لسنا معنيين بالتقليل من شأن الأداء الفلسطيني المقاوم،في مواجهة العدوان. صحيح إن خسائرنا في الأرواح تزيد نحو 35 مرة عن خسائر المعتدين،وأن الدمار في الأبنية الحكومية والخاصة، في جانبنا؛ يزيد أكثر من ألف مرة، وأن الألمالنفسي الذي شعرنا به، لاستشهاد عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلاً عن ألمنا لاستشهادالمقاومين؛ لم يذق ولم يألم بمقدار ذرة من مثله، جمهور المستوطنين. لكن الصحيح أيضاً،أن طبائع هذا المحتل الغاشم، مسكونة بالإجرام، وفي تاريخ صراعنا معه، لطالما تعرضناللقتل وللتدمير، دون قذائف صاروخية جوابية!

الآن، لكل فلسطيني، الحق في رؤية النتيجة التي انتهىاليها هذا العدوان مثلما يريد. المهم أن نذهب الى استحقاقات الوحدة الوطنية على وجهالسرعة، ولعل من بين الحقائق التي لا نتحرج من الإشارة اليها؛ أن الخصومة التي بدأتعلى أساس أن هناك مقاومة مفتوحة، متاحة لمقاومينا، مثلما يرى فريق منا، بينما يرى الفريقالآخر، أن المقاومة بالنيران لا تزال غير متاحة؛ (هذه الخصومة) فقدت أصل أسبابها وفروعها.إن أقل شيء يجب أن يستخلصه الحمساويون، هو كون قولنا المبكر، بأن المقاومة المفتوحةبالنيران، لم تكن نابعة من نكران لحقنا في المقاومة من حيث المبدأ، ولم تكن مظهر خيانة،مثلما ردد التخوينيون. فها نحن بعد نحو عشر سنوات، من فقداننا لإمكانية الوحدة الحقيقيةفي الرؤية الوطنية مع استراتيجية قائمة على أساسها؛ نبتهج بصيغة اتفاق للهدنة، وقّععليه قادة «حماس» و»الجهاد» يصف النيران حين يطلقها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي،بأنها «أعمال عدائية» يتعين على الطرف المسؤول، في كل جانب، أن يمنعها ويُلزم سواهبالامتناع عنها. فماذا تبقى لكي نختلف عليه؟ إن اختلف معنا الحمساويون، على فرضية«التنسيق الأمني» فنحن سنؤيدهم، لأن «التنسيق الأمني» شائن ولا يليق بسلطة وليدة حركةوطنية عريقة. ولكن لنجلس معاً، لكي نحدد ما هو «التنسيق الأمني» الذي يتحدث عنه الطرفالحمساوي. إذا كان هو إبلاغ المحتلين معلومات عن ناشطين مقاومين، فنحن كفتحاويين نرفضهوندينه، شرط أن يدلنا أحدٌ عليه. هناك تنسيق أمني، ورد في تطبيقات اتفاق أوسلو لإعلانالمبادئ، هدفه منع الاحتلال من التدخل في مناطق السيطرة الأمنية بذريعة أن لديه معلوماتعن عملية وشيكة. فحوى التنسيق آنذاك، تضمن أن يبلغ الجانب الإسرائيلي الجانب الفلسطينيبمعلوماته، لكي تقوم قوة الأمن الفلسطينية بأخذ المقتضى الذي يمنع العملية توخياً للاستمرارفي مسار التسوية وصولاً الى الحل الدائم. أي شىء غير ذلك، كان آنذاك مرفوضاً. اليوم،الضفة محتلة بالكامل، والمحتلون يتوغلون بأنفسهم، ولا معنى للتنسيق الأمني بصيغته تلك!

متفقون بشكل عام، على مشروع الدولة في الأراضي المحتلةفي العام 67 بما فيها القدس الشرقية. متفقون على حل عادل لقضية اللاجئين وفق قراراتالأمم المتحدة. ومثلما قلنا مراراً، إن موضوع اللاجئين، يتعلق بحقوق فردية لا تملكأية سلطة حق التنازل عنها.

كنا وما زلنا نرى، أن قضيتنا من النوع الذي يتطلب سيرورةتاريخية، ويتطلب يقظة وتضحيات أمة، ومساراً طويلاً، في الاتجاه المضاد، للمسار الذيقطعته أعتى حركة سياسية عنصرية استيطانية في التاريخ وأكثرها دهاء وتنظيماً في العالم،وهي الحركة الصهيونية. ولكي نكون في طليعة الأمة على هذا المسار؛ ينبغي أولاً أن نستجمعاشتاتنا ونبني المجتمع على أسس وطنية ونتحقق على الأرض ونحتفظ بالأمنيات ونحفظ مُدركاتالقضية عن ظهر قلب. وهذه غايات سامية، لا تتيحها لنا، الآن، وفي ظل اختلال ميزان القوىوبنظام إقليمي ودولي غير مواتٍ، الحرب بالنيران!

كنا نتمنى أن تكون لغة الأخ خالد مشعل في مؤتمره الصحفيليلة الإعلان عن وقف النار؛ سياسية أكثر مما كانت تعبوية. فالمصالحة، في حديثه، كانتعلى أساس برنامج المقاومة ومن خندقها، ونحن على الأقل، نراها عاجلة وضرورية على أساس«برنامج الهدنة» وبرامج أخرى عديدة لا تُغفل حقنا في المقاومة من حيث المبدأ. ومن جانبنا،ليس منطقياً، إسقاط الحق في المقاومة، لكن العمل السياسي والنضال الشعبي، والتحقق الوطنيعلى الأرض، باتت كلها أولويات متاحة، يمكننا أن نصمد بها، في وجه رياح عاتية، وفي مواجهةعدائية مجنونة ومنفلتة، من جانب القوى العنصرية المتطرفة، التي تستهدفنا بشراسة إنقاومنا، وتستهدفنا كذلك بشراسة، إن مضينا في خط السياسية توخياً لحل متوازن. والأمريكيونما زالوا متمسكين بدعم إسرائيل حتى ولو كان يحكمها مجانين.

على هذا الأساس، تتطلع «فتح» رائدة الثورة، الى مصالحةعلى قاعدة استراتيجية عمل وطني واحدة، تصل بنا الى محطة إنجاز حقيقي!