القرار الذي اتخذه مجلس العموم البريطاني بالتصويت في مجلس الامن لصالح فلسطين، لصالح الاعتراف بدولة فلسطينية عضوا كامل العضوية في الامم المتحدة على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية, هو قرار مهم جدا برغم انه غير ملزم للحكومة البريطانية, بل هو قرار له دلالات عميقة بأن القضية الفلسطينية رغم مرور مئة سنة تقريبا على نوع الخطيئة الكبرى التي اسمها وعد بلفور, ورغم كل الظلم والاجحاف الذي تعرض له الشعب الفلسطيني, ورغم الادعاء الاسرائيلي والصهيوني الشامل والمعيب بأن قضية داعش لم تترك مساحة لفلسطين، فان القضية الفلسطينية لا تزال في المركز الاول ليس على المستوى الاخلاقي, بل ايضا على المستوى السياسي،وان الجريمة لا تموت ولا تفيد وسوف يعاقب مرتكبوها, وان الخطيئة لا تنسى ولا بد ان يكفر عنها اصحابها, وان اسرائيل بصفتها المولود الشاذ للتواطؤ الدولي مهما هربت من مسؤولياتها, فانها حين تنظر خلفها تكتشف انها لم تبتعد كثيرا, وانها ما تزال في مرمى الحكم التاريخي.
واولا واخيرا :
يعود الفضل في ذلك كله الى هذا الشعب الصغير والعظيم الذي رفض بكل البطولة والعناد الواعي والتضحية الخارقة ان يخون ذاكرته, ورفض اي وطن اخر او اسم اخر, مع انه على امتداد العقود ومنذ النكبة وحتى الان قد ذاق الطعم المر للحقيقة الخالدة بانه ليس هناك ما هو اصعب من ان يكون الانسان فلسطينيا ولا اقدس من ان يكون الانسان فلسطينيا.
تفصلنا ايام محدودات لكي نطرح مشروعنا الفلسطيني على مجلس الامن الدولي, فكيف نحصل على النصاب المطلوب لكي يتم الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية ويتم التأكيد على موعد محدد لانهاء الاحتلال الذي قارب على نصف قرن ولكي يصوغ الشعب الفلسطيني حياته كما يريد, شعبا حرا في دولة عصرية تدير حياته وتفي بالتزاماتها وتحصل على كل حقوق شعبها؟ وسوف يواجه الذين يعارضون حقنا الطبيعي في ان يكون لنا دولة اسئلة صعبة, وستكون لهم صورة سوداء تثير الكراهية سواء مارسوا الضغوط او استخدموا حق الفيتو, ولقد ثبت بالدليل القاطع ان سلوك من يثيرون الكراهية ان ثمنا فادحا لا يمكن ان يبرأوا منه.
ونحن نأمل ان يصحو ضمير المتجبرين, وان يقرأوا التاريخ بشكل صحيح وان الشعب الفلسطيني لا يطالب الا بما هو حق اساسي له, وبما هو اهل له, فان كان هؤلاء غير قادرين على الاعتراف بالحق والعدل فكيف سيقيمون الامن والسلام؟
حتى وان كان القرار الذي توصل له مجلس العموم البريطاني غير ملزم, فانه اعلن نداء قويا بأن ساعة الحق قد دقت بأن فلسطين حقيقة كاملة, وانها قادمة, وان الذين سيعاندون لن يكونوا بمنأى عن مكر التاريخ.
التكفير عن الخطيئة الأولى: بقلم يحيى رباح
15-10-2014
مشاهدة: 821
يحيى رباح
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها