تونس الباهية التي تعرضت مؤخرا للهجمة الارهابية أصبحت هدفا مباشرا للتخريب والأعمال العدوانية في صيرورة يراد لها أن تصبح كجيرانها، رغم أنها حافظت على توازن يحسد عليه التوانسة ما بين الفكر العلماني والفكر الاسلاموي، أو لنقل بين فكر الدولة المدني وفكر التنظيمات الاسلامية المعتدلة وعلى رأسها فكر د. راشد الغنوشي في حزب النهضة. ولربما كان هذا التوازن أو التلاؤم أو لنقل بوضوح (التعايش) هو الهدف الذي قصده الارهابيون الذي ساءهم وسوّد وجوههم أن يروا التونسيين ممثلين للفكر المتعدد والمنفتح وممثلين للثقافة والفن كما كانوا من رواد الحضارة العربية الاسلامية.
إن فكرة التعايش في ظل التعددية الفكرية والثقافية والمجتمعية، وهي فكرة الاسلام وفكرة المسلمين بفكرهم السمح والرحب هي المستهدف.
إن فكرة التعايش المجتمعي بما هي فكرة تونس بفكر سياسييها ومفكريها ومثقفيها وناسها جميعا هي المستهدف قطع رقبتها.
تونس التي أطلقت شرارة «الربيع العربي» ظلت محتفظة بالربيع بعد أن تحول الى خريف دموي في دول أخرى انقض فيه متطرفو الاخوان المسلمين أو التنظيمات الاسلاموية الارهابية والمتطرفة يقتلعون ويرهبون بسيف الدين والقنبلة ويعمدون لفرض تصورهم المشوه للدين على الجميع.
تونس الثقافة والنور والحضارة والإسلام والعروبة والتعايش والمحبة والمقدرة على تجاوز العقبات، وتونس الربيع الدائم هي تونس التي نريدها أن تظل مشرقة على سهول ووهاد وجبال أمتنا العربية والإسلامية، وفي صدورنا وأرواحنا وعقولنا.
إن تونس النور المستهدفة بالقتل والإرهاب تستطيع حتما ان تصد الرياح العاتية بنسائها ورجالها وثقافتها وحضارتها، وتونس القوة والاشراق والمهابة هي ما نتطلع اليه ونصبو لبلوغه لأننا في أحضانها نتطور، ولن تستطيع «داعش» أو «القاعدة» أو «أنصار الشريعة» وغيرها من المسميات أن تربك التونسيين أو تحطم ارادتهم بإبقاء النموذج الحضاري الفذ لهذا البلد منارة حب وخير وسعادة.