لجمت عملية اختطاف وحرق الشهيد الطفل محمد ابو خضير نهاية الشهر الماضي لبعض الوقت المخطط الاسرائيلي الاقدام على عملية عسكرية تجمع بين حروبها على محافظات الجنوب "الرصاص المصبوب" 2008 و2009و"عامود السحاب" 2012 نتيجة ردود الفعل الدولية القوية على الجريمة الاسرائيلية. غير ان القيادة دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، كانت اتخذت قرارها بدق طبول الحرب اولا انسجاما مع توجهاتها ومنهجها السياسي والامني؛ وثانيا حفاظا على تماسك الائتلاف الحاكم، ثالثا لقطع الطريق على المزاودين من داخل وخارج الحكومة؛ رابعا لقتل خيار السلام، وتبديد حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.
إذا حكومة نتنياهو، ناورت تكتيكيا لحين خفوت ردود الفعل المحلية والعربية والدولية على عملية القتل الجبانة للطفل ابو خضير، لكنها لم توقف للحظة استباحة الدم الفلسطيني في فلسطين التاريخية: داخل الخط الاخضر والضفة بما فيها القدس ومحافظات الجنوب، واصلت عدوانها وجرت بعض القوى الفلسطينية إلى مربع العنف، ما اعطاها الذرائع لمواصلة حربها المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في محافظات الجنوب (قطاع غزة) واختارت عنوان "الجرف الصامد" لها. وهو ما يعني، ان الحرب الاسرائيلية ستكون مسعورة ومفتوحة على كل الاحتمالات والسيناريوهات.
ومن خلال المراقبة للتصعيد المتواتر للحرب الهمجية على محافظات الجنوب، نلحظ أن القيادة الاسرائيلية العسكرية، استخدمت فيها كل انواع الاسلحة (البحرية والبرية والجوية)، وبلغ عدد ضحاياها حتى إعداد هذه المادة ما يزيد على الخمسة والثلاثين شهيدا وأكثر من مئتي إصابة خلال الساعات والايام القليلة الماضية. وتصب كل لحظة وقود نيرانها عليها، لبلوغ اهداف العملية الاجرامية الجديدة.
وللاسف العالم العربي والاسلامي والعالم ككل يقف صامتا أمام وحشية الحرب الاسرائيلية، ولم يسمع الشعب الفلسطيني سوى بيانات " الاستنكار" و"التنديد" و"الشجب" من العرب والمسلمين والاقطاب الدولية، وكل ما طالبت به الادارة الاميركية على لسان رئيسها، هو "مطالبة الطرفين على حد سواء بعد التصعيد"؟! وناشدت الدول الاوروبية الطرفين بالطريقة نفسها، اما منظمة التعاون الاسلامية، فدعت وزراء خارجيتها للاجتماع، في حين لم يبادر العرب لاتخاذ قرار مشابه.
كل ردود الفعل، التي تعتبر حتى اللحظة الراهنة الدعوة لاجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الاسلامي اهمها، لم ترق لمستوى المسؤولية، الامر الذي يفرض على القيادة الفلسطينية إلى اتخاذ خطوات التصدي للعدوانية الاسرائيلية، ورد بعضها في خطاب الرئيس محمود عباس الموجه للشعب مساء الثلاثاء الماضي، إضافة إلى خطوات اخرى ذكرت هنا قبل يومين، وتطوير افكار وآليات التصدي للعدوانية الاسرائيلية، والعمل على رص الصفوف، رغم ان بعض القوى مازالت غارقة في متاهة التحريض غير المبرر، وهي تعلم ان خطاب التشكيك في اهلية القيادة مردود عليها. مع ذلك واجب القيادة الانفتاح على كل اشكال التعاون مع القوى السياسية الفلسطينية، ووضع برنامج عمل عاجل. وفضح كل تخاذل في مواجهة الحرب الاسرائيلية القذرة، وايضا لكبحها ولجم النزعات الفاشية لقادة دولة الموت الاسرائيلية.