الرئيس أبو مازن يصلي للسلام في الفاتيكان، والصلاة للسلام هي نفسها صلاة لقيامة فلسطين، لميلاد دولتها، لتحقيق هذه الدولة فعلياً على أرض الواقع بعد كل تلك العقود من الانكار والعدوان والمآسي المستمرة.
كان قداسة البابا فرنسيس الأول، قد زار أرض فلسطين، زار مدينة الميلاد بيت لحم، وقضى ليلة في القدس، مدينة القيامة، وموطن الإسراء والمعراج، وحاضنة المسجد الأقصى، ومن تلك الزيارة انطلقت الدعوة للرئيس أبو مازن والرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس ليصليا في الفاتيكان، لتكتمل هناك الصلوات جميعها، صلوات الأديان الثلاثة من أجل أن يتحقق السلام.
ثمة محطات لا يمكن الرجوع منها إلى الوراء مطلقاً، ومحطة الثامن من حزيران في الفاتيكان هي واحدة من أبرز تلك المحطات، حيث يؤدي الرئيس أبو مازن صلاته بصفته رئيساً لشعبه الفلسطيني، ورئيساً لدولته المستقلة وهي الدولة الفلسطينية التي تستحق وجودها من خلال تشبث شعبها بحقه رغم كل الفواجع، ومساهمته العميقة في صنع السلام، وقدرته التي تثير أكبر قدر من الاحترام بالالتزام بتنفيذ كل الاستحقاقات المطلوبة منه أمام المجتمع الدولي، وتأكيده العظيم على أن استكمال قيام دولة فلسطين هي مصلحة عليا من الطراز الأول للجميع، فمن خلال قيام دولة فلسطين تمحى الخطيئة الكبرى التي ارتكبت بحق شعبنا الفلسطيني في منتصف القرن الماضي قبل ست وستين سنة، وهو اليوم المعروف بالنكبة، ومن خلال قيام دولة فلسطين يلتئم في قلب هذه المنطقة، منطقة الشرق الأوسط جرح بالغ انبعثت من عمقه حروب وويلات وآلام كثيرة، وينتصر الحق لأن الحق يجب أن ينتصر، ويتراجع تجار الحروب والكوارث ليحل السلام.
إنها لحظة مهمة في حياتنا، وحياة هذه المنطقة والعالم، فنحن لا نطرح المستحيلات، ولا نتحجج بالخرافات وتحدثنا بلغة لا يسد أحد أذنيه ضدها إلا إذا كان كارها للحق والعدل والسلام، أما دعوات الإرهاب والعربدة التي يصرخ بها وزراء وقادة أحزاب في حكومة نتنياهو، فهؤلاء ليسوا أول الصارخين الذين يكذبون على أنفسهم ويهربون من قوة الحقائق إلى كهوف الأساطير المزيفة والخرافات البائدة، وأوهام القوة المتغيرة في الزمان والمكان.
الرئيس أبو مازن يصلي للسلام في الفاتيكان، باسم شعبه، يصلي لأجل عدالة قضية شعبه، ونحن معه نصلي من أجل السلام العادل الشامل الذي يخلصنا من ويلات الاحتلال، ومن كل آثار الانقسام وكل مكابدات الحقد والانفصام، من أجل أن يتجسد حقنا، ويصعد نص عدالتنا، وتصبح فلسطين كما أرادها الله أن تكون قبلة للسلام.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها