لم يبق أمام حماس إلا إنشاء أكاديمية لتدريس منهج محدث مشتق من تجربة مدرسة غوبلز وزير الاعلام في حكومة هتلر الذي اعتمد الكذب منهجًا لترسيخ دعاية حزبه النازي في أذهان المتلقي الألماني والأوروبي، فالذي يجرؤ على اعتبار ثلاثية الكارثة والنكبة والإبادة بحق الشعب الفلسطيني، منذ طوفان جماعته في السابع من اكتوبر تكتيكاً، يستحق فعلاً تولي مقعد غوبلز الذي آن له أن يتقاعد من كتب التاريخ باطمئنان لوجود وريث حتى لو كان من غير جنسه.
فخالد مشعل رئيس سياسة حماس في الخارج كان وما زال انعكاسًا طبيعيًا لحقيقة "جماعة الإخوان المسلمين" عمومًا وفرعهم المسلح في فلسطين المسمى "حماس" حيث يعملان معًا على اغتصاب عقل الإنسان الفلسطيني والعربي والمسلم بثلاثية: الخداع، والتضليل، والتجهيل، التي ترى دماء الإنسان أرخص من الماء، وترى المآسي الإنسانية والجراح النازفة، ومئات آلاف الأسماء في قوائم الشهداء والجرحى، وعشرات آلاف العائلات المشطوبة من السجل المدني تضحية من أجل "انتصارات" وهمية ليست موجودة إلا في مخيلته، وبصر جماعته المصابة بداء التوهم.
فمشعل يرى بعينه كيف استغلت منظومة الاحتلال والاستعمار الصهيونية العنصرية ذريعة السابع من أكتوبر "طوفان جماعته" لتدمير مقومات الحياة في غزة، ورغم حسرة وتألم شعوب العالم على مصير أكثر من مليوني فلسطيني يصارعون الموت في القطاع، إلا أنه مصمم على أن طوفان جماعته قد "أعاد الحياة لغزة".
وهنا نسأل كل أم فقدت رضيعها وكل أب ما زالت جثامين أبنائه الصغار تحت الركام وكل طفل صهرت قنابل وصواريخ طائرات جيش الاحتلال أجساد عائلته وجبلتها مع الركام، ونسأل كل صاحب بيت مدمر ما زال على قيد الحياة، قل لنا ما حالك وأنت وأطفالك من نزوح إلى نزوح، ثم نزوح؟! هل أنت حي فعلاً كما يقول مشعل؟.
أم أن مشعل لا يدرك حقًا معنى الحياة، والكرامة الإنسانية الواجب توفرها كشرط للحديث عن الحياة، وقد نساعد كل مقهور ومعقود لسانه بفعل إرهاب جماعة مشعل في غزة بالإجابة فنقول نيابة عنه: إن مشعل شأنه كجماعة الإخوان المسلمين، يخالف قانون الخالق الذي منح الإنسان الحياة بروح وإيمان وعقل وحكمة وصبر وإرادة وإخلاص، لتعمير الأرض، وإحياء مبادئ وقيم وشريعة السلام في أركانها، والإنسان الفلسطيني في الأرض المقدسة فلسطين، مكلف بهذه الرسالة، لكنه لن يقوى على تطبيقها إذا اتبع قاعدة مشعل القائلة بتفضيل الموت –وهو حق- على مبدأ الحياة وهي أمر وروح من الله.
خطاب مشعل هو تكذيبٌ لجماعته "الإخوان المسلمين" التي ابتدعت الدعوة للتغطية على حقيقتها كتنظيم سياسي من نوع خاص، هدفه اغتصاب فكر وثقافة وعقل الإنسان العربي والمسلم منهجًا، توازى مع مشروع استعماري صهيوني هدفه اغتصاب أرض فلسطين، الوطن التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني، وبهذا التزامن بهذه العملية المزدوجة، يعمل الذين يستخدمون إسرائيل والإسلامويين للإطباق على مقدرات الشعب الفلسطيني وشعوب الأمة العربية والتحكم بمصائرها، وإخضاعها، لتبقى في دوران ضمن دوائر صراعات مع الحداثة والرؤى والأفكار الحضارية الإنسانية، وتسد المنافذ نحو المستقبل. لكن حركة التحرر الوطنية الفلسطينية "فتح"، والقوى العربية والإنسانية التحررية التقدمية فعلاً ما زالت متمترسة في جبهة الشرائع السماوية الداعية للعدل وإعلاء الحق والسلام، وجبهة الشرائع والقوانين والمواثيق الأممية الدولية، وهنا يكمن سر قوة وصلابة وحكمة قيادة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وتمسكها بالثوابت، وسر ديمومة منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني، فمشعل لا يدرك أن منظمة التحرير كانت قد ثبتت اسم فلسطين في الجغرافيا، وتثبيت الشعب الفلسطيني، بوجوده وإرثه الحضاري، وحقه بتقرير مصيره ورؤيته المستقبلية في الحرية والكرامة والاستقلال والسيادة، باعتمادها منهجًا وبرنامجًا وطنيًا، وأسلوبًا منسجمًا مع متطلبات الشرائع والقوانين الدولية، التي من خلالها حظي الشعب الفلسطيني المتطلع للحياة بسلام واستقرار وازدهار باحترام وتقدير واعتراف 149 دولة حتى الآن، في أحسن تعظيم وتقديس لتضحيات الشعب الفلسطيني الذي حافظت قيادته الوطنية على الحق الفلسطيني، وأبقت بفضل صموده ونضاله الحق الفلسطيني "القضية الفلسطينية" محورًا لحياة وتفكير وعمل الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، والشعوب المحبة للسلام في العالم، أما الذي يفكر بعقلية الابتداء من الصفر كمشعل وجماعته، فإنه يبرر الإبادة لتبرئة نفسه من منح الصهيونية الدينية الذريعة التي اتخذها نتنياهو "كشرعية" لإعادة احتلال غزة وجنوب لبنان.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها