مع دخول الاسرائيليين أعياد رأس السنة اليهودية، ومع شروع الجمعية العامة للامم المتحدة دورتها الـ 69، وعشية كلمة الرئيس محمود عباس امام المنظمة الدولية، التي تتضمن رؤيته السياسية للحل، طرح الاديب الاسرائيلي أ.ب. يهوشواع خطة «سلام» يفترض انها تؤمن حلا سلميا بين الفلسطييين والاسرائيليين.
وبدأ رؤيته بهجوم على الشعب الفلسطيني وقيادته، واعتبر ان الفلسطينيين «لا يقرأون» وسائل الاعلام، وضمنا اتهمهم بـ «الجهل»، وبالمقابل لم يشر بأي كلمة لصناع القرار الاسرائيليين ولا للمزاج العام الاسرائيلي المنحرف بقوة نحو اليمين المتطرف والحريديمي المؤيد للاستيطان والرافض لخيار السلام.
وتقوم خطة يهوشواع «اليساري» الاسرائيلي على إقامة دولة في حدود عام 1967، وهو ما يعني دولة ذات حدود مؤقتة عمليا، وقبول تواجد استعماري في اراضي الدولة الفلسطينية، وهو ما يؤكد ما ذكر آنفا، ان مشروعه يرتكز على خيار الدولة ذات الحدود المؤقتة، اضف الى انه يرفض كليا عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى اراضيهم وديارهم، التي هجروا منها في عام النكبة 1948، ولم يشر بشكل واضح لباقي النقاط المتعلقة بالقدس والاغوار.
من الواضح ان مشروع يهوشواع لا يقبل القسمة على المصالح العليا للشعب الفلسطيني، ويتناقض مع خيار السلام شبه الحقيقي، ويضرب ركائز التعايش بين ابناء الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية، وينتج العنف، ويعيد المنطقة الى دوامة الحروب.
كان الاجدر بـ «اليساري» الاسرائيلي ان يتواضع، وألا يتطاول على الشعب العربي الفلسطيني وقيادته. ويكاشف مجتمعه وقيادته الاسرائيلية بغرورها واستعلائها وعنصريتها وإصرارها على التخندق في خنادق الاستعمار والاحتلال. ولكن من الواضح ان يهوشواع ليس اقل عنصرية من انصار اليمين المتطرف، ولم يتميز عنهم بشيء. لأنه يعلم ان الشعب الفلسطيني وقيادته الاحرص على خيار السلام وحل الدولتين القائم على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعلى ضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة لديارهم استنادا للقرار الدولي 194. وبالتالي دفاعهم عن مصالحهم الوطنية، وقبولهم بالتنازل عن 78% من اراضي فلسطين التاريخية، وحتى عن قرار التقسيم الاممي 181 الصادر عام 1947، والذي قامت دولة إسرائيل على اساسه، فإنهم قدموا كل التنازلات المطلوبة منهم سلفا، لا بل بالغوا في حجم التنازلات لصالح صنع سلام حقيقي مع دولة الابرتهايد والتطهير العرقي الاسرائيلية.
خطة يهوشواع تعكس افلاسه السياسي، وفقر حاله المعرفي، وتشير إلى ان ادبه يقوم على ركائز استعمارية. وهو ما يؤكد أنها خطة فاسدة، ولا تملك الحد الادنى من مقومات اي مشروع سياسي للحل، بل هي وصفة جاهزة لتخريب وتدمير السلام. وعمليا تشير إلى ان الاسرائيليين عموما ليسوا جاهزين لاي سلام. لان اي مراقب موضوعي عند قراءته خطة «اليساري» يهوشواع، ويتعمق فيها، يشعر ان المجتمع الاسرائيلي بـ «يساره» ويمينه وحريديمه وكل مكوناته، باستثناء اقلية قليلة جدا لا ترى بالعين المجردة، معاد للسلام، ورافض لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، ولا يقبل بعودة اللاجئن لديارهم.