لست مع مساءلة من وصفوا الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي نحتسبه عند الله شهيداً بأنه غير شهيد. فصكوك الشهادة لا يمنحها البشر للآخرين ولا يمسكونها عن آخرين, وكل ما يستطيع العبد الفقير لله هو ان يحتسب فلانا عند الله شهيدا والاحتساب هنا من موقع التمني وليس الجزم، لأن علم الشهادة عند الله وحده لا شريك له. وبالتالي فإن من تسول له نفسه أن يقوم مقام رب السموات والأرض والعياذ بالله ويمنح صكوك الشهادة لمن يشاء ويحرمها عمن يشاء فهو الذي يرتكب الاثم. وهذا يعيدنا إلى زمان صكوك الغفران البابوية وصكوك الحرمان والحجر التي شاعت في العصور المظلمة في أوروبا عندما كان الكهنوت يحكم و يقتل ويعذب ويحرق بالنار من شاء دون تحقيق أو مساءلة قانونية، لأن البابا كان يعتبر نفسه القائم بمقام الرب ويحكم باسمه وكل كاهن كان يستمد شرعيته من البابا وهكذا، وكل هؤلاء يسلبون الناس حقوقهم وأموالهم وحتى زوجاتهم باسم الاله.. وتميز الدين الاسلامي عن غيره بعدم وجود رهبان وكهنة لأن الكهنة هم سبب الخراب والدمار والفساد في أي مجتمع منذ القدم والوثنية والفرعونية وصولا الى احتكار الدين اليهودي والتعسف به وما جاء المسيح عليه السلام الا لمحاربة طبقة الكهنوت التي حاربته وطلبت من الروم اعتقاله وصلبه.
ولسوء حظ المسلمين فقد ظهرت عندنا طبقة الكهنة الذين يسمون أنفسهم رجال الدين وهؤلاء كانوا عوناً للسلاطين والحكام على الناس يبررون الظلم بآيات مجتزأة وأحاديث غير مسنودة واجتهادات مزاجية مفصلة على مقاس الحكام. ولعل آفة الدين الآن هي طبقة الكهنة المسلمين الذين جعلوا الأمة مرتعاً للقتل والسحل وفرقوا الشعوب وتمذهبوا بل حولوا المذهب الواحد إلى مذاهب وفرضوا أنفسهم على الجهلاء كمرجعيات دينية بديلاً عن النصوص القرآنية والنبوية المثبتة. فصار هناك من يقتل بناء على فتوى من مرجعيته أي شيخة ومن يكفر من يشاء ومن يظلم من يشاء ومن يدمر ما يشاء دون وجه حق. وصار الانتماء إلى جماعة ما من شاب صغير جواز سفر إلى الافتاء والاجتهاد وتكفير الناس دون علم في الفقه. وهكذا لم أفاجأ بفتوى الطالبة الجامعية بأن الزعيم التاريخي للثورة الفلسطينية ليس شهيداً، لأنها تربت حزبياً على الحقد والكراهية للآخرين وهي سمة ليست من سمات الاسلام بل وصمة حزبية بذيئة من مبادئ سيد قطب ومشايخ الجماعات الذين ينطقون عن الهوى الحزبي، لأنها لا تهتدي بالفقه أو بالنصوص بل بكهنة سياسيين يستترون بالدين، ومع ذلك لست مع مساءلتها أو طردها من الجامعة لأن من يفعل ذلك فإنه يقلد كبارها الذين علموها الحقد والشعوذة بدل الدفع بالتي هي أحسن.