بعد ثمانية أيام بلياليها, صبت فيها قوات الاحتلال منالبر والبحر والجو جام غضبها على قطاع غزة, في منازلة دموية كان فيها الطرف الفلسطيني,الشعب والمقاومة والإرادة الفلسطينية, الند القوي الذي لا يمكن لأحد تجاهله, دخلت الهدنة,التهدئة حيز التنفيذ في تمام الساعة التاسعة بتوقيت فلسطين الأربعاء.
وبما أن كل حرب, أو كل موجة عنف, أو كل مواجهة بالسلاح,يصدر عنها رسائل يقصد منها أن تصل إلى من يهمه الأمر فإن الرسالة التي وصلت بوضوح منقلب الميدان المستعد, ومن قلب المواجهة الساخنة, هي الرسالة المؤكدة, المدعومة بالبرهانالعملي, أن شعبنا واحد, ومشروعه المتجسد في التحرير والاستقلال وبناء الدولة هو مشروعواحد, أن مقاومتهم المسلحة ومقاومته الشعبية هي مقاومة واحدة, وأن مساره ومصيره فيالضفة والقطاع والقدس هو مسار ومصير واحد, وأنه لا يريد دولة إلا في وطن فلسطين ولايريد إلا أن يكون حيث أراد له الله في فلسطين, حارسا أبديا قويا وأمينا على قبلته الأولىومسجده الأقصى وكل ميراثه الحضاري العظيم.
اذ التهدئة دخلت حيز التنفيذ.. والصمود الفلسطيني كاننموذجا على مستوى الشعب في كل مكان, في الضفة كما في غزة, في نسيج وحدوي بهر الجميع,والمواجهة بما نملك نحن وأذرعنا العسكرية كانت نموذجا خارقا, والنداء انطلق من أرضالواقع ومن لهيب المعركة, ومن صدى الاتصالات الوطنية القومية والدولية, لا مكان للانقسام,دفناه تحت الركام, ولا بديل عن المصالحة لأن المصالحة تعني القوة المضافة التي هي الوحدة,والوحدة هي الأصل وهي القاعدة, وهي جدار الحماية, وما عداها فهو الطارئ والشاذ والمرفوض.
التهدئة هذه المرة، انطلقت فلسطينيا من أفق جديد, أيالذهاب إلى المصالحة, لأن المصالحة متحققة فعلا في الميدان, ومن واجب القوى السياسيةأن تبلورها واقعا في أفضل شكل ممكن في حكومة وحدة وطنية تعنى منذ إعلانها بانهاء الانقسامودفنه تحت الأنقاض, والبراءة من أوهامه وتداعياته! ثم إن الوحدة تضعنا في صورة أكثرقوة وإقناعا ونحن ذاهبون إلى استحقاقنا الوطني الكبير وهو إقامة دولتنا المستقلة فيحدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
إن الموقف الفلسطيني الواضح خلق هذا الحشد الوطني الذيفاجأ الجميع فحين نكون على حق ونكون عنيدين لصالح هذا الحق نستطيع أن نمضي قدما بأكبرقدر من الحشد الوطني, وبأكبر قدر من التأثير الإيجابي, في واقعنا العربي! وهذا ما حدثفعلا حين أصرت القيادة الشرعية الفلسطينية على وقف المفاوضات إذا لم تتحقق لها المرجعياتالمطلوبة, وحين قررت القيادة الشرعية الفلسطينية الذهاب للتصويت في الجمعية العامة!ذلك أن كل الضغط الذي مورس علينا لم يفلح في كسر عزيمتنا في الإصرار على توجهنا السياسيوهكذا جاءت هذه التهدئة بعد الحملة الدموية الأخيرة وتعزز الثقة بالنفس وأننا على حق,وقادرون على المضي قدما في تطور قاعدتنا التي ننطلق منها إلى الاستقلال وهي استعادةوحدتنا الوطنية.
و نحن على موعد في الأيام القليلة المقبلة لنبدأ أولالخطوات الجادة لتحويل اتفاقات التهدئة إلى وقائع على الأرض, وخطوات مادية وبرامج للتنفيذالفعلي.
فشكرا لدماء الشهداء، و شكرا لحضور الإرادة الوطنية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها