مجلة القدس- تحقيق / وليد درباس
لم تكن البدايات مُيسّرة كما يظن البعض، لكن بالتصميم والتوق والإرادة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة من أهالي مخيم عين الحلوة، التي تحلّت بها الفلسطينيات ذوات الاختصاص بالعلاج الفيزيائي، تمكّن من تعميم خدماتهن حتى باتت تطال قطاعات واسعة من المحتاجين، وحوّلنَ عنوانهن آنذاك من مقر متواضع جدًا لمركز بإمكانات وعلاقات تعاون وتنسيق مع المؤسسات والمراكـز الشريكة بما يمكّنه من التعاطي بأريحية وأداء دور فعّال تجاه رواده.
أبرز مهام المركز
تتنوّع مهام مركز العلاج الفيزيائي، وتفصّلها مديرة المركز "لطيفة الصالح" بالقول: "تتركّز مهام المركز على توفير خدمة العلاج الفيزيائي للمحتاجين لها من ذوي الاحتياجات الخاصة بالاعتماد وبشكل كبير على المواد الطبيعية، لخلوها من ردات الفعل العكسية التي تؤثّر على نمو الاطفال مع مرور الوقت، واستخدام الأجهزة ذات التقنيات الأخرى، كالكهربائية مثلاً، تِبعًا للحالة، خاصة لمن تعدوا العشر سنوات من العمر، إلى جانب التأهيل الذي يطال شريحة من الاطفال الذين يُعانون ضعفًا بالقدرات الجسدية، والنفسية، ومنها على سبيل الذكـر "إلتواء القدم، والقدم المسطَّحة، والقدم الحنفاء، وشلل الأطفال، والشلل الدماغي، ونقص النمـو، ونقص الأوكسجين، ونقص القدرات... الـخ"، بهدف تمكينهم من الاندماج في المجتمع على سواء أكان على صعيد الأسرة، أو الروضة، أو المؤسسة، أو المدرسة، وتردف الصالح "غير أن التقبُّل أو الاندماج، لا يقتصر على الاطفال بل يمتد للمجتمع الذي لا يتقبَّل أحيانًا أصحاب هذه الحالات، ما يستدعي التعاطي أيضًا مع المجتمع عبر مؤسساته ومراكزه الأهلية توخيًا لنجاح برنامج التدعيم النفسي". وبالسياق إياه تضيف "أقمنا علاقات عمل وتنسيق مع عدة مراكز ومؤسسات أهلية تأهيلية، ومنها على سبيل الذكر جمعية لنا المستقبل، ومؤسسة غسان كنفاني، ومركز الاستماع في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وحركة من أجل السلام الاسبانية"، ويُسجّل للأخيرة تمايز عملها ودعمها للمركز ورعايتها لقضايا الاطفال على مدار اكثر من عامين وصولاً حتى قيامها بتغطية تكاليف العمليات الجراحية التقويمية لبعض الاطفال من ذوي الاحتياجات الإضافية، وتثمّن بذات الوقت تعاطي مركز الاستماع لجهة إشراكه عاملات المركز بورش العمل والتدريب الخاصة بذوي الاحتياجات الإضافية من جهة، والخاصة بأُمهات أفراد هذه الشريحة من جهة أخرى.
وتكمل الصالح "خدمات المركز اليوم تجاوزت نطاق محتاجيها من مخيم عين الحلوة لمخيمات ومواقع جغرافية أخرى، فتجد اطفالاً من سكان قضاء مدينة صور كعدلون على سبيل الذكر، ووادي الزينة بالشريط الساحلي لمدينة صيدا، ومنهم فلسطينيون ولبنانيون، وقد ازداد عددهم بعد قدوم المهجّرين من سوريا، وباتوا يقدرون بحوالي 300 400 حالة".
عاملات التأهيل والعلاج الفيزيائي
يضُم المركز حاليًا 11 عاملة علاج وتأهيل، بينهن 4 وصَلنَ مؤخّرًا من معهد سبلين كمتطوّعات ويعملن وفق نظام الإشراف. ومن ضمن العاملات في المركز المعالـِجة الفيزيائية نانسي حميد، وهي خريجة في معهد سبلين، ومشهود لها بالخبرة والدراية ومضى على عملها في المركز عدة سنوات. وحول التدريب الذي تتلقاه العاملات في المركز تقول: "تخضع عاملات المركز للعديد من الدورات التدريبية التي ينظّمها الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية بحكم مسؤوليته المباشرة، بواسطة مدرباته أو بالتعاون مع المؤسسات الشريكة، خاصة أن الطفولة عالم بذاته، وتقبُّلهم يتطلَّب متابعة المستجدات".
وترد حميد حالة الإقبال المتزايد على المركز لهذا الشأن رغم تواضع مقدراته من الأجهزة والمعدات، وتضيف "ويعود اللإقبال على المركز أيضًا لحُسن تعامل ومهارة أخصائية العلاج الفيزيائي سميرة ديب، وسابقًا الدكتور خالد طاهـر، ودورهما بالكشف السريري، وتبيان ماهية وطرق العلاج الخاصة بكل حالة على حدة، وتوجيه المعالِجات لآلية علاج كل منهم. ولا ننسى دور كل من الأخصائية النفسية الدكتورة ميرفت اليمن، والأخصائية النفسية رانيا سليمان، وخاصة لجهة إقامة الورش التدريبية والتأهيلية، وتعريف أمهات الاطفال بمهارة تقبُّل أطفالهن من ذوي الاحتياجات الإضافية، إلى جانب مجانية العلاج باعتبار أن تكلفة الكشفية السريرية تبلغ 10,000 ل.ل للطفل الواحد، و15,000 للطفلين الأخوَين، و20,000 ل.ل للاخوة الثلاثة، ويُسدّدُها ذوو الاطفال المقتدرين، وهم محدودو العدد، والغالبية العظمى من الحالات يتم إعفاؤهم من التكاليف باستثناء كلفة الجلسة العلاجية وهي "2,000 ل.ل"، وإجمالي المدخول يُرصَد لصالح شراء لوازم العمل، علمًا أن عاملات المركز يَقُمنَ بعلاج الاطفال ممن يتعذّر على اهاليهم احضارهم للمركز داخل بيوتهم، خاصةً أن بعض العائلات توجد لديها اكثر من حالة بوقت واحـد. أمَّا الحالات التي يتعذّر علاجها بالمركز لعدم توفّر الأجهزة المطلوبة، فيُصار إلى توجيهها لأطباء أخصائيين دون غيرهم"، وتنهي حميد بالإشارة لاستخدام المركز لكل من الرياضة، والنشاطات الترفيهية والرحلات داخل المركز وخارجه باعتبارها وسائل تحفيزية علاجية بآن واحد.
نماذج من رواد المركز
الفلسطينية جميلة علي عبد اللـه
قصَدت المركز لعلاج ابنها ذي العشرة أشهر جّراء إصابته بنقص في النمـو، وبعد أن أشتد عوده وتعافى ووقف على ساقيه ومشى، انقطعت عن المركز، ولكنها اضطرت للعودة لعلاجه مجدّدًا بسبب اضطراب مشيته، حيثُ أنه لا يكاد يسير حتى يقع.
علي وسام شاهين
يُعاني ضعفًا بالنطق، ولكنَّ حالته تحسّنت جراء العلاج بالتدليك. وبعد تعرُّضه لصدمة جديدة، أُصيب بنكسـة، ويخضع للعلاج من جديد.
بتول حيدر
فتاة لبنانية من جنوب لبنان، تُعالَج بالمركـز بسبب معاناتها من نقص في الأوكسجين، وتخضع لجلسات علاجية بالكهرباء، باعتبار أن عمرها، 15 عامًا، يسمح بذلك.
سحر مرعي
قادمة من سوريا، ولديها طفلان من فئة ذوي الاحتياجات الإضافية، هما حنين "8 سنوات"، وتعاني ضمورًا بالدماغ، وزكريا "10 اعوام"، ويعاني تأخُّرًا بالنطق. ويتلقى طفلاها العلاج بالمركز منذ ما يزيد عن العام، بالمجان، بمعدل ثلاثة ايام في الأسبوع.
هذا ويتوجه الأهالي ومرافقو الأطفال وفق حديثهم "بالشكر والتقدير العالي للقيمين على المركز وعامليه أيضًا".
رسالة المركـز
يتوجّه المركز من الجهات العاملة في مجال دعم ومساندة الاطفال خاصة ذوي الإحتياجات الإضافية آملاً أن تلقى برامجه الرعاية والمساندة، على قاعـدة الشراكة بتحمُّل المسؤولية، خاصةً أن المركز بحاجة لإعادة التأهيل وتوفيـر المواد الأولية، وغيره.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها