لا أدري كيف يأخذنا الحزن إلى هناك، إلى روح الشهيد الزعيم ياسر عرفات، ذلك الحزن الذي يظل يسكننا ويتشبث بنا، حزن يغرقنا في البحث عن التفاصيل الكبيرة والصغيرة، لا يمكننا أن نقفز عنه أو نخدعه لأنه يتجسد في كل تاريخ زعيمنا الذي اغتالته إسرائيل وسممته وحجبت عنه الحياة لأنه قال (لا) لكلينتون، و (لا) للدولة اليهودية، ووقف صامدا يقولها دوما (نعم) للدولة والقدس واللاجئين والثوابت والحق في الحياة الكريمة.
ومضى شهيدا .. وفجعنا به .. وحين وارينا جسد زعيمنا الشهيد أبو عمار في الثرى المطل على القدس، رددنا أمنيته ووصيته القائمة أمامنا أن يدفن في ثرى القدس في التراب المقدس المبارك، وستبقى عهدا علينا وللأجيال.
حين نتذكره، لا تفارقنا كلماته " على القدس رايحين شهداء بالملايين".. شعورا غريبا يأتينا كلما نظرنا له أو سمعنا كلماته، شعور بالسعادة والثورة والقدرة على البقاء والاستمرار في النضال، هكذا أراد وهكذا تعلمنا، كان رحمه الله يملأ كل مكان يجلس فيه نشاطا وعزما وأملا وهكذا عرفته كل العواصم والمدن .
كانت لحظات وداعه لنا وهو يغادر في الطائرة مثل الحلم الكابوس موسيقى تراجيدية نحسب معها أنفاسنا حتى البكاء .. وحتى لحظات الانتظار كان كل شيء يمر حلما .. وفي لمحة البصر وفي لحظات القدر .. مضى إلى طريق الشهادة " شهيدا .. شهيدا .. شهيدا" .. كل شيء مرَّ في لمحة بصر .. مات الختيار .. مات الزعيم .. مات القائد .. ذهب أبو عمار .. رحل الرجل المتدفق بالإنسانية والحب والثورة وفلسطين .. مات صاحب الحضور الاجتماعي .. رحل رجل الثورة والبارود والإنسانية والسياسة والثوابت .
أبو عمار ويتجدد الألم وتتجدد الكلمات وتشجن الذكريات بالشجن .. ونظل مفتونون به وبرحلته ما قبل الانطلاقة والانطلاقة وأرض المعركة وحتى الشهادة بطلا أبى الاستسلام والإذعان للمحتل وأمريكا والعالم الظالم ..
لم يشهد عليه أحد ممن رافقه في هذه الرحلة الطويلة أنه قد ظهر عليه الجزع أو الفزع أو التردد .. بل كان في كل مراحل الثورة صابرا محتسبا مؤمنا بأن النصر من عند الله .. يودع الشهداء ويسافر إلى الرحلة الأخرى .. حياة فلسطين أغلى من كل حياتنا، هكذا كان دوما يخاطب الثوار .. وحتى في أشد حالات ضعفه ومرضه وتعبه لم ينس الشتات ولبنان وسوريا والأردن وكل المعذبين في الأرض المنتظرين العودة ..
اليوم وفي الذكرى العاشرة لفراق قائدنا وزعيمنا نعترف أنه من الصعب أن تفارقنا تفاصيله .. من الصعب أن يرحل عنا وعن ثورتنا وحركتنا وجماهيرنا ووحدتنا وقوتنا وعزمنا الأكيد على مواصلة النضال ضد الاحتلال حتى انسحابه الكامل من أرضنا المحتلة وقيام دولتنا الفلسطينية وعاصمتنا القدس .. رحل الثائر الذي ركض في الحياة طويلا واحتار فيه المحللين والكتَّاب .. نتذكره اليوم وفاءً لذكراه . ويبقى العهد هو العهد والقسم هو القسم .
أبو عمار وفي ذكراك العاشرة نفتقدك ونعاهدك: بقلم مازن صافي
08-11-2014
مشاهدة: 786
مازن صافي
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها