منظومة الاحتلال والاستعمار العنصرية، الدولة القائمة بالاحتلال والاستيطان "إسرائيل" وفق القانون الدولي استغلت عملية تضخيم الذات التي مارستها فصائل وتنظيمات "محور إيران"، واستطاعت تهيئة رأي عام عالمي لقبول ادعاء "الدفاع عن وجودها" واستندت على وثائق مصورة ثابتة ومتحركة "فيديوهات" وتصريحات وخطابات على منابر مراكز دينية وسياسية على حد سواء، كانت جميعها تصدر تحت مسميات ومصطلحات  "دينية إسلامية" استخدمت أسوأ استخدام لغرض تحقيق أهداف دول وقوى إقليمية لم تعد خافية على أحد، في مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين،  ومنها على سبيل المثال للتذكير: تهديدات على ألسنة أعلى المستويات بمحو إسرائيل خلال دقائق وبعضهم قال ساعات فقط، وبالمقابل كان على هذه الجبهات وسائل إعلام محترفة، سعت لتنصيب الخداع والتضليل بدلاً عن الحقائق والوقائع، واستطاعت أخذ نسبة عالية من الجمهور الفلسطيني والعربي أسرى لدعايتها "المؤامرة" التي كانت بمثابة السلاح الخفي لمنظومة الاحتلال، حيث احتلت ذهن المتلقي العربي بالإثارة البصرية، ونفذت عملية تهجير قسري لادراكه وبصيرته، لتسهيل حملة إبادة دموية وتدميرية وتهجير بحق الشعب الفلسطيني كافة، بلغت ذروتها في قطاع غزة.

أما منهج تضخيم الذات وتصغير الآخر "المحتل" فكان بمثابة "العمى" الذي أصاب حواس ساسة حماس، ما دفعهم لوضع الإنسان الفلسطيني أمام خيارين: الموت صاغرًا بأسلحة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أو الموت قهرًا، فساسة حماس الصم العمي لا يسمعون صوته، ولا يرونه أصلاً، حتى لو وضع العقلاء لهم معاناته ومآسيه ونكبته تحت عدسة مكبر "ميكروسكوب"، فمن اعتبر الإبادة خسارة تكتيكية، وأخلى مسؤوليته عن حماية المدنيين مكذبًا مقولة جماعته: "المقاومة لحماية الشعب"، ومن لا يستطيع التفريق بين التضحية التي يقررها الإنسان عن سابق تصميم وإرادة وتعقل وإيمان، وحسابات وقرارات وطنية مسؤولة، وبين الأضحية أي الكبش الذي يجر عنوة للمذبح، وبين الضحية وهو الإنسان الذي لا قيمة له، ولا قداسة لروحه ونفسه بنظر الذين يقدسون سفك دماء الآخر، ويعتبرون جرائمهم ضد الإنسانية وجرائم الحرب بحقه، والإبادة "عبادة".

أما نحن الشعب الفلسطيني ففي واقع الحال إننا الأضحية المطلوبة "للذبح الحلال" المُخرَج بفتاوى مشتقة من خليط الكذب والدجل، لكنها عصية على اختراق الضمائر الإنسانية الحية، وكذلك العاقل العارف والعالم الحكيم والشجاع والصابر الصادق، الذي لا يستسلم ولا يقبل أن يكون ضحية لأنه المدرك لدقائق وتفاصيل وأبعاد المؤامرة وأهداف الإبادة، ولكنه بالوقت ذاته، واقعي يرى الحقائق على الأرض بحجمها الطبيعي، ويبني مواقفه الصلبة، وقراراته الشجاعة بناءً عليها، فلا يذهب برجليه للسقوط في حقل ألغام المؤامرة، ومربع الحروب العبثية، فهو المفكر دائمًا بكيفية تفكيك حبكة شبكتها، والطارق دائمًا على جدران خزان الضمير الإنساني العالمي اللا محدود  وبلا تمييز، والمبشر بانتصار الحق الفلسطيني، لارتباطه بجذر إنساني حضاري حي أزلي، لكنه المنذر من أهوال وخطر حرائق الصهيونية الدينية على قيم ومقدسات أمة إنسانية، فنيرانها آخذة بالانتشار، وقد لا تبقي ولا تذر.