفة. هؤلاء ابناء جلدتنا، اشقاؤنا، لحمنا ودمنا، اصحاب الفصل الاعز في روايتنا، لهم على كل فلسطيني وعربي حق وواجب في آن، الواجب تجاههم، والحق في نقل حكاياهم القديمة والحديثة، وتسليط الضوء على مأساتهم، ونكبتهم نكبتنا، ونشر بعض بصيص الامل في كفاحهم الباسل والمتواصل.
يوم الاثنين الموافق الاول من حزيران في الساعة السادسة مساء انطلق بث فضائية فلسطين الـ48 من فندق الغولدن كراون في مدينة الناصرة، عاصمة الراسخي المتجذرين في الارض الام بحضور ثلة من ابناء الشعب العربي الفلسطيني. انطلق شعاع الفضائية الجديدة والآمال المعلقة عليها وعلى دورها، وعلى القائمين عليها كبير وكبير جدا. لأن الفضائية الواعدة بحمل راية تاريخ وحاضر ومستقبل ابناء الشعب الفلسطيني في داخل الداخل، شقت طريقا معقدا وصعبا وشائكا ومليئا بالالغام.
ولا يكفي التغني بانطلاق الفضائية، لأن ما عليها من مسؤوليات جسام، ومواجهتها للتحديات، التي ستنتصب في وجهها، وقدرتها على الصمود ونقل الفصل الاهم من رواية الشعب ببرامج ورؤى جديدة ومتجددة نوعية، قادرة على استقطاب الشارع الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب وفي اصقاع الدنيا كلها، هو الجزء الاهم، الذي يعكس نجاحها او العكس.
الف مبروك للقائمين على فضائية فلسطين الـ48، ولكل من ساهم، وسيساهم في نجاحها وتطورها في نقل الصورة المشرقة لنضال ابناء فلسطين في داخل الداخل.