من هم المتطرفون الاسرائيليون اليهود الذين هاجموا قبل ايام قليلة مسجد ابو بكر الصديق في مدينة ام الفحم «عاصمة المثلث» والحقوا اضرارا بواجهة المسجد, وكتبوا شعارات عنصرية معادية على الجدران؟
والجواب بالنسبة لشعبنا الفلسطيني معروف, انهم جماعة «تدفيع الثمن» وهي واحدة من اذرع الاستيطان الاسرائيلي الارهابية, التي تعمل ليل نهار في جميع انحاء الضفة الغربية للاعتداء عن الفلسطينيين اصحاب الارض الاصليين, وترويعهم وضرب اولادهم وهم ذاهبون الى مدارسهم, واحراق سياراتهم, واحراق مساجدهم الصغيرة في القرى احتجاجا على صوت الآذا ن عند الفجر, وهذه الجماعة واحدة من اذرع الاستيطان اليهودي, وهو استيطان يكره الزيتون فيعدم اشجاره, ويكره الفلسطينيين فينهدم بيوتهم, ويعتدي على اطفالهم ويهاجم مزارعهم وحظائر اغنامهم ومواشيهم ويواجه مظاهراتهم السلمية بالحديد والنار.
واذرع الاستيطان هذه محمية بالجيش الاسرائيلي الذي رفض قادته مرات عديدة حتى تنفيذ احكام صادرة عن المحكمة الاسرائيلية العليا باخلاء بعض قطع الارض او البؤر الاستيطانية غير الشرعية بموجب القانون الاسرائيلي كما انها محمية بالشرطة الاسرائيلية التي اذا تحركت فلكي تحميهم من الفلسطينيين المعتدى عليهم, او تتظاهر بانها تفض الاشتباك بين هذه الجماعات الارهابية اليهودية والفلسطينيين الذين يدافعون عن تفاصيل حياتهم وبقائهم في ارضهم !!! بل ان هذه الجماعات الارهابية غالبا ما تكون محمية مباشرة بوزراء من حكومة نتنياهو حين يذهب هؤلاء الوزراء علنا على رأس المهاجمين للاقصى وباحاته.
لو نظرنا بعمق الى سلوك هذه الجماعات الارهابية, جماعات المستوطنين, سنكتشف بوضوح انها تتحرك وفقا لأجندة سياسية تطلقها الحكومة الاسرائيلية, بينما يبدو الامر ظاهريا كما لو ان هذه الجماعات تتحرك عشوائيا، وفي مستوطنة يتسهار جنوب نابلس اشتبكت هذه المجموعات الارهابية مع الجيش الاسرائيلي نفسه, وخرجت تصريحات متوترة من وزير الدفاع الجنرال يعلون, ولكنها تصريحات زائفة, فكيف يقف على راسهم ويشجعهم بالصباح ثم يستنكر افعالهم في المساء؟ انها لعبة مكشوفة, وكيف نبرر ذهاب هذه الجماعات الارهابية الى ام الفحم بعيدا عن تصريحات ليبرمان الاخيرة عن تبادل الاراضي والسكان؟ مجمل القول إن الاستيطان ابتداء من القدس وحتى اصغر قرية في شمال نابلس وجنوب الخليل له اجندة سياسية يتحرك على اساسها, وله خارطة سياسية ينفذها بالتدريج, ولذلك تتحطم كل المفاوضات دائما عل صخرة هذا الاستيطان اليهودي, لأن هذا الاستيطان لا يريد ان يتوقف, وتأتي المفاوضات لتدور حول نفسها, لتحرق الوقت, ذلك ان هذا الاستيطان الذي لا يدفع اي ثمن ولا يتكبد اية خسائر, يكاد يصبح حالة مستقلة, مؤسسة كبرى توازي الحكومة الاسرائيلية نفسها وان من يحكمون اسرائيل لكي يظلوا في اي حكومة فيجب عليهم ان يكونوا خدما بالمطلق لهذا الاستيطان وليس اي شيء آخر.
المقاومة الشعبية السلمية في فلسطين اذا بقيت على حالها رسما بلا مسمى, وضجيجا بلا فعل, وعناوين بلا تفاصيل واقية, فان الاستيطان سوف يتوحش اكثر, وسوف تصبح الحكومة التي تتفاوض معها مجرد وسيط لا اكثر ولا اقل.
من اجل هذا اصلا خططت اسرائيل للانقسام, وهيأت له ظروفه الموضوعية ولذلك فان هذا الانقسام من العار ان يبقى, ومن العار ان يظل هو الذي يرفع الفيتو ضد المشروع الوطني الفلسطيني, يجب كسر الدائرة, والخروج الى افق جديد, وايقاع جديد, لانه حتى المكاسب التي حققنا على الصعيد الدولي, سوف تتآكل اذا لم يصاحبها بانوراما موازية لها, تماما مثلما تآكلت المكاسب التي حققناها من اوسلو في السنوات الاولى, فقد جاءت السياسات الاسرائيلية والصراعات الفلسطينية المشبوهة لتأكل كل المكاسب التي لم يعد لها من يحميها ويتقدم بها الى الامام.