بعد أن انهارت مفاوضات التسع شهور في يونيو الماضي وصلت مسيرة السلام الى منعطف مغلق بسبب سياسة نتنياهو التي لا يريد من خلالها أي حل للصراع على اساس دولتين لشعبين ولا دولة واحدة لشعبين , بدأت مرحلة جديدة في مسيرة التطرف الاسرائيلية التي يقودها نتنياهو وهي الاجهاز على مشروع الدولتين واعتباره أمرا يستحيل تطبيقه , وبدأت مع هذه المرحلة عمليات تكثيف الاستيطان واقتحامات الأقصى المتكررة لفرض السيادة الاسرائيلية الكاملة على الاقصى وتمهيدا لمشاركة المسلمين في هذا المكان الذين يعتبروه بمثابة الروح للجسد لأنه أولى القبلتين , كما عمدت حكومة نتنياهو  الى تكثيف عمليات الاستيطان واستهداف الوجود العربي الفلسطيني بالدرجة الاولى في القدس  كمخطط متكامل  لإلغاء الجزء العربي من القدس الذي يعتبره الفلسطينيين العاصمة الابدية لدولتهم المستقلة  , استمرت الامور في التدهور مع هذه السياسة المتطرفة والتي ترك فيها نتنياهو الطريق مفتوحة أمام المستوطنين ليمارسوا كل موبقاتهم وجرائمهم بحماية الجيش في القدس وأحيائها ومساجدها وحتى كنائسها .
 
اعدام الشاب محمد أبو خضير كان بمثابة البداية التي دفع اشعال النار في كل شوارع القدس  وخرج  كل أهل فلسطين للدفاع عن ذاتهم وهويتهم  فثارت القدس والضفة وشلت المدينة المقدسة لكن اسرائيل سعت للتهدئة وتراجعت قليلا عن بعض حركات الاستفزاز التي تمارس يوميا الى فترة محدودة وسرعان ما تكثفت كل اساليب الاستفزاز ليس بهدف استفزاز الفلسطينيين وانما واحدة من الاجراءات التي تمارسها حكومة اسرائيل لتستولي على كل شيء بالمدينة المقدسة,  واصبح اقتحامات الأقصى هو الواجب اليومي للمستوطنين المتطرفين الذين يقودهم أعضاء في الكنيست "كموشيه فيغلن" و "يهودا غليك" , ليس هذا فقط بل أن الاقتحامات شارك فيها ايضا عدد من الوزراء الاسرائيلية و رجال المخابرات ورئيس بلدية الاحتلال , ومع هذه الاقتحامات تكبر حلقة  النار التي اشعلها نتنياهو وتتسع دائرتها بعد انكشاف مخططات منح اليهود حقوق اقامة الصلوات بالمسجد الاقصى واقامة هيكلهم  المزعوم , جاءت حادثة اغتيال يودا غليك التي نفذت دفاعا عن شرف وحرمة الأقصى المبارك وكرسالة  لنتنياهو بأن النار ستصل رأسه في القريب لكنه  لم يقتنع انه يقود المنطقة للانفجار بل دفع بمزيد من الاجراءات التصعيدية ودعي الى مضاعفة الاقتحامات للأقصى واعلن عن بناء اكثر من 1060 وحدة استيطانية ردا على تلك العملية , تدحرجت الامور كلها مع التصعيد نحو الانفجار بتواصل الاقتحامات اليومية ومنع المصلين من الوصول للأقصى المبارك بإغلاق المسجد الأقصى لأول مرة في التاريخ  امام المصلين . 
 
يستمر نتنياهو في التصعيد بالقدس بعد المصادقة على قرار عقاب عائلات منفذي أي عمليات بالقدس عن طريق الطرد وهدم البيوت وخلق شعور عام في المحيط الوزاري له بطرد العديد من ابناء القدس الى غزة , النار التي يستخدمها نتنياهو لإطفاء النار ستجعل النار تصل كل مكان حتى راس نتنياهو نفسه وتحرق رأسه العنيد الذي لا يستمع لنصائح حلفائه او حتى حكماء العالم السياسيين لأنه ماضي في عملية كبيرة تقود المنطقة الى حرب وصراع ديني كبير يطال كل شيء ولن يستثني شيء وسيأتي على الاخضر واليابس ,وعندما تشتعل المنطقة بالطبع سيهرول نتنياهو كعادته لحلفائه في واشنطن بداً من ادارة البيت الابيض حتى اصغر لوبي يهودي  يدعم اسرائيل وسياساتها العنصرية , أوكد أن لا  أحد سوف يستطيع أن يساعد نتنياهو واسرائيل ,وبالطبع تنحاز واشنطن الى شريكتها وتدخل دول اخري داخل حلقة النار التي فقد نتنياهو وادارة البيت الابيض السيطرة عليها  لتصفية حسابات مع واشنطن واسرائيل ويصبح الصراع مقدمة لحرب كبيرة اخري تحرق كل شيء في طريقها ولن تبقي بالطبع لكل دعاة العنصرية واستخدام الانسان كحقل تجارب لالتهم الحربية شيء ,ولن تبقي لإسرائيل ايضا شيء بعدما يرحل اكثر من نصف سكانها الى عالم اكثر امنا .  
 
اليوم انتقلت النار الى كفر كنا بالجليل الاعلى ولم تقتصر على القدس والضفة الغربية بمواصلة سياسة اعدام الشبان الفلسطينيين المناهضين للاحتلال الاسرائيلي بعد اعدام الشاب "خير الدين حمدان" الذي قتل بدم بارد ومازالت النار مشتعلة هناك وقد تنتقل في القريب الى بلدات عربية اخري بالجليل , دون ان يبادر نتنياهو او احد من حكماء اسرائيل أن بقي فيها حكماء تسمع كلمتهم الى محاصرة النار واخمادها وبدء مرحلة سلام عادل و حقيقي بالمنطقة على اساس حل الدولتين , ما يؤكد أن النار تتسع رقعتها وان  نتنياهو يسكب عليها الزيت فصلا بعد اخر, انه مستمر في تحميل ابو مازن مسؤولية كل التدهور الأمني في اسرائيل ,واليوم بالتحديد بدأ يهدد الرئيس ابو مازن بأن بإمكانه أن ينهي حكمة خلال يومين مستخدما اسلوب العزف على الخلافات بين ابو مازن وحماس ,وكان نتنياهو وقادة اسرائيل اليمينيين قد حملوا ابو مازن مسؤولية عملية الدهس الاخيرة في شارع شمعون بالقدس وانه يقود حكومة ارهابية , وكانوا حملوه مسؤولية اغتيال المتطرف "يودا غليك"  التي جاءت نتيجة طبيعية للنار التي اشعلها نتنياهو بالسماح للمتطرفين بتدنيس الاقصى  , فإن كانت تلك المعادلة هل بقي امام اسرائيل شيء لم تفعله لأبو مازن ...؟لم يبقي امامها الا القاء القبض عليه ومحاكمته ..!و لم يبقي امامها الا تشجيع المزيد من عمليات اقتحام المسجد الأقصى ونهب وسرقة اراضي وبيوت الفلسطينيين لصالح الاستيطان لتصل النار رأس نتنياهو ومن حوله .