طالما إنها صواريخ من جانب طرفنا الفلسطيني الأضعف، يَجْهَدُ مطلقوها لعلهم يوازنون كل خسائرنا الثقيلة، ببعض خسائر يوقعونها في صفوف الجُناة المعتدين مع أوقات رعب في معسكرهم؛ يصح التساؤل: أين "حزب الله" الذي بشفاعة المقاومة، أمسك بخنّاق لبنان، وعطلّ حياته الدستورية، ثم انصرف الى سوريا، لكي يحبط مسعى شعبها الى الانعتاق والحرية والى الحياة الدستورية التي يأخذ فيها كل ذي حق حقه. لقد فعل ذلك باسم الدفاع عن "محور المقاومة" ولأن إسرائيل عدوّة، ولأن فلسطين غالية وشعبها مظلوم ويستحق العون والنُصرة، فأين هو وقد استنكف عن أضعف الإيمان؟!
أية مقاومة هذه التي يدافع عنها ذو العمامة السوداء ببلاغة؛ فيما هو يشارك نظاماً معلوم الصفات، ألحق بسوريا وشعبها من الدمار والموت، ما لم يفعله هولاكو عندما اجتاحها في العام 1260؟ أليس ما يجري في غزة مقاومة؟ ألستم الذين أردتموها مقاومة لا تتثاءب ولا تلتقط أنفاسها؟ أين أنتم الآن، والمقاومة في حاجة الى اسنادكم وإسناد غيركم؟ أم إن غزة تقع في القوقاز، وبالتالي فإن الوصول الى ساح الحرب، يتطلب قطع مسافة مضاعفة عن تلك التي قطعها "المقاومون الكربلائيون" الى حلب وما بعدها؟!
ممانعة منَ ضد منَ؟ ومقاومة من لمن؟ يبدو أن ثمة التباساً "يلخبط" السياق. وهذا هو الذي جعل كثيرين يتلعثمون في السياسة ويعومون على شبر ماء. فالنظام الذي يقاتل حزب نصر الله من أجله، لم يقاوم دقيقة واحدة، بعد أن وضعت حرب 1973 أوزارها. بل لم يسجل ردة فعل واحدة، على أية صفعة صهيونية تلقاها؟ والعدو الذي يفترضون أنه عدوهم وعدو النظام الذي يحمونه؛ هو إسرائيل نفسها التي تعتدي ليل نهار وتبتلع القدس وتتهدد الأقصى. واسرائيل هذه، كلما أحست بالضجر، تعود الى غزة بطائرات الحرب، لتدك البيوت والمرافق وتقتل الأطفال. فأين النجدة أيها الكاذبون الطائفيون، عملاء ملالي الفرس الباطنيين الحاقدين، ومثلكم عملاء CIA من فصيلة "الدواعش" ومخربي الثورات مشوهي سمعه الشعوب؟ أين أنتم أيها "الدواعش" بكل تدرجاتكم التي يبشر بعضها برفع الراية على قصر بكنغهام الملكي في لندن؟
حتى كتابة هذه السطور، لم تُسمع كلمة عن تدمير غزة، على لسان ذي العمامة السوداء حسن نصر الله الفصيح. وما زال الآخرون الركيكون الذين أصدروا تصريحاتهم الخائبة والمتعاطفة مع الضحايا؛ متقدمين على المرعد الأول، أبي الزلازل، الذي يعلو صوته متوعداً مبشراً بالرد الماحق، كلما حك الكوز بالجرّة. فعلى الأقل، نطق الراكدون على النحو الذي يرفع عنهم عتب الواهمين. نعم فعلوا ذلك قبل أن ينطق المُرعد البليغ، حيث لا يفيد نطقه، ولا نطق الركيكين!
غياب حسن نصر الله، ومعه "الدواعش" العربية كلها، أمر طبيعي لم نتوقع سواه، ونعلم إن شأن هؤلاء هو نفسه شأن جيوش الأنظمة التي يوالونها أو يقاتلونها، كلما أصبح الأمر يتعلق بمصير الفلسطينيين وبمصير القدس. فلا أثر لهؤلاء، كلما كان أهل فلسطين في حاجة لمن ينقذهم أو يسهم في معادلة تساعد على انقاذهم. الفلسطينيون الآن يوضعون على المقصلة، ويجري تفجير بيوتهم مع ساكنيها، وليس من سند ولا شفيع!
من فلسطين، نقولها كتابة، ونعلم أن ذا العمامة السوداء سيقرأ هذه السطور: لم نكن نصدق طرفاً عربياً أو إسلامياً يباهي بعنفوانه، ونعلم أن لا قيمة لكم في جوهر معادلة الصراع على الأرض وفي السياق التاريخي، لا سيما أنتم تلتزمون موقعكم الذيلي من المشروع الطائفي الإيراني. جمهوركم شرائح من السُذج. عندما تنقضّ آلة الحرب الإسرائيلية علينا، وتسنح الفرصة لأي مدعٍ لأن يسجل مأثرته، وأن يؤكد صدقيه ثرثراته الخطابية؛ يستنكف الأدعياء جميعاً. فهؤلاء مؤججو فتن. إن العدو عدونا وحدنا، أما هم فإن انتحالهم لعداوته ينكشف، كلما اقترف المحتلون جريمة أو شنوا حرباً. ليس في وسعهم التظاهر بممانعته. إن قضية نصر الله تتكثف عندنا، وهؤلاء باسم معتقدات تتلطى برب العالمين وبالأوطان وبالوطنيات، يخوضون حروب الملالي وحروب أمريكا دون سواها، أي انهم جميعاً، يخوضون حروب الشياطين!