في زاوية الامس تم تسليط الضوء على استحقاقات الدولة . غير ان الاستحقاقات لم تستوفى. فمن المسائل العاجلة التي تحتاج تغيير، هو النظام الاساسي المعمول به في سلطة الحكم الاداري الذاتي. الان مطالبة القيادة وضع مسودة الدستور وعرضها للاستفتاء على الشعب. فضلا عن تغيير قواعد التعامل مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، وعدم الخشية من دعوتها الى التفاوض حول قضايا الانسحاب من الاراضي المحتلة عام 1967. وايضا حان الوقت لتغيير آليات التنسيق الامني القائم مع حكومات إسرائيل المتعاقبة. لم يعد مقبولا مواصلة ذات الاليات القائمة، لانها تمس بالمكانة الوطنية. وعلى الجهات الامنية المعنية دراسة الواقع مع خبراء مختصين من الدول العربية والصديقة لوضع مشروع تصور امام القيادة لاعتماده وفرضه على اسرائيل.

ولكن لا يجوز التفاوض المباشر مع القيادة الاسرائيلية. ولا عبر الرعاية الاميركية او الرباعية الدولية. لان تلك المرجعيات على اهمية مواقع الاقطاب المكونة لها، لم تعد تصلح للعب دور الوسيط بين دولة فلسطين المحتلة ودولة التطهير العرقي الاسرائيلية. الولايات المتحدة الاميركية، سقطت الف مرة في الاختبار كراعي لعملية السلام، ولعل آخر مثال على ذلك ، موقفها من حصول فلسطين على عضوية غير كاملة للدولة في الامم المتحدة، وكلمة سوزان رايس في اعقاب التصويت على مشروع القرار الفلسطيني، الذي حاز على ما نسبته ال 75 % من دول العالم، التي جاءت اكثر بشاعة وعدوانية من كلمة السفير الاسرائيلي. كما ان الرباعية الدولية، التي تقف اميركا على رأسها، لا تصلح كراعي لعملية السلام، ولا ممثلها يصلح لان يكون وسيطا نزيها، لانه يعمل لصالح إسرائيل والولايات المتحدة. وباقي اطراف الرباعية لم تتمكن من تجاوز عقدة النقص الملازمة لها تجاه سطوة اميركا، بالاضافة الى ان الرباعية مسخت دور الشرعية الدولية ، وصادرته، ودفعت الامم المتحدة للخلف، الى دور الكومبارس لخطط ومشاريع وسياسات الولايات المتحدة.

إذاً ورغم ان الولايات المتحدة الاميركية مازالت تلعب الدور الاساسي في رسم السياسات الدولية، إلآ ان القيادة الفلسطينية مستعينة بالاشقاء العرب (رغم بؤس واقعهم الرسمي) ومنظمة التعاون الاسلامي ودول عدم الانحياز والاقطاب الدولية الصديقة، عليها مطالبة الامم المتحدة ، وحدها مرجعية لعملية السلام. وقراراتها الاممية ذات الصلة بالاحتلالات وازالتها وضمان قيام الدول وحماية استقلالها، هي الناظم للتسوية السياسية. ومركزها في نيويورك او سويسرا مكان اللقاءات للتفاوض مع ممثلي دولة الابرتهايد الاسرائيلية.

القيادة الفلسطينية برئاسة ابو مازن، التي استطاعت مواجهة التحديات والارهاب الاميركي والاسرائيلي وبعض الاوروبي المنظم لثنيها عن التوجه للامم المتحدة، قادرة على ان تدافع عن خيارها في تغيير قواعد العمل مع المرجعيات السابقة وخاصة الولايات المتحدة. وهذا الموقف لا يعني الدخول في صدام مع الولايات المتحدة ولا مع غيرها، ولكن حق فلسطيني املته المتغيرات والمصالح الوطنية، والتجربة الماضية، التي كشفت عجز الراعي الاميركي وتواطؤه على المصالح الوطنية، الامر الذي يستدعي التخلص من نفق اميركا المظلم.

وفي السياق مطالبة الامم المتحدة والمنابر الاممية ذات الاختصاص بالتصدي للانتهاكات الاسرائيلية ومشاريع الاستيطان والمصادرة والتهويد وتغيير معالم المدن الفلسطينية وخاصة القدس الشرقية، والعمل على ازالة المستوطنات الاستعمارية القائمة وجدار الفصل العنصري استنادا الى القرار الدولي الاخير والقرارات الدولية السابقة المتصلة بالموضوع كمقدمة لازالة الاحتلال ووضمان استقلال دولة فلسطين الديمقراطية على الاراضي المحتلة عام 1967.