قبل ان تظهر نتائج تصويت مجلس العموم البريطاني، رأيت الكتابة عن سياسة حزب العمل الاسرائيلي ورئيسه، هرتسوغ، الذي لعب تاريخيا دورا مؤصلا للاستعمار الاستيطاني، وعمل على قتل كل بادرة امل في بلوغ التسوية السياسية. هذا الحزب الذي تدعي قيادته، واقرت مؤتمراته التنظيمية القبول بخيار الدولتين دون تحديد ماهية وحدود الدولة الفلسطينية، هذا الحزب سعى من خلال مناورات قيادته وتكتيكاته المفضوحة إلى تسويق بضاعة بنيامين نتنياهو وائتلافه الحاكم، الرافضة لخيار السلام وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. 
رغم ان زعيم الحزب الحالي هرتسوغ، زار الرئيس محمود عباس في مقر الرئاسة برام الله اكثر من مرة في الاشهر الاخيرة. واعلن دعمه لخيار «التسوية السياسية». غير ان الحقيقة تشير لعكس ما اعلنه الزعيم العمالي الصهيوني، وتمظهر موقف الرجل والحزب على حد سواء؛ اولا عندما القى الرئيس ابو مازن كلمته في الامم المتحدة، وشخص فيها طبيعة الحرب الاسرائيلية بشكل دقيق، واصفا اياها بحرب الابادة الجماعية لابناء الشعب الفلسطيني. الامر الذي اثار غضب هرتسوغ وحزبه؛ ثانيا تنسيقه الكامل مع رئيس وزراء إسرائيل في حربه على قطاع غزة، ومحاولة التغطية عليه، والتساوق معه في تبرير حربه المسعورة؛ ثالثا رفضه لجلسة مجلس العموم البريطاني، التي دعا لها احد اعضاء حزب العمال البريطاني للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقيامه بالاتصال المباشر مع العديد من اعضاء حزب العمال البريطاني لثنيهم عن التصويت لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية. 
ولعل الموقف الاخير يكشف بشكل جلي دور هرتسوغ كسمسار لصالح سياسات نتنياهو، كما فعل ايهود باراك عندما كان رئيسا للحزب 2000 و2001 وعطل حينها مؤتمر كامب ديفيد 2 في تموز عام 2000 بالتوصل لخيار الدولتين، وحين سمح لأرئيل شارون بزيارة المسجد الاقصى، وتأمين الحماية له، ما اشعل انتفاضة الاقصى في 28 أيلول 2000، وكما فعل شمعون بيريس حين كان رئيسا للحكومة ولم يسمح باعادة انتشار الجيش الاسرائيلي من الخليل خصوصا وباقي المناطق، ثم نفذ عملية عناقيد الغضب في قانا اللبنانية، التي اسقطت العشرات من الاطفال والنساء والشيوخ شهداء وجرحى، وحدث ولا حرج عن كل قيادات الحزب منذ تأسيسه حتى يوم الدنيا هذا. 
مواقف هرتسوغ المعادي للسلام استفزت رئيسة حزب «ميرتس» زهافا غالؤون، التي اعتبرت حزب العمل « يتصرف كوزارة خارجية ثانية لدى نتنياهو. وبمثابة شريك في الائتلاف الحاكم، ولكن بثوب المعارضة لاخصاء دورها». ولهذا تدرس زهافا إسقاط عضويته من اللوبي الداعم لخيار الدولتين، لانه اثبت بشكل قاطع عدائه لهذا الخيار. توصيف زعيمة «ميرتس» المؤدب، هو الوجه الاخر للسمسرة والدونية، التي يمارسها حزب العمل وزعيمه الجديد، والذي لم يختلف بشيء عن زعيمة الحزب السابقة يحموفيتش، التي نات بالحزب عن السياسة، وركزت الاهتمام على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية إلآ بالخطاب السياسي الديماغوجي بلا مضامين. 
اي كان التصويت الرمزي لمجلس العموم البريطاني، فإن مجرد الدعوة لعقد الجلسة يعتبر خطوة ايجابية، فضلا عن اهمية الدعوة بكشفها الوجه القبيح لحزب العمل وزعيمه السمسار، ويستدعي من القيادة الفلسطينية وتحديدا الرئيس عباس التعامل بحذر مع قيادة الحزب الصهيوني، ووضعه في وزنه الحقيقي دون مبالغة، وعدم التعويل عليه في لعب دور ايجابي في صناعة السلام، وكشفه امام كل القوى الدولية حتى لا يبقى يلعب دوره التخريبي.