العجب العجاب والمضحك المبكي أن يتحدث قادة حماس عن الشرعية الفلسطينية، وهم أنفسهم من يعمل على اغتيالها، ويضعون كل مقدرات جماعتهم المادية والبشرية في خندق العداء المطلق لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وللممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية، ويحاولون طمس حقائق ثابتة، وهي أن فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، تأسس تحت عنوان: الجمعية الإسلامية "المركز الإسلامي" سنة 1976 بموافقة ضمنية من جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك) من وراء ظهر حكومة منظومة الاحتلال الإسرائيلي، وتواطؤ الحاكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة آنذاك، حتى الإعلان رسميًا عن افتتاحه سنة 1979. وأن الكاتب الإسرائيلي ألموغ بوكر نشر تحقيقًا صحفيًا بعنوان: "هكذا أقمنا حماس" في صحيفة هآرتس الإسرائيلية سنة 2007، نقل فيه عن لسان قائد الشؤون الدينية اطأفنير كوهين سنة 1979 أنه نقل رسالة تحذير للشاباك الإسرائيلي من مخاطر ترخيص المركز، وأن كوهين قال للكاتب: "لم يُصغِ إلي أحد.. قلت ما عندي، لكن الجميع كانوا ساذجين وحسبوا أنهم سينجحون بتقوية الجماعة لإحباط قوة (م.ت.ف)".

يقفون خارج دائرة الشرعية، لكنهم عبثًا يحاولون، رصف كلمات بياناتهم، بمصطلح "الشرعية" لكن الشعب الفلسطيني، يعلم الأرقام القياسية، لانقلاباتهم الدموية، والسياسية على الشرعية الفلسطينية (منظمة التحرير الفلسطينية) والشرعيات المنبثقة عنها: السلطة الوطنية الفلسطينية، والقانون الأساسي، وعلى شرعية مبدأ التداول السلمي على السلطة، وشرعية الانتخابات التشريعية والرئاسية، وشرعية الاتحادات الشعبية، والنقابات المهنية، منذ انقلابهم الدموي سنة 2007.
على أثر انتخابات تشريعية سنة 2006 كلفهم رئيس الشرعية الفلسطينية الرئيس أبو مازن، بتشكيل الحكومة، لكنهم ردوا على الشرعية بانقلاب مسلح،  نعتوه  "الحسم العسكري" ثم احترفوا أساليب استدراج الوحش الصهيوني الديني التلمودي، إلى بيوت ملايين الآمنين المدنيين الأبرياء، في حروب خاصة، لتحقيق أهداف فئوية، ثم منحوا منظومة الصهيونية الدينية برئاسة نتنياهو ذريعة الإبادة الجماعية- أكثر من 200 ألف شهيد وجريح حتى اليوم، ودمار لأكثر من 80% من قطاع غزة-  ويقصفون شرعية المنظمة والمجلسين الوطني والمركزي، والقيادة الشرعية، ويتهمون ممثلي الشعب الفلسطيني بالتفرد. لا لسببٍ إلا لأن المركزي قرر بعد مناقشات ديمقراطية، وإجراء تعديلات لازمة على النظام الداخلي للمجلس الوطني باعتباره منبثقًا عنه، استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة ودولة فلسطين، ومنح الرئيس صلاحية ترشيح من يراه مناسبًا من أعضاء اللجنة التنفيذية، ولأن الرئيس رشح عضو اللجنة التنفيذية حسين الشيخ لهذا الموقع، وتمت الموافقة على المرشح في اجتماع اللجنة التنفيذية، عقب إقرار التعديلات بـ 48 ساعة، لكن الحقيقة أن رد فعل قادة حماس عكس العداء المتأصل الموروث من مفاهيم جماعة الإخوان المسلمين لمعنى الشرعية الوطنية وتحديدًا الفلسطينية، إذ أثارهم تبني المجلس المركزي، في بيانه الختامي الأولويات واستراتيجية العمل الوطني كما وردت في خطاب الرئيس أبو مازن، حيث طالب مجلس المركزي حماس، بالالتزام بالموقف الوطني الفلسطيني، والكف عن منح منظومة الاحتلال الإسرائيلي الذرائع للاستمرار بحملة الإبادة، والعمل على سد الذرائع عبر تسليم حماس قطاع غزة للسلطة الوطنية الفلسطينية صاحبة الولاية الشرعية على القطاع، والالتزام بوحدة أرض دولة فلسطين، ووحدة نظامها السياسي، وقانونها، وسلاح أجهزة السلطة الأمنية الشرعية، وأن قرار الحرب والسلم، لا يحق لأي فصيل التفرد بأخذه، وإنما هو قرار وطني، خاضع لاعتبارات المصالح العليا للشعب الفلسطيني، ما يعني أن المجلس المركزي، قد قطع الطريق على أوهامهم، ومحاولاتهم الفاشلة لاصطناع شرعية، بلغ ثمنها حتى اليوم: (كارثة ونكبة الإبادة الجماعية والتهجير) أما طوفان كلامهم عن خضوع القيادة الفلسطينية لإملاءات خارجية، فنذكرهم بالثلاثين مرة التي قالها الرئيس أبو مازن للإدارات الأميركية المتعاقبة ولإسرائيل، في قضايا تمس الحق الفلسطيني والثوابت الوطنية، ونذكرهم أن الرئيس أبو مازن المؤتمن على شرعية القرار لانتزاع الحق الفلسطيني، قد أسقط (صفقة القرن) بمنهج الحكمة والشجاعة والصبر، وصمود الشعب، وأنه لن يخضع إلا لإملاء واحد، من ضميره الوطني الإنساني، وهو الاستجابة لنداء الشعب الفلسطيني عمومًا بالسلام، ولنداء أطفال قطاع غزة خصوصًا البالغ عنان السماء: "أوقفوا الحرب".. "نريد أن نحيا بسلام".. "لا نريد أن نموت".