صوت الأميركيون وانتخبوا رئيسهم الجديد لأربع سنوات قادمة، وممثليهم في مجلسي الشيوخ والنواب، وهذا شأنهم الداخلي، أما نحن فلا نملك إلا إبقاء صوتنا الوطني عاليًا، صادحًا بعدالة الحق التاريخي والطبيعي لشعبنا الفلسطيني في أرض وطنه فلسطين، والاستمرار بأعلى درجات الحكمة والشجاعة والثبات في نضالنا السياسي والدبلوماسي والقانوني والشعبي السلمي لتحقيق اختراقات نوعية في جبهة ضمائر الرؤساء والحكومات والشعوب والأمم، حتى بلورة قناعة سياسية محمولة على مبادئ وقيم وحقوق إنسانية، بأن أيًّا من الأمن والاستقرار والازدهار في هذه المنطقة الحضارية والإستراتيجية، لن يتحقق إلا بسلام دائم بات واضح المعالم والتفاصيل في نصوص قرارات وقوانين الشرعية الدولية، سلام يستجيب لتطلعات وطموحات وأهداف الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال بدولته المستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
نحن ندرك جيدًا شبكة المصالح المعقدة الرابطة بين الدول في المنطقة كافة، ومابين هذه الدول والولايات المتحدة، لذلك كانت حسابات قيادتنا الوطنية دقيقة للغاية، فتجنبت الانغماس وحرصت على إبقاء القضية الفلسطينية خارج دائرة المصالح التي لا تكتمل إلا بالمساومات والمبادلات المادية، وحتى السياسية التي قد تنتقص من سيادة البلد وقراره المستقل، فالحق الفلسطيني "القضية الفلسطينية" والثوابت الوطنية الفلسطينية، خارج أعراف ومفاهيم المساومات الدولية السائدة ذلك أنها ستؤدي حتمًا إلى مصير بلا آفاق مرئية لاستشراف مستقبله ووجوده، وارتكازًا على هذا المبدأ رفضت القيادة حلولاً عربية ودولية وقبلت أخرى، وتعاملت بعقل سياسي وطني منفتح مع كل المبادرات، وقرارات الشرعية الدولية، بعد بحوث، الخلاصة منها، أنها لا تؤثر على جوهر الحق الفلسطيني، وإنما تساعدنا في تثبيت عدالة قضيتنا الوطنية وتعزيز مكانة الشعب الفلسطيني، وتقوي جذوره الحضارية النابتة منذ الأزل من أعماق أرض وطنه، وتمكنه أيضًا من إثبات وجوده على صعد الحياة كافةً: السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والإبداعية، وجدارته بالاستقلال، وأخذ فرصته إلى جانب شعوب العالم في تعميم مفاهيم وثقافة السلام والتآخي الإنساني في كنف الحرية والعدالة والديمقراطية.
لم ترتكز مبادئ السياسة الوطنية الفلسطينية إلا على إيمان الشعب الفلسطيني بحقوقه، وعلى إرادته بانتزاعها بالوسائل المشروعة، المنسجمة مع قوانين ومواثيق الشرعية الدولية، ذلك أننا جزء لا يتجزأ تاريخيًا من هذه الشرعية، ففلسطين وطن الشعب الفلسطيني موجودة تاريخيًا في قواميس وأطالس العالم السياسية والجغرافية، وثقافة الشعوب القريبة وحتى البعيدة، باعتبارها الأرض المقدسة للمؤمنين بالرسالات السماوية في بلاد الدنيا، أما "إسرائيل" فهي قد أنشأت بالأمس –بمقياس التاريخ- لذلك لم تتأثر هذه المبادئ سلبًا، إلا عندما سقط البعض في شبكة مصالح دول إقليمية، واستسلم حتى نفذ متطلبات أجندتها خاضعًا بلا نقاش، وقدم لها ما يكفيها من دماء ومقدرات شعبنا لتحقيق أهداف هذه الدول على رأسها "إيران" والقوى على رأسها "جماعة الإخوان المسلمين"، في امتلاك أوراق تمكنها من الحصول على مكاسب خلال مساومتها مع دول كبرى، وكل ذلك على حساب المكاسب والإنجازات الوطنية الفلسطينية التي حققتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عبر عقود من الكفاح النضالي والسياسي والقانوني والدبلوماسي في الميادين كافة، وعلى حساب استقلالية القرار الوطني المستقل، التي انتزعها الشعب الفلسطيني من براثن دول وأنظمة وجماعات، عملت وما زال بعضها يعمل على إعادة سيطرته على هذه الورقة، وتجريد الشعب الفلسطيني وقيادته من هذا السلاح الأقوى من كل الأسلحة النارية المدمرة لدى منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية "إسرائيل". وكلنا نعلم أن سياسة الرئيس أبو مازن العقلانية الواقعية الهادئة الرصينة، مرتكزة على مبادئ وثوابت وطنية، سياسة خالية من الانفعالات، والارتجالات، لذلك صمد وأسقط كل المشاريع والخطط والصفقات المتناقضة مع الثوابت الفلسطينية، بسلاح القرار الوطني المستقل، المركب من إرادة 14 مليون فلسطيني، يعتقدون بحتمية انتصار الحق الفلسطيني، مادامت فلسطين الدولة الحرة وفي القلب منها القدس عاصمتها نبضنا ونبرات أصواتنا، وبؤرة رؤيتنا للأبد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها