كم بيت فلسطيني هدمه الاحتلال لأنه انجب مقاوماً اغتاله الاحتلال قبل تدمير البيت وتشريد العائلة التي لم يجف دمع افرادها على ابنها الشهيد؟!..وهل هناك مدينة او مخيم او قرية لم تشاهد احد بيوتها وهو يتعرض للهدم؟!..كم؟!
سياسة هدم البيوت كانت ولا تزال منهجاً ثابتاً للاحتلال منذ بداية الاحتلال عام 1967، وهي سياسة ظاهرها العقاب وجوهرها التشريد ودفع الفلسطينيين للهجرة، فاستمر الهدم عقابا للمقاوم وعائلته، كما استمر بذرائع البناء دون ترخيص وغيرها، لكن احداً لم يهاجر ولن.
في الانتفاضتين وقبلهما اغتال الاحتلال أعضاء من المقاومة وقادتها، وستظل اسماؤهم شموساً تنير الذاكرة من باجس ابوعطوان وغيفارا غزة، الى يحيى عياش وعماد عقل، الى ياسر عرفات، والشيخ احمد ياسين، ابوعلي مصطفى، صلاح شحادة، الرنتيسي، المقادمة، ابو شنب وغيرهم قادة وكوادر و مناضلين اعطوا دمهم من اجل حرية الوطن والشعب، ولا تتسع هذه الزاوية لسجل طويل من شهداء شعبنا.
في حرب الخمسين يوماً على غزة اقام المحتلون الغزاة احتفالاً همجياً للتدمير الدموي، وشن طيرانهم حرباً للتدمير والقتل، فكان تدمير شوارع كاملة في الشجاعية وبيت حانون، وكامل شرق مدينة غزة الى خزاعة وشرق خان يونس ورفح، دمروا عشرات الالاف كلياً وجزئياً من البيوت والعمارات السكنية على رؤوس اصحابها، ومازال الدمار بانتظار الاعمار، ومازال انتشال الشهداء مستمراً_ بالأمس تم انتشال رفاة شهيد من تحت انقاض مسجد القسام في النصيرات. وطال التدمير الهمجي الفاشي البيوت والعمارات السكنية والمساجد و المنشآت المدنية.
طوال سبعة وعشرين عاماً من احتلاله لغزة لم يشق المحتل شارعاً واحداً، باستثناء شق الشوارع العريضة جداً في مخيمات غزة حتى يدمروا الكثير من بيوتها وحتى يضمنوا سيطرتهم العسكرية عليها، ومخيم الشاطئ مثال واحد.
كم دفع شعبنا من اثمان ولا يزال حتى ننتزع حريتنا الآتية حتماً، وحتى ننتزع استقلالنا الوشيك بكل التأكيد والثقة.
في ذروة احتفال الغزاة بالتدمير القاتل الهمجي غابت تفاصيل شديدة الاهمية، فلم يتوقف كثيرون امام استهداف طيران الفاشست بيوتاً لمناضلين استشهدوا قبل سنوات طويلة، تشهد على ذلك بيوت في مخيم جباليا، ترى كم من القتلة كانوا في قيادات جيش الاحتلال، واذا اعتمدنا قاعدة الحساب، واستحضرنا قائمة الشهداء القادة الذين اغتالهم القتلة المحترفون في بيروت وتونس وباريس وغيرها، فكم قاتل يستحق الموت؟؟ لكن الحساب الفلسطيني لم يبدأ بعد، ومحكمة الجنايات الدولية ميدان حساب اكيد.
سيصل الاعمار الذي لم يبدأ بعد، وسنعيد بناء البيوت والعمارات السكنية، والمساجد والمنشآت، هنا نطالب بشارة اعمار نضعها على جبين كل بيت او بناية سكنية او مسجد او منشأة نعيد اعمارهم، لوحة من حجر فلسطين نحفر عليها تاريخ الدمار وتاريخ الاعمار، نطالب بتصميم واحد لشارة الاعمار حتى تظل سجلاً خالداً في كل الشوارع التي طالها التدمير في كل مدينة ومخيم وقرية في عموم الارض الفلسطينية، وإذا ما اعتمدنا هذه الشارة ( اللوحه الحجرية)، فانها ستصل الى بيوت غزة والخليل ومخيم جنين وقرى نابلس..ستصل الى عيون اجيالنا.
دون هذه الشارة سيظل ما اقترف المحتلون الفاشست سطوراً قليلة في كتب التاريخ، ونحن نريد لجيلنا وكل الاجيال القادمة ان تسير في شوارع تزدان بيوتها بشارة اعمارنا لما دمر الاحتلال قبل الحرب الاخيرة على غزة وبعدها، فما اكثر ما هدم المحتل وما اكثر ما اعاد شعبنا من اعمار.
من حق تاريخنا علينا ان نجعله شاخصاً على بيوتنا وفي ساحاتنا وأسماء شوارعنا، وفي متاحف ضرورية للذاكرة...من ذاكرة النكبة الى ذاكرة سنوات الاحتلال الذي اقتراف ولا يزال كل اشكال الجرائم...من مجازر حتى التدمير والقتل.